تأملات في القران الكريم ح451 سورة الغاشية الشريفة /حيدر الحدراوي

الاربعاء - 15/04/2020 - 20:40

بسم الله الرحمن الرحيم
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ{1} 
تستهل السورة الشريفة مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ) , الغاشية هي الداهية التي تغشى الناس بشدائدها , وهنا تعني القيامة . 
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ{2} 
تستمر الآية الكريمة ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ) , الوجوه فيها ذليلة , وهنا الوجوه لا تعني الوجوه , بل قد تعني الذوات . 
عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ{3} 
تستمر الآية الكريمة ( عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ) , مجهدة , متعبة مقيدة بالسلاسل والأغلال . 
تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً{4} 
تضيف الآية الكريمة ( تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً ) , تدخل او تصيبها نار شديدة , متناهية في حرارتها . 
تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ{5} 
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ) , يسقون من عين بالغة الحرارة . 
لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ{6} 
تستمر الآية الكريمة ( لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ ) , الضريع نوع من الشوك , ترفض الدواب ان ترعى منه . 
لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ{7} 
تضيف الآية الكريمة ( لَا يُسْمِنُ ) , هذا الضريع لا يحقق السمنة المترتبة او المرجوة من اكله , ( وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ ) , ولا يسد الجوع . 
( عن النبي صلى الله عليه وآله الضريع شيء يكون في النار يشبه الشوك أمر من الصبر وأنتن من الجيفة وأشد حرا من النار سماه الله الضريع . 
و عنه صلى الله عليه وآله عن جبرئيل لو أن قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" . 
كل ما تقدم يخض الكفار والمنافقين .
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ{8} 
تنتقل الآية الكريمة لتذكر اصحاب الجهة الاخرى يوم القيامة ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ ) , ذات بهجة , حسنة المنظر , تعرف فيها اثار النعيم . 
لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ{9} 
تستمر الآية الكريمة ( لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ) , يرضى الله تعالى عن سعيهم في الدنيا , ويرضوا بما نالوا من الثواب في الاخرة . 
فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ{10} 
تستمر الآية الكريمة ( فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ) , رفيعة الشأن والمكان والمنزلة . 
لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً{11} 
تضيف الآية الكريمة ( لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً ) , الهزل والكذب ... الخ . 
فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ{12} 
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ ) , جارية مستمر جريانها , لا انقطاع له . 
فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ{13} 
تستمر الآية الكريمة ( فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ ) , اسرة رفيعة القدر والمنزلة . 
وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ{14} 
تستمر الآية الكريمة ( وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ ) , الاقداح التي لا عروة لها , موضوعة على حافة العيون . 
وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ{15} 
تضيف الآية الكريمة ( وَنَمَارِقُ ) , البسط او الوسائد , ( مَصْفُوفَةٌ ) , بعضها الى بعض . 
وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ{16} 
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وَزَرَابِيُّ ) , بسط , وقيل ان كل شيء في الجنة له ما يماثله في الدنيا الا الزرابي , لا تعرف لها ماهية في الدنيا , ( مَبْثُوثَةٌ ) , مبسوطة . 
أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ{17} 
تضمنت الآية الكريمة الفاتا الى بديع خلقه جل وعلا ( أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ) , الفاتا وبيانا لبديع خلقه جل وعلا في الابل خصوصا , الابل بالتحديد لأنها المتعارفة لدى قريش والمناطق المحيطة بها , وهم اشد ملامسة بها , وقد امتازت بالكثير من الخواص وعجائب الخلقة , ما لا يكاد يحصر , ومنه على سبيل المثال : 
1- تحملها للعطش . 
2- قدرتها على حمل الاثقال والانطلاق بها الى مسافات بعيدة , فتركز استعمالها في القوافل . 
3- منقادة لمن اقتادها . 
4- ترعى كل ما ينبت , ولا تختص بغذاء معين . 
5- قدرة على تحمل السفر في الصحارى والفيافي والمفاوز . 
6- تأقلمها مع الاجواء "الحر والبرد" . 
7- خفها يمكنها من السير على الرمل دونما عناء او جهد . 
8- رموشها واهدابها تقيها العواصف الرملية . 
وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ{18} 
تستمر الآية الكريمة ملفتة النظر الى السماء ( وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ ) , حيث النجوم والكواكب تزينها ليلا , والشمس تضيء نهارا , الى غير ذلك مما خفي من اسرارها .
وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ{19} 
تعود الآية الكريمة من السماء الى الجبال ( وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ) , رفعت راسخة لا تميل , فتحصل بها ثبات الارض واستقرارها . 
وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ{20} 
تستمر الآية الكريمة ملفتة النظر الى الارض ( وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ) , بسطت ومهدت . 
فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ{21} 
تعود الآية الكريمة الى مخاطبته "ص واله" ( فَذَكِّرْ ) , الكفار بنعم الله تعالى عليهم , ( إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ ) , تقرير , ما انت يا محمد "ص واله" الا مذكر , وما عليك ان لم يذكروا او ينظروا . 
لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ{22} 
تستمر الآية الكريمة ( لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ) , لست عليهم بمسلط او متسلط , او حافظا او كاتبا عليهم , فكل ذلك ليس من شأن الرسل . 
إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ{23} 
تضيف الآية الكريمة ( إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ ) , لكن من اعرض عن الايمان وكفر ببعثتك او بالقران . 
فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ{24} 
تستمر الآية الكريمة ( فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ ) , الشديد الدائم , وهو عذاب الاخرة , اما عذاب الدنيا فيطلق عليه انه العذاب الاصغر . 
إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ{25} 
تقرر الآية الكريمة ( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ) , رجوعهم ومصيرهم الينا . 
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ{26}
تختتم الآية الكريمة ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ) , جزاءهم على اعمالهم .