ونحن نعيش الذكرى المائة لثورة العشرين الخالدة التي جسدت الروح الوطنية العراقية الرافضة للأحتلال والداعية للأستقلال التام ..في هذا التوقيت استنكرت جبهة الانقاذ والتنمية، يوم الاربعاء 1-7-2020 في بيان لها ، تدعي فيه "الإساءة والتشويه" للنيل من احد رموز ثورة العشرين.وتقول في بيانها (أنها تستذكر بكثير من الفخر والاعتزاز الذكرى المئوية لثورة العشرين التي انطلقت من الموصل وتحديدا من قضاء تلعفر لتنمو وتنتشر على الأرض العراقية من الشمال إلى الجنوب، ولتكتسب هويتها الوطنية المعادية للاحتلال البريطاني وما يمثله من اعتداء وقمع وتسلط على إنسان هذه الأرض).مبينة ان رمز ثورة العشرين وأحد أبطالها الميامين هو الشيخ ضاري المحمود، وهو من أردى الكولونيل ليجمان قتيلا انتصارا لقيمه العربية الأصيلة، ورفضا للتسلط وسوء التعامل التي واجهه بها.
ولتسليط الضوء على جوانب من هذا السفر الخلد دون لوي عنق الحقائق وتشوية التاريخ ..ووضع الوقائع التاريخية في مكانها فأن ثورة العشرين انطلقت من مدينة الرميثة في الفرات الأوسط.ففي 30 حزيران عام 1920م بدأت الثورة بهجوم شنه أبناء عشيرة ( الظوالم ) على مخفر شرطة الرميثية لإطلاق سراح شيخهم ( شعلان أبو الجون ) بقيادة الشيخ غثيث آل حاجم و اقتحام المخفر وفتح أبواب المعتقل بالقوة وأطلاق سراح الشيخ شعلان أبو الجون منه.وقد قام الجيش البريطاني بملاحقة الثوار وإرسال قوة عسكرية عدد أفرادها مائة جندي بهدف ملاحقتهم وقتلهم وإعادة الشيخ شعلان إلى المعتقل، لكن تلك القوة أُبيدت عن بكرة أبيها على أيدي الثوار من عشيرة البوحسان والظوالم ولم يبقَ منها سوى قائدها
ورغم أن هذه المنطقة تمثل العراق التاريخي وأن أهلها هم الذين ساهموا في تأسيس العراق الحديث إلا أنها لا تزال الأفقر في العراق وستبقى تمثل الضمير الوطني العراقي وتبقى متمسكة بالوحدة الوطنية العراقية رغم الإهمال والتهميش الذي لن يطول بفضل الوعي والحس الوطني الذي يتمتع به أهلها.
ان السبب في نجاح ثورة العشرين هو عدم وجود قيادات سياسية ما تدخلت بشكل أو بأخر بثورة العشرين ، ولم تكن الطائفية السياسية طافية بشكل واضح على المشهد المجتمعي العراقي ، وكما هي عادة من يزورون التاريخ ....لعب نظام الطاغية المقبور.. كعادته بقلب الحقائق واللعب على أوتار الطائفية فأنتج فيلم المسالة الكبرى عام 1983 ومثل الفلم جمع من العراقيين وممثلين أجانب وكلف 24 مليون دولار أمريكي وعُرض الفيلم في التلفزيون وبعض دور العرض وفي المحافظات برعاية الجهات الرسمية. وعندما عُرض الفيلم في محافظة المثنى موطن الثورة ودعي لمشاهدته شيوخ ووجهاء المحافظة.. وبعد مشاهدة الفيلم، وجدوا أنه غيّب الأحداث والشخصيات الفاعلة بالثورة، وركز على الأحداث والشخصيات الثانوية. وتحريف مكان حادثة القطار من محطة السوير الى منطقة خان ضاري.. فتأثر المشاهدون كثيراً واعتبروا ذلك تشويه وتضييع الجهود والدماء التي أريقت وروت التراب الطاهر في تلك الثورة ، فوقف أحد مشاهدي الفيلم وهوّس قائلاً:
لون شعلان يدري إنباگت الثورة..
چا فج التراب وطلع من گبره..
هنا.. هنا.. هنا بالسويب المسألة الكبرى..
إسأل ذوله كلها أيتام من العشرين
وردد الجميع بحماس تلك الهوسة المعبرة، وبصوت عالي وبحركة دائرية رافضين أي نقص أو زيادة أحداثنا الوطنية أو إهمال ذكر الشخصيات الفاعلة في ثورة العشرين.
وبعد أن علمت الجهات الرسمية بما حدث من رفض لفيلم المسألة الكبرى ..اوعزوا بإيقاف عرض الفيلم. وهكذا فعلت تلك الأهزوجة المختصرة وحققت المطلوب، وهذه قدرة العراقيين للتعبير عن رفضهم لكل تغيير أو تشويه للأحداث الوطنية.
مما تقدم يتضح لنا جليا أن ثورة العشرين كانت حصيلة جهاد شعب عراقي بكامله بكافة طوائفه ، وأهم منجزاتها هو قيام المملكة العراقية بعد ذلك.
تحية إجلال وإكبار لشهداء الثورة الخالدة وتعسا لمن يريد أن يصادر تضحيات القادة الحقيقيون ..وستبقى ثورة العشرين فنار لكل الأحرار عبر التاريخ .