قال رسول الله صلى الله عليه وآله: “إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي إثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي قيل: يا رسول الله ومن أخوك؟ قال (ص): على بن أبي طالب. قيل فمن ولدك؟ قال (ص): المهدي الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً والذي بعثني بالحق بشيراً لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنوره ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب”- جاء في “فرائد السمطين” آخر ج2 للعلامة الحموينيّ، و”ينابيع المودة” للقندوزي ج3 ص395، و”غاية المرام” للعلاّمة البحرانيّ ص 43 و ص 692و...... الخ.
هناك آيات قرآنية مباركة وأحاديث نبوية شريفة كثيرة تؤكد على وجود الامام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وانه حيّ يرزق وقادم لا محالة لانقاذ البشرية جمعاء من الظلم والطغيان والجبروت والعنف والتزييف والتزوير والتحريف والنهب والدمار وإستباحة المحرمات وإنتهاك المقدسات والتي نشهد جانباً منها في عصرنا الحاضر بتزييف الدين الاسلامي المحمدي الأصيل وتحريفه ببدع فتاوى وعاظ السلاطين وعبدة الدرهم والدينار الذين أباحوا المقدسات وأفتوى بالتفخيخ والتفجير وتكفير الآخر وإستباحة دمه وعرضه وماله ووطنه إستمرارية للنهج الأموي الانحرافي الجاهلي القبلي .
يشهد عصرنا دوامة من المشاكل والصراعات والخلافات الدينية والفتنة الطائفية زرع بذورها الاستكبار العالمي واللوبي الصهيوني بالبترودولار السعودية وأخواتها وسائر الأنظمة الديكتاتورية الموروثية، بهدف بث الفرقة بين أبناء الأمة الاسلامية الواحدة وتصفية الدين المحمدي الأصيل وحماته أتباع أهل بيت الوحي والتنزيل والعصمة والطهارة عليهم السلام، بحروب فتنوية وهابية سلفية تكفيرية دمروا خلالها الأخضر واليابس، والبشر والحجر، والتراث والدين والقيم الانسانية، ورسالة السماء السمحاء؛ فأراقوا دماء الأبرياء، ومزقوا أجساد الأطفال، وصبوا جام حقدهم على الضعفاء حيث اليمن لايزال يشهد حمم إجرامهم بعد العراق وسوريا ولبنان وأفغانستان كذا الحرب على سوريا، فيما نار الحرب الداخلية تطحن في ليبيا والسودان على الهاوية لتنتقل الفتنة الصهيونية - الوهابية الى سائر بلاد المسلمين.
ولد الامام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام مصلح الأمة الكبيرة ومنقذ البشرية الأمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف (محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام) والذي نحتفل هذه الأيام بذكرى مولده المبارك والشريف، في ليلة النصف من شهر شعبان سنة 255 للهجرة المصادف ٢٩ يوليو ٨٦٩ ميلادي، أي قبل 1150 عاماً بمدينة سامراء في العراق - رواه محمد بن يعقوب الكليني ، عن علي بن محمد (كمال الدين : 648|1 ـ 4)؛ وكان سنه عند وفاة أبيه (ع) خمس سنين ،حينما آتاه الله سبحانه الحكم صبياً كما آتاه يحيى (ع) وجعله في حال الطفولة إماماً، كذا عيسى (ع) الذي بعثه نبياً وهو في المهد صبياً.. الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف هو امام عصرنا، وطول غيابه وعمره الطويل لا يثير الدهشة بعد أن نسمع بأشخاص آخرين عمروا طويلاً كالنبي نوح (ع)، وسلمان الفارسي (رض) وكذا النبي خضر (ع) الذي لايزال حياً يرزق.
الاعتقاد بالمنقذ والمصلح الكبير لدى البشرية أمر بدأ منذ أن وطأت أقدام أبونا آدم عليه السلام الأرض وحتى رسالة الخاتم من الانبياء والمرسلين الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ليكشف عنه بصراحة ووضوح لا يدع لأدنى شك لدى العقول البشرية إلا من أعمى الله سبحانه وتعالى قلبه قبل بصره وهو المشهود اليوم في عالمنا الحاضر من الوهابيين والسلفيين والمنافقين والقاسطين والمارقين الذين ساروا على خطى أسلافهم اولئك الذين خططوا ل”سقيفة بني ساعدة” ونفذوها ودعموها.
