لغزكرسي --- وأزمة "صدمة" مفتوحة /عبدالجبارنوري

الاحد - 29/12/2019 - 15:55

‎وكانت حكاية أنتفاضة ترقى إلى ثورة تصحيحية ، للأسف بطعم تراجيدي مأساوي دموي في ساحة التحريروسط بغداد الحبيبة وشاهدها جدارية الحرية الحمراء لجواد سليم ، في الأول من أكتوبر 2019 بمظاهرات شبابية ثورية صاعدة بشعارها الخالد " نازل آخذ حقي " دفعت أستحقاق فاتورة ثقيلة دماء زكية لأكثر مئات الشهداء وآلاف جرحى ومعوقين ومفقودين ومخطوفين ، أحرقت أوراق الحكومة الغارقة بسوء الأدارة . 
‎والغليان الشعبي يتصاعد في مدن الوسط والجنوب وساحات التظاهر تؤكد رفضها تدوير الوجوه وترشيح شخصيات متحزبة ، وأصبح الصراع على تدوير الكتلة الأكبر هو صراع مصالح وليس حجة فراغ دستوري لأنهُ لا يتحقق الفراغ ألأّ بغياب واحدة من الرئاسات ، فيما إذا أعتبرنا أن رئيس الوزراء المستقيل موجود والمكلف بتصريع الأعمال دستورياً. 
‎والسؤال الذي يفرض نفسه : لماذا الوسط والجنوب ؟ لكونها مستلبة الحقوق والغارقة بثالوث الموت البطيء المرض والجهل والفقر ، فحراك الشارع العراقي بهذا الشكل من التظاهرات العنيفة والصاخبة والغير مسبوقة في أنطلاق صوت الأحتجاج حسب قناعتي ترقى لأزمة مستعصية مستديمة بل أخذت أبعاد "صدمة " بالنسبة لأصحاب القرار السياسي والكتل السياسية التي لاتزال لم تستوعب هذه الصدمة كان عليهم أن يدركوا أن شارع 2019 ليس شارع 2003 وأن العراق تحوّل إلى كتلتين : الشارع والكتل السياسية ، ولم يستوعبوا ثقافة وحضارات البلدان التي عاشوا فيها وما زال بعض من الكتل السياسية مصراً على ترشيح متحزبين لرئاسة الحكومة وهو بالضد من مطالب المتظاهرين ، أصبح كما نرى اليوم تمسك كتلة البناء بمرشحها السهيل وهو ما يؤكد تمسك الكتلة بمكاسبها ، والحقيقة المرّة : أن الطبقة السياسية تعاني من التأخر في أستدراك الخطأ ، وكأن الشعب العراقي المبتلى يعيش على فوهة بركان عيوننا ترنو بحذر وترقب إلى " حراك الليلة الأخيرة بأنتظار الكتلة الكبيرة " والحقيقة التي فرضت نفسها : لا يستطيع أي طرف فرض مرشح لرئاسة الوزراء ، ولا أضمن ترشيح شخصية خارج الكتل لرئاسة الوزارة ، وربما لن يمر مرشح لرئاسة الوزراء ( ألاّ ) بالتوافق السياسي بين الأطراف السياسية المعنية والمنتفضين ، لأن المنتفضين في الساحات شركاء للساسة والشريك الأكبر في صناعة القرار ، ولتتوقف الأحزاب تهافتها على منصب رئاسة الوزراء لتيقنها أنّها مؤقتة ذات مسؤولية أقل ، ورئيس الجمهورية هو الآخر في وضع قلق لايحسد عليه فهو تحت ضغوطات قوية من الكتل الشيعية ودول الجوار والمحتل لأمريكي ، لذا أصيب بالدوار حزم حقيبة سفره إلى السليمانية ليهرب من الدوامة التي أبتلي بها ، ليعلم ان سفره هروب إلى الأمام لأني أذكرهُ { إذا لم يسمي رئيسا للوزراء ضمن الوقت الدستوري 16 يوم يعتبر خرقاً دستورياً يحاسب عليه وفق الدستور والقانون } ، ثم يبدو لنا أن رئيس الجمهورية يتعامل مع هذا الملف بالذات بسذاجة ومزاجية في اختيار مرشح لرئاسة الوزراء ، أقول لهُ ولأصحاب القرار السياسي :أن أختيار رئيس الوزراء معركة صغيرة في حربٍ طويلةٍ .
‎فأصبح هذا الكرسي اللعين لغزاً كرته تتقاذف بين الكتل السياسية كل يبكي على ليلاه ويبدو أنه لغز محيّرأرسله الرئيس إلى العراف في المحكمة الأتحادية بكتاب توسل " أفتونا يرحمكم الله " فجاء الحل مرضيا للبعض وكارها لأخرى ، ورد عليهم الشارع العراقي الملتهب نحن الكتلة الأكبر بعدد شهدائنا ال 400 فهي أكثر من رقم نوابكم ال 329.
