سبحان مغير الاحوال من قوة وتماسك وتعاون وتطغى روح المودة وتسود أواصر المحبة على الاخلاق العامة للشعب وتذوب كل الاختلافات كما تذوب الثلوج في فصل الربيع هكذا كان الشعب العراقي قديما, وتناقلت الحكايات من السلف الماضي ان اكثر ابناء الشعب كانوا متعاونون على البر والتقوى والمساعدة هي الفيصل الذي يجمعهم في السراء والضراء , ولايختلف الامر ان التزاور والسؤال عما لايحضر مكان التجمع اليومي البسيط لابناء المحلة لذلك يعزم الجميع لزيارته لعله اصاب بوكعة صحية او ظرف منعه من الالتقاء بهم ,هكذا كان الناس متحابين لله تربطهم روابط الدين والجورة والصدق , لهذا منى الله عليهم بالاجواء والمناخات الجميلة وابعدهم من امراض العصر والتي لم نسمع بها الا في ايامنا هذه , لايوجد في قلوب الناس قديما غير النية البيضاء والطيبة والكرم , وحينما ذهبت كل معالم الخير ورفعت البركة وغاب الوفاء رحلت معها كل التغيرات المناخية والاجواء الجميلة واصبنا من جراء ذلك بحروب متواصلة فقدنا بها احبائنا وانتهبت ثرواتنا وتمزقة العلاقات العائلية , وسادة امراض العصر بمختلف مسمياتها بسبب أسلوب الحياة غير الصحية التي باتت سمة مميزة في المجتمعات الحضرية وتوارت الى مسامعنا انواع من الامراض لم تكن موجودة في السابق ومن الجانب الاخر انتشرت الجريمة بين اوساط المجتمع وزدادت حالات الاغتصاب والقتل والاختطاف ولم تتوقف عند هذا الحد بل جاز لي ان اقول اصبحت الجريمة عنوان وفن مخطط قبل البدء بتنفيذها , هذا ماجنيناه من سوء اعمالنا وصدق البارىء عز وجل لقوله تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ) البقرة 155 , مايهمني من الامر اقف واستذكر الحاضر المميت بكل طياته وجوانبه فلم تبصر عيني النور لكل معطيات الواقع والاحداث وهو عبارة عن شريط لايمحى من الذاكرة ولايهمل ان يلقى في رفوف النسيان للتخلص من احداث جسيمه قسمت المجتمع الى فئات متناحرة بل تصل بعض الاحيان الى التكفير في معتقداتهم وافكارهم ومن جراء ذلك فقدنا ابسط الثقافات العامة كعنوان يتحلى بها الشعب في ارائه وافكاره وممارسته اليومية كونها تشكل ثقافة تنهض بواقع الفرد للتعبير عن اي حالة سلبية للتشخيص دون المساس بالاطار العام لحياة الناس ومعتقداتهم , مايحدث اليوم في المجتمع العراقي من التصدع والانقسام والتسقيط وانتشار الدعاية واخضاع العقل العراقي الى حالة التشكيك في الكثير من الامور الواقعية حتى بدأ الانقلاب على النفس وفقدان الثقة والانجرار خلف الشبهات والاعلام المضلل , وقد شخص الدكتور علي الوردي رحمه الله هذه الحالة وذكرها في عدة من كتبه وقال (إن الشعب العراقي منشق على نفسه وفيه من الصراع القبلي والطائفي والقومي أكثر مما في أي شعب عربي آخر . وليس هناك طريقة لعلاج هذا الانشقاق أجدى من تطبيق النظام الديمقراطي فيه، حيث يتاح لكل فئة منه أن تشارك في الحكم حسب نسبتها العددية , واضاف الدكتور الوردي ايضا بعض العلاجات الناجحة في تشخيص الظواهر في المجتمع العراقي قبل خمسين عاما حينما قال (بان على العراقيين ان يغيروا انفسهم ويصلحوا عقولهم قبل البدء بإصلاح المجتمع، لان التجارب القاسية التي مر بها الشعب العراقي علمته دروسا بليغة، فاذا لم يتعظ بها فسوف يصاب بتجارب اقسى منها.!) لااجد لهذه الجملة النقية والتي يجب ان تكتب بماء الذهب وتعلق في الساحات العامة ليرتوي منها ابناء الشعب ويقف امامها للاستخلاص العبر في خوض غمار المستقبل , بل العكس اليوم ان هنالك تظاهرات قسمت الشعب الى مؤيد متشدد والى رافض مكره وبدأ الصراع بين الاثنين , وانعكس ذلك على المستوى العائلي ولم تخلوا آسره عراقية من الفتنة والاختلاف ايضا واصاب الشلل وسوء العلاقات الانسانية جراء ذلك الاختلاف , وفي الايام الماضية سمعنا على المستوى العام حول الهجمة الشرسة على رواتب وسجناء رفحاء بهذه المبالغة والتركيز يوميا عليها في الاعلام , انا مع التقنين وارفض الرواتب المزدوجة والرواتب الخيالية سواءا يتقاضاه السجناء او محتجزي رفحاء ,لكني اجد قبل اثارة اي موضوع لزاما علينا ان نكون في طرحنا منصفين لا نغض النظر من جانب , واخر نكيل له الصاع صاعين لهذا انقسم الشارع الى نصفين كل نصف يكفر الاخر ويتهمه بإوصاوف ما انزل الله بها وربما لو اتيحت لهم ساحة المنازلة للتعبير عن ارائهم لاصبحة مذبحة شبيها بمذبحة الوهابيين لكربلاء عام 1882م التي راح ضحيتها المئات من الابرياء ,ومن الزاوية الاخرى نغض ابصارنا ونخرس ألسنتنا عن رواتب الاجهزة القمعية وفدائيوا صدام ومجرمي النظام السابق , الاجدر بنا ان نذكرهم بالترتيب وحسب قوة تدميرهم وافعالهم وماقموا به الاجهزة الامنية الصدامية اكثر تضررا وايذائا ً للشعب العراقي والان بدؤا يعاودون الى مؤسساتهم نتيجة هذا الضعف والاختلاف الذي ولدَ مساحة كبيرة من الفرقة استغلها اعداء العراق للتغلغل ,