قابوس وكابوس !! / علي الخزاعي

الاحد - 12/01/2020 - 13:03


في تزامن قد يكون ملفت لانتباه البعض وفي خضم ما يمر به بلدنا الحبيب من تجاذبات كثيرة علمنا اليوم برحيل السلطان قابوس ملك سلطنة عمان احد الدول الخليجية الشقيقة والمسالمة والمتطورة بشكل ملفت للقلوب والعيون والمسامع .
بعد صراع مع مرضه الذي لم يعلم الكثير منا انه عاني وعاش مع المرض الا اننا لم نسمع ان مرضه اقعده عن خدمة بلده او اثر ذلك على استمرار عجلة التقدم والبناء والتطور والعمل  وهذه هي العبرة (من الكابوس ) نظرا لما نعيشه من كابوس حكامنا مقابل (قابوس) الحكمة والقيادة الصحيحة الذي عاش خادما لبلده جامع بين الفخامة والهدوء فكان حلما لشعبه على عكس كوابيسنا الجاثمة على صدورنا وعيوننا وهذا هو الملفت للنظر .
ماذا ترك الحلم وماذا فعل بنا الكابوس , قابوس ترك شعب متصالحا مع نفسه ومع دول المنطقة والعالم وبلد يتمتع بحداثة عمرانه وبنيته التحتية مواكبا للتطور محافظا على اصالته 
وترك شعب تجده في مساجده الانيقة يؤدي عباداته بين سابل لليدين او كاتفها وبدون ضوضاء كلهم متوجهين الى الله وحامدين نعمه في بلد لم يرفع اي شعار ولم تطق فيه كلمة مذهب او دين او عرق شعب تعايش  بروح الاخوة والمواطنة واخلاص النية 
رحل وترك بلدا لا يملك من القوة والثروات الكثير الا انها محط ثقة جميع دول المنطقة وهي الاهم في تسوية الخلافات بين الجميع , ارض شاع فيها الامان حتى ان الداخل اليها من البداية الى باب قصر السلطان بدون سكنرز و k9 او ما يدعو لاتخاذ اي تدابير امنية لان امانهم في حاكمهم 
ترك الكثير من الايجابيات التي يطول عدها وتفصيلها , ولم يترك  دستورا واضحا ومكتوبا وبدون توافق وبدون ضجيج كان يسير هذه الدولة التي تمتد على البحر بمسافة ١٣٠٠ كم بروح المحبة والثقة بين الشعب وحكومته 
من جمال ما ترك الحلم هو والاقتصاد العماني الاوفر حظا في المنطقة ونقطة ارتكاز مهم في الاستثمار الاقليمي  
ومن اروع ما عبر به عن حبه للسلام ووسعيه للحفاظ على فهو لم يدخل شعبه يوما في حرب ولم يجرح شرطي او جندي بسبب تهور السلطة او غليان المجتمع او قارات طائشة او مهاترة حزبية او ضغينة انتمائية او تشتت فكري يجر الناس الى التقسيم حسب فئات ما انزل الله بها من سلطان 
عاش حقيقة ماثلة للعيان كحاكم عادل حكيم حتي بات حكمه حلما جميلا بالتأكيد سيكمله خلفه ولم يكن كابوسا كبقية الزعماء والملوك الذين اثقلوا حتى احلام شعوبهم بسواد اعمالهم .
بعد رحيل العلامة المضيئة الوحيدة في جزيرة العرب التي مثلها السطان قابوس رحمه الله سيعطي الشرعية لكوابيسنا لحاكمة باستمرارها بالحكم السيئ واستمرارها باستنزاف ارواحنا وثوراتنا وتمسكها بالكراسي  ولن تزول حتى بزوالنا جميعا وهذا هو الفرق بين قابوسهم وكابوسنا !! 
الرحمة والغفران والذكر الحسن للسلطان قابوس والخزي والعار والذل لكل الكوابيس في الوطن العربي