للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الصادق عليه السلام : لا تملوا من قراءة إذا زلزلت الارض فان من كانت قراءته في نوافله لم يصبه الله بزلزلة أبدا ولم يمت بها ولا بصاعقة ولا بآفة من آفات الدنيا فإذا مات امر به إلى الجنة فيقول الله عز وجل عبدي ابحتك جنتي فاسكن منها حيث شئت وهويت لا ممنوعا ولا مدفوعا .
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا{1}
تستهل السورة الشريفة ( إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ ) , حركت واضطربت ورجّت , ( زِلْزَالَهَا ) , اضطرابها ورجّتها الشديدة .
وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا{2}
تستمر الآية الكريمة ( وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ) , وأخرجت ما في باطنها من الاموات والكنوز والاسرار , وذلك بعد الزلزال .
وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا{3}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا ) , يرى اغلب المفسرين , ان الناس من شدة وهول الفزع يتساءلون "ماذا يجري ؟ , ماذا يحدث ؟ " , لكن الناس يفترض بهم انهم اموات ذلك الحين , لم يبعثوا بعد , او ان يكون تساءلهم ذاك بعد بعثهم او قبل النفخة الاولى , اما الانسان هنا فيختلف المفسرون بشأنه ايضا , فمنهم من يرى :
1- انه الكافر , فيقول { قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا }يس52 , اما المؤمن فيقول حينها { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ }يس52.
2- او انه عام , يشمل المؤمن والكافر , من جهة التعجب والذهول لرؤية ما يحدث .
3- عن الباقر عليه السلام إنه قرأت هذه السورة عند أمير المؤمنين عليه السلام فقال انا الانسان واياي تحدث أخبارها . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا{4}
تضيف الآية الكريمة ( يَوْمَئِذٍ ) , ذلك الحين , ( تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) , تخبر بما جرى عليها من خير وشر .
( جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله قال أتدرون ما أخبارها قالوا الله ورسوله اعلم قال أخبارها أن تشهد على كل عبد وامة بما عمله على ظهرها تقول عمل كذا وكذا ويوم كذا فهذا أخبارها ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا{5}
تستمر الآية الكريمة ( بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ) , وتخبر ايضا بان الله تعالى امرها بذلك .
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ{6}
تضيف الآية الكريمة ( يَوْمَئِذٍ ) , ذلك الحين , ( يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً ) , يرجع الناس من موقف الحساب متفرقين , اهل الايمان في جانب , واهل الكفر في جانب اخر .
فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ{7}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) , فمن يعمل خيرا مهما كان صغيرا وقليلا , يرى ثوابه واجره .
وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ{8}
تختتم الآية الكريمة ( وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ) , ومن يعمل من الشر ولو بالمقدار القليل , فأنه يرى عقابه .
( عن علي عليه السلام قيل هي أحكم آية في القرآن وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يسميها الجامعة .
عن الباقر عليه السلام في هذه الآية فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره قال يقول إن كان من أهل النار وقد كان عمل في الدنيا مثقال ذرة خيرا يره يوم القيامة حسرة انه كان عمله لغير الله ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره قال يقول إن كان من أهل الجنة عمل شرا يرى ذلك الشر يوم القيامة ثم غفر له ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
سورة العاديات الشريفة
للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الصادق عليه السلام : من قرأ سورة العاديات وادمن قراءتها بعثه الله عز وجل مع امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه يوم القيامة خاصة وكان في حجره ورفقائه ان شاء الله تعالى .
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً{1}
تستهل السورة الشريفة بقسم ( وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً ) , يقسم الباري جل وعلا بالخيل او الابل تغدو الى الغزو , والضبح هو صوت انفاسها عند العدو "الجري" , او هو صوت اجوافها .
( عن علي عليه السلام هي الابل حين ذهب إلى غزوة بدر تمد أعناقها في السير فهي تضبح أي تضبع .
وعنه عليه السلام هي الابل من عرفة إلى مزدلفة ومن مزدلفة إلى منى ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً{2}
تضيف الآية الكريمة ( فَالْمُورِيَاتِ ) , كانت الخيل توري النار , ( قَدْحاً ) , بحوافرها اذا وطأت الحجارة , وكانت ارضا حجرية , ذلك يرى بوضوح في الليل , حيث من سرعتها وانطلاقها على ارض حجرية , تقدح الحجارة من تحت حوافرها , فيرى ذلك بوضوح , اما في النهار , فلا يكاد يرى ذلك , في هذا الامر تأكيد على ان تلك الواقعة جرت في الليل .
فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً{3}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً ) , أي ان اصحاب الخيل تحركوا ليلا , واغاروا صبحا على العدو .
فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً{4}
تستمر الآية الكريمة ( فَأَثَرْنَ ) , هيجن , ( بِهِ ) , بمكان العدو , ( نَقْعاً ) , غبارا بسبب عدوهن .
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً{5}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً ) , فتوسطن جموع الاعداء , ما يعني الاحاطة بهم ومحاصرتهم .
إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ{6}
تقرر الآية الكريمة ( إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) , ان الانسان كفور او جحود لنعم الله تعالى .
( عن النبي صلى الله عليه وآله قال أتدرون من الكنود قالوا الله ورسوله اعلم قال الكنود الذي يأكل وحده ويمنع رفده ويضرب عبده ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ{7}
تقرر الآية الكريمة ايضا ( وَإِنَّهُ ) , أي الانسان , ( عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ) , يشهد على نفسه بكنوده , او ان الله تعالى شهيد على كنود الانسان .
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ{8}
تستمر الآية الكريمة مقررة ( وَإِنَّهُ ) , الانسان , ( لِحُبِّ الْخَيْرِ ) , المال او الحياة , ( لَشَدِيدٌ ) , لبخيل , او هي بيانا لشدة حبه للمال او حرصه على الحياة .
أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ{9}
تستمر الآية الكريمة ( أَفَلَا يَعْلَمُ ) , الانسان , ( إِذَا بُعْثِرَ ) , بعث واخرج , ( مَا فِي الْقُبُورِ ) , من الاموات .
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ{10}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ) , وظهر وبرز ما اضمر في القلوب من الايمان او الكفر .
إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ{11}
تختتم الآية الكريمة مقررة ( إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ ) , انه جل وعلا عليم خبير بما اضمروا , فيجازيهم به .
مسألة العاديات مسألة مشهورة , نظرا لطولها احجمنا عن ذكر تفاصيلها , الا من خبر موجز يرويه الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ج5 "عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه السورة قال وجه رسول الله صلى الله عليه وآله عمر بن الخطاب في سرية فرجع منهزما يجبن أصحابه ويجبنونه فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام أنت صاحب القوم فهيئ أنت ومن تريد من فرسان المهاجرين والانصار فوجه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له اسكن النهار وسر الليل ولا تفارقك العين قال فانتهى علي عليه السلام إلى ما أمره رسول الله صلى الله عليه وآله فسار إليهم فلما كان عند وجه الصبح اغار عليهم فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله والعاديات إلى آخرها " .