عبر مراحل التاريخ وما انتجه الفكر الاسلامي من بحث وتقصي حول شخصية الامام علي عليه السلام تلميذ السماء وعدل القرآن الكريم يطغي على اي كائن موجود لتلك العصور من فكر وشجاعة وعلم وعدل تلك الصفات المغيبة عند كل البشر, مع ان شخصيته يقع عليها ايثار ويغلب عليها صفة الأنبساط والتواضع لكل الامور في الحياة , أو ربما تتخلل معيشته فترات يسودها الفقر والعوز , وأكثر تلك الحالات تتردد في سير الأنبياء والأولياء وهذا ما تتحدث عليه كتب التاريخ مع أنهم استطاعوا من خلال مدارسهم الربانية أن تصقل مدارك وعقول البشر وتصنع الإنسان إذا صح التعبير على قول الدكتور المرحوم الوائلي , وواحدة من تلك الشخصيات والتي لم تجد لها مثيل في عالم الخليقة لما تجسدت فيها من صفات العدل والقوة والرحمة هو يعسوب المسلمين وسيد البلغاء أمير المؤمنين علي عليه السلام ,فهو الدعامة الأولى للاسلام وهو سند وعضد رسول الله محمد صلى الله عليه واله وأبو الأئمة الأطهار شهيد الحق, بسيفه استطاع أن يذود كل التيارات المعادية والخطر عن الدين ,قال رسول الله صل الله عليه واله (ماعصاني قوم من المشركين الا ورميتهم بسهم الله ,قيل وما سهم الله يارسول الله؟ قال علي بن ابي طالب عليه السلام مابعثته بسرية ولا ابرزته لمبارزة الا رأيت جبريل ( عليه السلام ) عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت عليه السلام أمامه وسحابة تضله حتى يعطيه الله خير النصر والظفر , تشرفت الكعبة بمولده , استجاب الله له وارجع الشمس كي لا تغيب عنه فريضة , هو الذي خاطبها وقال لها أيتها الشمس اشهدي عند ربك هل اشرقتي يوما وأنا نائم , لا أريد بهذا المقال القصير أن استعرض سيرت هذا الرجل الفذ لأننا قد نظلمه في التعبير والوصف أو لانستحضر كل الأعمال والمعطيات التي طرزها علي عليه السلام خلال فترة حياته, لقد تعرض الامام في حياته الى الكثير من الاخطار استهدافت حياته عن طريق الحسد والحقد , بل هي سلسلة من المؤامرات بدأت على أخيه رسول الله وزوجته لدثر كل تراث الرسول وسنته التي قال عنها الرسول الكريم صلى الله عليه واله (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)الحشر7, إثناء العصر الأموي الذي دام حوالي 82 سنة استهدف الامام على المنابر بالسب وتزيف حقيقته ولكن الذي رأينا شأنه قد ارتفع يوما بعد يوم ,وملئ اسمه مشارق الأرض ومغاربها , في الحقيقة أن الذي قتل علي عليه السلام هو الحق ومحاربته للظلم وعدم تهاونه لحظة في مسالمة الجور, وسياسته مع الرعية وتطبيق النظام القائل أكرمكم عند الله اتقاكم , وحبه للفقراء واليتامى وإدارة الدولة بنفسه كون له أعداء وخصوصا من بني أمية الذين تجردوا من جميع المناصب , وتساوى الجميع في الحقوق والواجبات أمام هذه السياسة العادلة , حتى قال عنه رسول الله صل الله عليه واله ذات يوم بحق علي ,( يجري الحق على لسانه وقلبه ), ان يوم 13 رجب هو ولادة العلم والشجاعة لم اجد ما ارتوي به في هذا اليوم الا استذكار سيف ذو الفقار , وما اجاد به في معركة أحد بعد أن سقط رسول الله على الارض وضرب على رباعيته فنظر الى من حوله وقال الى علي ماذا جرى للناس قال كلمته المشهورة لقد ولوا مدبرين ونكثوا العهد , ثم قال الرسول ادركني ياعلي من هذه الكربة , فاجهز علي ومن معه الثلة القليلة البطلة امثال عمار وابو دجانه وسهل بن حنيف الذين استمالوا على الاعداء بكل ما يحملونه من عقيدة واجساد قدموها بين يدي رسول الله محمد صلى الله عليه واله , وعندما فر المسلمين وقفوا بعيدا يستنظرون النتائج حتى قال احدهم وهو من صحابة رسول الله ( الا شخصا منكم يأخذ لنا الأمان من ابي سفيان ) , وبقى علي عليه السلام ثابت كالوتد في ساحة الايمان يذب عن رسول الله وعن الدعوة هو حامل راية الله اكبر وقد استطاع ان يجهز على الاعداء ويكشف كل كربة عن وجه رسول الله كرار غير فرار فحمل عليهم وفرق جمعهم وقتل شيبة بن مالك وحينما رأى جبريل هذه المواساة بين علي ورسول الله صلوات الله عليهم والتضحية والاخلاص والتفاني قال جبريل ان هذه لهي المواساة فقال له الرسول : انه مني وانا منه , فقال جبريل وانا منكما فقال سمعوا صوتا ( لاسيف الا ذو الفقار, ولا فتى الا علي) وهو القائل ( لو تظاهرت العرب على قتالي ما وليت مدبرا ) اما علمه فلم اجد اي عالم اكتشف ما وراء الطبيعة وفي السماء وتحت الارض مثله, فهو اول من اكتشف الزيت اي النفط واخبر المسلمون بذلك حينما قال لو اخرجته لاغتنى العرب جميعا , وكلمته الحاضرة صداها الى يوم التلاقي في اذهان المسلمين يرددوها عن لسان علي اسئلوني قبل أن تفقدوني والله اني اعلم بطرق السماء كما اعلم بطرق الارض , دليل قاطع على ان العلم الذي يحمله امير المؤمنين ليس له بداية ولم يتوقف لحد, والشيء يذكر هنا عندما التقيت باحد السادة من اهالي النجف وقد نبهني عن ملاحظة مهمة وقال أن علي عليه السلام يعرف ما ذا يأكل وما ذا يدخر ولو قدر أن يعيش دون ان يستشهد على يد عبد الرحمن بن مجلم لعنة الله عليه لطال عمره مئات السنين واصبح من الخالدين بسبب طريقة اكله ووقاية نفسه من الامراض فهو بذلك عالم بالابدان , وترى ان اكله قليل ويختار من الزاد ما يستطيع ان يحمل السيف ويقاتل اشد الاعداء في سوح الوغى , وكانت للأمام تنبؤات علمية فقال ياتي على الناس يسمع ويرى من في المشرق ما في المغرب , وقال ستكون السنة كالشهر, والشهر كالاسبوع, والاسبوع كاليوم, واليوم كالساعة, ان ولادة علي يوم 13 رجب هي تغير مسار الانسانية باتجاه افضل يصب في مصلحة الأمم , فقد أسس الامام مدارس فكرية ومناهج علمية وحقق العدالة وحث كل البشر على ان يكونوا احرار ويحترم الراي ويتقبل النقد ولايسمح بارتكارب المجازر ,فسلك طريق الانسانية وابتعد عن ممارسة العبودية والرق والتميز العنصري , وقال كلمته المشهورة ( لاتكن عبدا لغيرك وقد خلقك الله حرا) , ثم ارشد الناس الى المحبة والابتعاد عن المطالبة بالثار واتخذ مبدأ التسامح وضمان حقوق الناس جميعا في ظل دولة اسلامية يكون دستورها القران ومنهجيتها سنة رسول الله .