‎مراهقة الشارع وطبيعة التمرّد / ‎ظاهر صالح الخرسان

الثلاثاء - 03/03/2020 - 19:49

‎يجمع الفكرُ الانساني على إنّ الإنســان كائن إجتماعي بطبعه ولهُ ميول جامِحة نحو العيش ضِمن الجَمـــاعة 
‎وبطبيعة النفس البشرية ايضا بسبب الغرائز المودعة فيها فإنها تتجه نحو التمرّد شيئاَ فشيئاَ ما لم تكن هناك بوصلة ضبط الايقاع 
‎لذلك نشأ الصراع السماوي الذي لم يترك النفس البشرية دون ضبط إيقاع مع المادية التي أخذت على عاتقها الصراع ضمن ايدلوجيات منحرفة من خلال عقائد مضللة او افكار هدّامة وسلوكيــات منحرفـــة ببرمجةِ ماكرة ووسائل خبيثة لها الاثر البالغ في النفوس الضعيفة والعقول الخاوية وذات السلوك الليّن التي تشبه الغصن الطريّ الذي يتمايل مع الريح من أي إتجاه هبّت وفي أي وجهة غدَت .
‎يُمثّل التمرد أيضاً نوعاً من الغضب أو الرفض لأسلوب حياة مُعيّن بادّعاء الرغبة في الحُرّيّة أو التعبيرعن النَّفْس أو تحقيق الذّات
‎بعض القوى المتسلطة والاتجاهات المهزومة وجدت في هذه البيئة ضالتها لتصل الى غاياتها .
‎فقد دشّنت مفهوم التمرّد ودعمته بكل الوسائل وبضخ اعلامي كبير مع دعم مطلق لمتبنياته التي تنطلق وفق رغبة النفس المراهقة فكريا وسياسيا واجتماعيا .
‎بل قامت هذه الاتجاهات بتزويد الجماعات "المتمردة" الى الانتقاص من المقدس ومحاربة خصوصيات المجتمع وضرب المثل الاعلى والقدوة ..
‎الكاتب مايكل هوسكيلر يقول إنه "قبل كل شيء علينا التخلي عن فكرة أن العالم منظم بطريقة عقلانية
‎البير كامي من ابرز الذين نظروا لموضوع التمرد وتزييف القيمة الحقيقية للانسان 
‎حيث كرّس لهذا الموضوع كتابا كبيرا بإسم "الانســان المتمرد" انكر التاريخ بحجة الرجوع للطبيعة وتزييف التقدم بإسم القضاء على الاستعباد "الوهمي" والدفاع عن التحرر
‎ما يهمنا من خلال تنظيره لهذا الموضوع انه يرى في عصرنا هذا لم يَعُد التمرد في رأيه تمرُّدَ العبد على سيده ولا تمرُّدَ الفقير على الغني، وإنما أصبح تمردًا ميتافيزيقيًّا، يعني تمرد الإنسان على وضعه وموقفه الإنساني ذاته فالتمرد الميتافيزيقي هو احتجاج على أوضاع الإنسان وعلاقته بالسماء وبمقدساته وهو تأكيد لفردانية الإنسان وإنكار للأخلاقية، وهو سعي إلى تأكيد الذات إزاء عوامل اليأس .
‎وكذلك بفضل تأثير هيجل أصبح يُنظر إلى العقل على أنه القوة المحركة للتاريخ وترتَّب على ذلك سيادة النزعة المادية العلمية والنزعة الإلحادية واللاأخلاقية ثم أصبح كل شيء يُستباح في سبيل تحقيق هذه الغايات 
‎على الشاب الذي يظن نفسه متمردا على واقعه بهذه الفوضوية التي تتلاعب به كقوة سياسية واتجاهات فكرية ان ينتبه انه دخل دوّامة كبيرة ترمي به خارج منظومة القيم الانسانية التي هدمتها المادية