كرس الحلف التكفيري – الصهيوني المشؤوم العزم كل قواه الاعلامية والدينية بفتاوى الكذب والدجل والنفاق على تكذيب “ظاهرة المهدي (عجل)” خوفاً من أتباع الأمة لنهج أهل البيت عليهم السلام في التصدي للظلم والزور والنفاق والتزوير والاستعمار واكتساح مكتب المقاومة كل الميادين مما سيعكر أجواء سطوتهم وسلبهم سلطتهم وافلاسهم من العبث في مقدرات الأمم وثرواتها ومعتقداتها كون أن “الايمان بالمهدي الموعود (عجل)” هو إيمان برفض الظلم والجور، ومصدر قوة ودفع لا تنضب، وبصيص نور يقاوم اليأس في نفس الانسان، ويحافظ على الأمل المشتعل في صدره مهما ادلهمت الخطوب وتعملق الظلم; وانه يثبت أن العدل قادر كل المقدرة على مواجهة عالم مليئ بالظلم والجور، فيزعزع ما فيه من أركان الظلم مهما تجبر وأمتد في أرجاء العالم وسيطر على مقدراته.. ولا بد أن ينهزم .
سيدي.. "مَتى تَرانا وَنَراكَ وَقَدْ نَشَرْتَ لِواءَ النَّصْرِ تُرى، أتَرانا نَحُفُّ بِكَ وَاَنْتَ تَاُمُّ الْمَلأ وَقَدْ مَلأْتَ الأرْضَ عَدْلاً وَأذَقْتَ أعْداءَكَ هَواناً وَعِقاباً، وَأبَرْتَ الْعُتاةَ وَجَحَدَت الْحَقِّ، وَقَطَعْتَ دابِرَ الْمُتَكَبِّرينَ، وَاجْتَثَثْتَ أصُولَ الظّالِمينَ"..
لقد اتفقت جميع الاديان السماوية والمكاتب والطوائف العقائدية على وجود منقذ للبشرية من الظلم والأضطهاد في أخر الزمان، فيما أعتبرت الطوائف الأسلامية ظهور الامام المهدي (عجل) من المسلمات العقائدية حيث ملئت كتب الحديث بأخبار ظهوره مما دفع بالمنحرفين الى الاتجاه نحو التشكيك في تأريخ ولادته المباركة التي كانت في ليلة النصف من شهر شعبان سنة 255 للهجرة بمدينة سامراء في العراق، وهنا يكمن بيت القصيد الذي يعبث فيه المنحرفون لكن الدلائل على صحة تاريخ الولادة الميمونة هذا رغم انه جاء في كبار كتب العامة قبل الخاصة حتى تجاوز عدد كبار علماء المسلمين من السنة الذين أتفقوا على ذلك بأكثر من 125 عالماً مؤرخاً وراويا .
وفيما يلي بعض هذه الشخصيات وكتبهم :
1ـ أبن الاثير الجزري عز الدين “الكامل في التاريخ” في حوادث سنة (260 هـ).
2ـ أبن خلكان “وفيات الاعيان” قال: ابو القاسم محمد بن الحسن العسكري.
3ـ الذهبي “العبر من خبر من غبر”3/ 31، و”تاريخ دولة الاسلام”، و”سيرة اعلام النبلاء” 13/ 119 ـ الترجمة رقم 60.
4ـ أبن الوردي في ذيل تتمة المختصر المعروف ب”تاريخ ابن الوردي”، ونقله عنه مؤمن بن حسن الشبلنجي الشافعي في “نور الابصار” 186.
5ـ أحمد بن حجر الهيثمي الشافعي “الصواعق المحرقة” الطبعة الثالثة ص 313.
6ـ الشبراوي الشافعي “الاتحاف بحب الاشراف” ص 68.
7ـ مؤمن بن حسن الشبلنجي “نور الابصار” ص 186،قال (…هو آخر الائمة الاثني عشر على مذهب اليه الامامية).
8ـ خير الدين الذكلي “الاعلام” ح6 ص 80 في ترجمة الامام المهدي المنتظر محمد بن الحسن العسكري…
9- الجويني الحموئي الشافعي “فرائد السمطين” 2 / 337 ،طبع بيروت .
10- نور الدين على بن محمد بن الصباغ المالكي المعروف بابن الصباغ “الفصول المهمة” ص237 – الباب 12.