‎فأحتجاجات الشارع العراقي أزمة مفتوحة من دون أفق لأن الذي حدث في أكتوبر " حوار طرشان " بين المتظاهرين والحكومة التي أستفاقت من هول الصدمة لجأت إلى الحلول الأصلاحية ب17 قراراً تشمل تدابير أجتماعية تتراوح بين مشاريع أسكان ومساعدات إلى الشباب العاطلين من العمل وأعتبار ضحايا التظاهرات والقوى الأمنية شهداء وطرح أراضي سكنية لمحدودي الدخل وفتح باب التطوع للشباب بالجيش العراقي ، ولكن هذه الأصلاحات رفض سماعها المتظاهرون لكونهم صعدوا من سقف مطالبهم بطرحهم في 25 أكتوبر شعاراً { الشعب يريد أسقاط النظام } وهو تصعيد خطيرللوضع السياسي برمته أما الحكومة العراقية حسب رأيي : لم تقرأ الوضع السياسي و تكتشف نوع الأزمة جيدا فأخذت تتصرف بعشوائية وتخبط و تشخيص مستقبل ما سيؤول أليه العراق . أحتجاجات العراق فعلاً أزمة مفتوحة من دون أفق وغرق في حلقة جديدة من عدم الأستقرار ، وربما قد تكون أخطر ما يواجهه منذ أحتلال العراق 2003 ، وجاءت الأحتجاجات في لحظة حرجة بالنسبة للعراق الذي أصبح بين فكي المطرقة والسندان بين حليفه الأمريكي وصديقه أيران ، ومما زاد في حدة التوتر تهديدات أيران بأستهداف القواعد الأمريكية المتمركزة في العراق ، وأن الحكومة بأصلاحاتها ربما نجحت بعض الشيء في وضع حدٍ للتخفيف عن بعض الظواهر المتأزمة لكن سيكون مثل الجمر جاهز للأشتعال في أي وقتٍ ومكان وعندما يحدث ذلك سيحرق الكل، وليعلم الجميع أن حراك الشارع العراقي وتظاهراته الصاخبة وأهتزاز الأمن الداخلي هو عامل مساعد في نشاط الخلايا النائمة وأنتشار الجريمة المنظمة وهي فرصة ذهبية لداعش الأرهابي وعيد ميلاده في أستثمار التظاهرات لأعتبارها ثغرات رخوة .
‎ما الحل إذاً ؟؟؟!!!
‎لا أبدو سوداوياً ولكن هي الحقيقة عند قراءة الخارطة السياسية للوطن الحبيب الذي يمر بأخطر مطب سياسي منذ تأسيسه في 1921 وهو محبوس في عنق الزجاجة فأضع هذه الأقتراحات المتواضعة ربما هي خاضعة للخطأ والصواب : 
‎-الأستجابة لمطالب الشعب الذي يمثل قمة العقل والحكمة .
‎- يجب أن لا يبقى البلد ( خالياً ) من حكومة تديره .
‎- يجب مراعات ظروف البلد عند تشريع أي قانون .
‎- على رئيس الجدمهورية أن يرسل عدة مرشحين للبرلمان . 
‎- يجب أن ينظم الشارع صفوفه ويبعد المندسين حتى تلبي الحكومة مطالبه . 
‎- أن تتفهم الحكومة الحقيقة { أن المظاهرات ترقى إلى قمة مفاهيم الأنتفاضة الجماهيرية بطروحاتها الواقعية أن العراق بحاجة لأصلاحات بنيوية عميقة وثورة أقتصادية واجتماعية وفكرية لتحقيق التنمية المستدامة والديمقرطية الحقيقية وتوفير الحياة الكريمة في ظل نظام وطني كامل الأستقلال والسيادة .
‎- أعتقد لا يمكن تمرير رئاسة للوزراء ألآ أن يكون قاضياً أو عسكريا ً . 
‎- وللحقيقة أن الكتلة الأكثر عدداً بالتوافق ألتفاف على الديمقراطية ولآرادة الشعب المنتفض ، وأنتصار لرغبات القوى السياسية .
‎- الأمور المتفاقمة وأزمة الصدمة في الشارع العراقي يجب أن تكون قوى الأمن الداخلي والعسكر والسلطات الثلاثة وخصوصاً البرلمان في حالة الأستنفار القصوى ولتصل لدرجة ( ج ) لسد الثغرات على أعداء العراق وحتى الأعلامي ليرتقي الجميع للوحدة والتآلف ووضع الوطن في حدقة العين حينها يكون الأرتقاء إلى مستوى المخاطر المحدقة بالعراق المفدى . 
‎- حزم الحكومة بأتجاهين الأستجابة الموضوعية لمطالب المتظاهرين السلميين وقطع الطريق أمام المندسين والمخربين ونواياهم الأجرامية ونكون قد وصلنا لحماية الوطن .
‎- أستشارة ثلاث قوى عند أتخاذ القرارات المصيرية والمهمة هي : المتظاهرون السلميون ، النقابات والأتحادات ، بعض القوى السياسية المعتدلة .
‎- في حالة فشل الرئيس المكلف من قبل رئيس الجمهورية حسب المادة 76 من الدستور يمكن أن يلتجأ إلى الفقرة الثالثة 3 من نفس المادة 76التي تنص : { يكلف رئيس الجمهورية رئيسا ( جديدا )لرئاسة الوزراء عند أخفاق الرئيس الجديد خلال المدة القانونية في الفقرة 2 . ---- والله من وراء القصد