يوماً بعد يوم تتكشف خيوط المؤامرة, التي استغلت شبابنا الصابر المظلوم, الذي خرج بعد حالة من اليأس, أصابته جراء إهمال ساسة الفساد والرذيلة, الذين لا يفكرون إلا بالمناصب, والامتيازات الخاصة والمصالح الحزبية الضيقة, بعيداً عن مصلحة المواطن وإعمار العراق.
بدأت التظاهرات سلمية مطلبية, بعد تحشيدٍ منقطع النظير, لأشهرٍ عن طريق, مواقع التواصل الاجتماعي, وتم تحديد الموعد للتظاهرة الكبرى الموحدة, هذا ما ظهر للعيان, إلا أن هناك حملة موازية, كانت وعن طريق نفس المواقع, تستهدف تشويه الحشد الشعبي, والمرجعية العليا بزعامة السيد السيستاني, متناسين ما أنتجته من انتصارٍ, على التنظيم الإرهابي داعش.
إنطلقت التظاهرات كما مخطط لها, بساحة التحرير ببغداد سلمية, سرعان ما انقلبت الى معركة, بين قوات أنكرت الحكومة, التعرف عليها والمتظاهرين, لتخرج في اليوم الثاني, محافظات الجنوب مساندة للتظاهرات, لينتج إرباكٌ واضح, في تصريحات وزارتي الدفاع والداخلية, وكان أهمها نكران هوية القناص, وعدم معرفتهم الجهة, التي استوردت مقذوفات المسيل للدموع.
تردد مصطلح المندسين, بتصريحات السيد عادل عبد المهدي, الذي لم يستثني القوات الأمنية, من ذلك المندس المجهول! ما سمح للمندس بين صفوف المتظاهرين, محاولة تخريب الاحتجاج السلمي, جاءت الجمعة التي ينتظرها المُنتظرون, رسالة المرجعية العليا من النجف, حيث التأييد للمطالب الشرعية, والوقوف مع الاحتجاجات السلمية, موصية الطرفين متظاهرين وقوى أمنية, بالالتزام وعدم التعدي, على الأملاك العامة والخاصة, إلا أن ذلك لم يجد آذاناً صاغية, ولا عقولا واعية.
شهرٌ مضى وعدة أيام, ليتفاقم الموقف ومئات الشهداء, وآلاف الجرحى واستقالة حكومة, بعد حرق قنصليات إيران, في البصرة والنجف وكربلاء, ومحاولات وصول بعض المتظاهرين, إلى السفارة الإيرانية في بغداد, ليسقط شهداء قرب جسر السنك, لتمتد أحداث العنف, الى جسر الأحرار ليرتفع عدد الشهداء والجرحى؛ من القوات الأمنية والمحتجين, وما بين كَرٍ وفر, تكاثرت قنابل المولوتوف, وحرق المتاجر والمخازن الخاصة.
بلغ السيل الزَبى في الناصرية, حيث المجزرة التي كادت أن تنزلق, لحرب أهلية تحرق تلك المحافظة, التي لم تحصد عبر عقود, غير الشهداء والفقر والإهمال, ليقوم شيوخها المعروفين بحكمتهم, لإخماد تلك الفتنة العمياء, وعندما يأس المندس من الوصول لمأربه, لم غير النجف الأشرف, ليضرب في الصميم متجاوزاً كل القيم الإنسانية, ليقوم بحرق مرقد, السيد الشهيد محمد باقر الحكيم.
وضع حكماء القوم في النجف الأشرف, كل الاحتمالات السلبية, ليعملوا على الحيلولة, دون وصول الجوكر المجهول لغايته الخبيثة, فتدخل شيوخ النجف المعروفين بحنكتهم, لدرء الخطر, كما فعل شيوخ الناصرية, للسيطرة على الوضع الأمني, بالتعاون مع الأجهزة الأمنية, وإفشال مخطط أعداء العراق.
تصاعد وتيرة التحشيد تتسارع, ليطال في ليلة مظلمة, عمارة كراج السنك, تبعه عجلات دخلت بمسلحين مجهولين, لتحدث مجزرة راح ضحيتها شهداء, ما بين ساحة الوثبة والخلاني, بعدد ليس بالقليل.
بالرغم من الجهود السياسية, من استقالة حكومة السيد عبد المهدي, وتحويلها لحكومة تصريف الأعمال, وسعي البرلمان لتشريع قانون انتخابات جديد, وتكوين مفوضية مستقلة, إلا أنَّ ذلك لم يرتقي لقمة المطالب.
شبابٌ يجري ما بين الجسور, مندفع يردد ما يُملى عليه, إختراقات بين المحتجين, وبعد كل اختراقٍ ينادي المتظاهرون, القوات الأمنية منزوعة السلاح.
طائراتٌ مسيرة تلقي بصواريخ, قوات الشرطة والجيش, أصبح مجرد مراقب, فلا يستطيع الرد ووقف النزيف, أمام مسلحين يدخلون أينما يريدون!
متى يقتنع المحتجون, أنَّ التغيير آت لا محال, وهم دون قائد وكل مجموعة لها مطالبها؟