11- الامام محمد بن يوسف أبو عبد الله الكَنجي الشافعي “كفاية الطالب” جزء “البيان في أخبار صاحب الزمان”.
12- محمد بن طلحة الحلبي الشافعي “مطالب السؤول في مناقب آل الرسول” 79:2 الباب 12.
13- عبد الوهاب بن احمد الشعراني الشافعي “اليواقيت ” و”الجواهر”ذكر أشراط الساعة.
14- الملا على بن حسام الدين الهندي “البرهان في علامات مهدي آخر الزمان” و”تلخيص البيان في علامات مهدي آخر الزمان”.
15- محيي الدين بن العربي “الفتوحات المكية”، باب 366 المبحث 65 .
16- الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي “العرف الوردي في أخبارالمهدي”.
17- الامام ابن حجر الهيتمي المكي “القول المختصر في علامات المهدي المنتظر”.
18- الملا على بن سلطان القاري الهروي “المشرب الوردي في مذهب المهدي”.
19- الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي “فوائد الفكر في الامام المهدي المنتظر”.
20- جلال الدين السيوطي في رسالته: إحياء الميت بفضائل أهل البيت (ع)”.
21- شمس الدين محمد بن طولون الحنفي مؤرخ دمشق “الائمة الاثنا عشر” ص 117.
22- أحمد بن يوسف ابو العباس القرماني الحنفي “اخبار الدول وآثار الاول” ص 353 الفصل 11 .
23- سليمان بن ابراهيم المعروف بالقندوزي الحنفي “ينابيع المودة” ج3 /114 في اخر الباب 79.
24- الامام عبد الرزاق بن هشام الصنعاني “المصنف” وقد أفرد باباً بعنوان (باب المهدي) .
ونقل ذلك ايضاً الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبدالله الأصبهاني في”صفة المهدي”، والامام جلال الدين يوسف بن يحيى بن على المقدسي الشافعي “عقد الدرر في أخبار المنتظر”، والعلامة ابن بريدة “العواصم عن الفتن القواصم”، وعبد الله بن محمد المطيري الشافعي “الرياض الزاهرة”، والامام الحافظ أبو جعفر العقيلي “الضعفاء”، والامام البربهاري “شرح السنة”، والحافظ أبو الحسن الآبري في كتاب “مناقب الشافعي”، والحافظ ابن حجر “تهذيب التهذيب “عن الامام البيهقي، والامام السفاريني “لوامع الأنوار البهية”، وسبط ابن الجوزي الحنفي “تذكرة الخواص” ص363، والشبراوي الشافعي “الإتحاف بحب الأشراف”، والفضل بن روزبهان “ابطال الباطل”.
وكذلك ذكره الحافظ محمد بن محمد الحنفي النقشبندي في “فصل الخطاب”، والشبلنجي الشافعي “نور الأبصار”، وابن خلكان “وفيات الأعيان”، وابن الخشاب “تاريخ مواليد الأئمة”، وعبد الحق الدهلوي “رسالته في أحوال الأئمة”، ومحمد أمين البغدادي السويدي “سبائك الذهب”، والمؤرخ ابن الوردي “تاريخه”، ومحمد بن هارون ابوبكر الروياني “المسند”(مخطوط)، وابو نعيم الاصبهاني “الاربعين حديثا في المهدي”، واحمد بن الحسين البيهقي ” شعب الايمان”، والخوارزمي الحنفي ” مقتل الامام الحسين (ع)، وسراج الدين الرفاعي في “صحاح الأخبار”، وكمال الدين محمد بن طلحة الشافعي “مطالب السؤول”، ونور الدين على بن محمد بن الصباغ المالكي “الفصول المهمة”، والشاه ولي اللّه أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي الحنفي “المسلسلات المعروف بالفضل المبين” .
وغيرهم الكثير الكثير من الرواة والمؤرخين والعلماء لايسع هذا المقال القصير أن يأتي ولا لوقتنا اليسير مقدرة على ذكرهم جميعاً وشملهم جميعاً بل وجدنا أن ننقل جزءاً يسيراً من ذلك لتبيين حقيقة الشمس وأتضاح صورة الهداية السماوية لدى اولئك الذين لا يزالون يجهلونها ولم يتسع الوقت أي يدركوها بمجملها .. أولئك الذين لم يعم الله سبحانه وتعالى قلوبهم ولا أبصارهم للتعرف على الحق والحقيقة والشمس البازغة القائمة بين أعينهم .