حدد الإمام الحسين (عليه السلام) اهداف ثورته الإصلاحية الخالدة بعدد من المحاور الأساسية المهمة والتي لخصها (عليه السلام) بقوله :
( اللّهمَّ إنَّكَ تَعْلَمُ أنّهُ لَمْ يَكُنْ ما كانَ مِنّا تَنافُساً في سُلْطان ، وَلا التماساً مِنْ فُضول الحُطام ، ولكنْ لِنُرِيَ المَعالِم مِنْ دينِكَ ، ونُظْهِرَ الإصلاحَ في بِلادِكَ ، ويَأمَنَ المَظْلومونَ مِنْ عِبادِكَ ، وَيُعْمَلُ بِفَرائِضِكَ وَ سُنَنكَ وَأحْكامِكَ...)(*) .
وبهذا الخطاب يرد الإمام الحسين (عليه السلام) على الشبهة التي أثارها الأمويين ومن تبعهم في كل زمان ومكان والذي حاولوا إظهار الإمام بمظهر الطامع في سلطان الدنيا وزخرفها لتشويه هدفه العظيم والنبيل من ثورته الإصلاحية الفريدة..
ويبين الإمام الحسين (عليه السلام) أن أهم وأبرز أهداف نهضته الإصلاحية هو إستنقاذ الإسلام والمسلمين من أيادي الأمويين الذين شوهوا معالم الدين ، وافرغوا محتواه في نفوس أغلب المجتمع المسلم ، من خلال سيرتهم القيصرية الكسروية في الحكم والتسلط على رقاب المسلمين بالقوة والترهيب ، وقمع كل صوت رافض لتلك الممارسات القمعية والانفلاتية..
ولذلك كان هدف الإمام هو إصلاح حال البلاد والعباد في بلاد الإسلام ، وإنهاء مظاهر الفساد والإفساد التي قصمت ظهر الدولة الإسلامية بعد أن أصبحت أسيرة لنزوات الأمويين واهوائهم المريضة وشهواتهم الجامحة ، ولم يكن طريق الإصلاح معبدا بالورود والسلام وإنما بالجهاد والدماء والتضحية بالغالي والنفيس في سبيل تلك الأهداف الرسالية العظيمة..
ومن الأسباب الأخرى للثورة الحسينية هي مواجهة الطغيان الأموي ، وتهديد حكامه وجلاوزتهم لأرواح الناس وأمنهم ، ونشر الولاة والحكام الظالمين وجلاوزتهم في أنحاء البلاد الإسلامية لبث الخوف والرعب في نفوس الناس ، وقمع اي محاولة لمواجهة الطغيان والظلم الأموي حتى بأبسط معالم ومظاهر الرفض وهو الاستنكار القلبي ، وهو ما أوصل المجتمع إلى مرحلة متسافلة من الاستسلام والخنوع والخضوع للسلطة الأموية والانقياد إلى الطاعة والتسليم التام لها..
أما زبدة أهداف النهضة الحسينية ؛ فقد حددها الإمام بثلاث مفاصل مهمة في أركان الإسلام والمسلمين وهي ؛ أحياء العمل بالمحاور الثلاثة : (الفرائض والسنن والأحكام الشرعية)
بعد أن عطل منها ما عطل، وشوه منها ما شوه، وغير منها ما غير وسط صمت وسكوت الجميع واستسلامهم لتعطيل أحكام الله تعالى ، والعمل بقوانين وتشريعات الجاهلية والروم من قبل الزمرة الأموية الحاكمة ومستشارها سرجون الرومي ..
إزاء تلك المظالم والانحرافات الكثيرة الكبيرة ، ومناشدة المسلمين للإمام للنهوض ، وتعهدهم ووعدهم بالنصرة ، لم يكن أمام سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) مناص من القيام بواجبه وتكليفه بوصفه أمام الأمة الشرعي ، والخروج إلى العراق بجمع من أهل بيته وأصحابه لإعلان الثورة على النظام الأموي والطاغية يزيد بن معاوية ، وإستنقاذ العباد من الجهالة وحيرة الضلالة التي وصلت اليها ووقعت بهما نتيجة السياسة الأموية وممارساتها الإجرامية الهمجية..
(*) تحف العقول: ص 237.