للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الباقر عليه السلام : من قرأ وأكثر من قراءة القارعة امنه الله من فتنة الدجال ان يؤمن به ومن فيح جهنم فيح جهنم يوم القيامة .
بسم الله الرحمن الرحيم
الْقَارِعَةُ{1}
تستهل السورة الشريفة ( الْقَارِعَةُ ) , القيامة , وسميت بالقارعة لأنها تقرع القلوب فزعا ورعبا .
مَا الْقَارِعَةُ{2}
تستمر الآية الكريمة ( مَا الْقَارِعَةُ ) , أي شيء هي القارعة ! , تعظيما لشأنها , وتهويلا لأمرها .
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ{3}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ) , وما اعلمك بالقارعة يا محمد "ص واله" , لمزيد من التهويل والتعظيم لشأنها وامرها .
يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ{4}
تبين الآية الكريمة شيئا عما يجري فيها ( يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ) , يومها يكون الناس في كثرتهم وانتشارهم وذلتهم وحيرتهم واضطرابهم كالفراش "او الجراد" يموج بعضه في بعض .
وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ{5}
تضيف الآية الكريمة ( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ) , اما الجبال يومها تكون كالصوف المندوف , متفرق الاجزاء , متطاير في الجو .
فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ{6}
تبين الآية الكريمة حال الناس فيها , وهم فئتين , الاولى : ( فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ) , من ثقلت موازين اعماله بالحسنات والاعمال الصالحة النافعة , ورجحت على كفة سيئاته .
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ{7}
تضيف الآية الكريمة ( فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ) , فمن ثقلت موازين اعماله ورجحت , يعيش فيها عيشا هنيئا في الجنة , يرضى به عن ثوابه واجره ومنزلته التي اكتسبها بإيمانه واعماله في الدنيا .
وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ{8}
تبين الآية الكريمة حال الفئة الاخرى ( وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ) , من خفت موازين اعماله , ورجحت كفة السيئات على كفة حسناته .
فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ{9}
تضيف الآية الكريمة ( فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ) , فيكون مأواه الى الهاوية "النار" , او يأوي الى الهاوية كما يأوي الولد الى امه , او قيل ان سقوطه في الهاوية على ام رأسه .
وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ{10}
تستمر الآية الكريمة متسائلة ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ) , وما ادراك يا محمد "ص واله" ما الهاوية ؟ ! , السؤال وان كان موجها الى الرسول الكريم محمد "ص واله" الى انه يعمم الى كل من طرق مسامعه .
نَارٌ حَامِيَةٌ{11}
تختتم الآية الكريمة معرفة الهاوية ( نَارٌ حَامِيَةٌ ) , شديدة الحرارة .
سورة التكاثر الشريفة
للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الصادق عليه السلام : من قرأ سورة الهيكم التكاثر في فريضة كتب الله له اجر مئة شهيد ومن قرأها في نافلة كتب له اجر خمسين شهيدا وصلى معه في فريضة اربعون صفا من الملائكة .
بسم الله الرحمن الرحيم
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ{1}
تستهل السورة الشريفة ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ) , شغلكم عن ذكر الله تعالى وطاعته التكاثر بالأولاد والاموال .
حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ{2}
تستمر الآية الكريمة ( حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ) , فيها رأيين :
1- كان من عادات عرب الجاهلية تفاخرهم بكثرة موتاهم , وهو ما اشار اليه الامام علي بن ابي طالب "ع" بعد تلاوته لهذه السورة بقوله : أفبمصارع آبائهم يفخرون أم بعديد الهلكى يتكاثرون قال ولان يكونوا عبرا أحق من أن يكونوا مفتخرا ولان يهبطوا بهم جناب ذلة احجى من أن يقوموا بهم مقام عزة .
2- او أن متم فدفنتم في المقابر , مضيعين دنياكم , التي هي راس اعمالكم , وبها تضيع اخرتكم , وعبّر عن الدفن في المقابر بالزيارة , لأنها تدوم او لاقتراب موعد البعث , ورد عن النبي صلى الله عليه وآله ما يدل على هذا المعنى , حيث روي إنه "ص واله" قرأ ألهيكم التكاثر فقال : تكاثر الاموال جمعها من غير حقها وشدها في الاوعية حتى زرتم المقابر حتى دخلتم قبوركم .
كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ{3}
تستمر الآية الكريمة رادعة ( كَلَّا ) , ردع عن التفاخر بالكثرة وعدم اخذ العبرة والاتعاظ , ( سَوْفَ تَعْلَمُونَ ) , سوف تعلمون ان الدار الاخرة خير لكم من الدنيا , لكن ذلك بعد دخولكم القبور .
ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ{4}
تنعطف الآية الكريمة بحرف يفيد التراخي ( ثُمَّ ) , يعقبه تكرار الردع ( كَلَّا ) , وتكرار ( سَوْفَ تَعْلَمُونَ ) , لمزيد من التأكيد , فسوف تعلمون سوء عاقبتكم , او ان الاولى الانتقال من الحياة الى القبر , والثانية تمثل الخروج من القبر الى المحشر .
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ{5}
تستمر الآية الكريمة رادعة ( كَلَّا ) , ردع اخر , ( لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ) , لو تعلمون عاقبة تفاخركم بالكثرة والتكاثر علما يقينيا لما شغلكم او اشتغلتم به , يرى بعض اصحاب الرأي , ان ذلك يكون عند نصب الصراط بين جسري جهنم .
( عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى وتعلمون علم اليقين قال المعاينة ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ{6}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ) , في ذلك الحين وفي ذلك الموقف , لتبصرن النار ماثلة امامكم .
ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ{7}
تستمر الآية الكريمة ( ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ) , ثم لتبصرن النار عيانا , لعل ذلك حين ورودها , او قبله بقليل .
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ{8}
تختتم الآية الكريمة ( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) , عند رؤيتها عن كل انواع النعيم .
( قال رسول الله صلى الله عليه وآله كل نعيم مسؤول عنه صاحبه إلا ماكان في غزو أو حج .
عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث أن النعيم الذي يسئل عنه رسول الله صلى الله عليه وآله ومن حل محله من أصفياء الله فان الله أنعم بهم على من اتبعهم من أوليائهم .
عن خمس عن شبع البطون وبارد الشراب ولذة النوم وظلال المساكن واعتدال الخلق .
عن الصادق عليه السلام قال من ذكر اسم الله على الطعام لم يسئل عن نعيم ذلك الطعام .
عن الصادق عليه السلام أنه سأله أبو حنيفة عن هذه الاية فقال له ما النعيم عندك يا نعمان قال القوت من الطعام والماء البارد فقال لئن اوقفك الله يوم القيامة بين يديه حتى يسألك عن كل أكلة أكلتها أو شربة شربتها ليطولن وقوفك بين يديه قال فما النعيم جعلت فداك فقال نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله بنا على العباد وبنا إيتلفوا بعد أن كانوا مختلفين وبنا ألف الله بين قلوبهم وجعلهم إخوانا بعد ان كانوا أعداء وبنا هداهم الله للاسلام وهو النعمة التي لا تنقطع والله سائلهم عن حق النعيم الذي أنعم به عليهم وهو النبي صلى الله عليه وآله وعترته عليهم السلام .
وفي رواية انه عليه السلام قال له بلغني انك تفسر النعيم في هذه الاية بالطعام والطيب والماء البارد في اليوم الصائف قال نعم قال لو دعاك رجل وأطعمك طعاما طيبا وسقاك ماءا باردا ثم امتن عليك به إلى ما كنت تنسبه قال إلى البخل قال أفيبخل الله تعالى قال فما هو قال حبنا أهل البيت .
عنهما عليهما السلام هو الامن والصحة .
عن الصادق عليه السلام قال ثلاثة لا يحاسب العبد المؤمن عليهن طعام يأكله وثوب يلبسه وزوجة صالحة تعاونه وتحصن بها فرجه وفي رواية قال ان الله أكرم من أن يسأل مؤمنا عن أكله وشربه .
عن الرضا عليه السلام قال ليس في الدنيا نعيم حقيقي فقال له بعض الفقهاء ممن حضره فيقول الله تعالى ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم أما هذا النعيم في الدنيا وهو الماء البارد فقال له الرضا عليه السلام وعلا صوته كذا فسرتموه أنتم وجعلتموه على ضروب فقالت طائفة هو الماء البارد وقال غيرهم هو الطعام الطيب وقال آخرون هو طيب النوم ولقد حدثني أبي عن أبيه عن أبي عبد الله إن أقوالكم هذه ذكرت عنده في قول الله عز وجل ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم فغضب وقال إن الله عز وجل لا يسأل عباده عما تفضل عليهم بذلك ولا يمن بذلك عليهم والامتنان بالانعام مستقبح من المخلوقين فكيف يضاف إلى الخالق عز وجل ما لا يرضى المخلوق به ولكن النعيم حبنا أهل البيت وموالاتنا يسأل الله عنه بعد التوحيد والنبوة لان العبد إذا وفى بذلك أداه إلى نعيم الجنة الذي لا يزول ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .