في جزئنا هذا سوف نتعرض الى ماهية اصحاب الامام الحجة المهدي(عجل الله فرجه الشريف) والتي سنركز على ملامح واوجه الشبه بين الامام الحسين وأبنه وخليفة الله في الأرض قائم آل محمد(عج) وهي :
أصحاب الأمام الحسين والمهدي(عليهما السلام
قد أشارت أكثر الروايات إلى كون عدد أصحاب الإمام 313 شخصاً، يجتمعون عنده في مكة المكرمة في ليلة واحدة بطريقة إعجازية ومن شتّى البلدان والبقاع. ومن هؤلاء الأصحاب السيد المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام) بعد أن يرجع إلى الدنيا، والبعض منهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كسلمان الفارسي ومالك الأشتر النخعي. ويكون للمرأة نصيب بين أصحاب الإمام (عليه السلام).
قال الإمام الصادق(ع):{ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى الْقَائِمِ (ع) وَأَصْحَابِهِ فِي نَجَفِ الْكُوفَةِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرَ قَدْ فَنِيَتْ أَزْوَادُهُمْ وَخَلُقَتْ ثِيَابُهُمْ قَدْ أَثَّرَ السُّجُودُ بِجِبَاهِهِمْ، لُيُوثٌ بِالنَّهَارِ رُهْبَانٌ بِاللَّيْلِ، كَأَنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ يُعْطَى الرَّجُلُ مِنْهُمْ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا...}(1).
وجاء في رواية: { هُمْ من خشيةِ اللَّهِ مُشفقونَ يدعونَ بالشَّهادة ويتمَنَّوْنَ أَن يُقتلُوا في سبيل اللَّه شعارُهُمْ يا لثارات الحسين (ع)، إِذا سارُوا يسيرُ الرُّعبُ أَمامهُمْ مسيرةَ شهر }(2).
ولهذا تذكر اغلب الروايات المتعرضة لبيان عدد أصحاب الإمام المهدي (عج) مجموعة من الأرقام، الكثير منها تقول أنّ عدد الذين يجتمعون حوله عند ظهوره (عليه السلام) (313) كعدد أهل بدر(3).
وروى العلامة المجلسي في وصفه :
كأَنَّ قلوبهمْ زُبَرُ الحديد لا يشوبُها شكٌّ في ذات اللَّهِ أَشدُّ من الحجر لو حَمَلُوا على الجبال لأَزالوها....ِ هُمْ أَطوع لهُ من الأَمَةِ لسيِّدِها كالمصابِيحِ، كأَنَّ قلوبهمُ الْقَنَادِيلُ وهُمْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ مُشْفِقُونَ، يمشُونَ إلى المولى إِرسالا، بهمْ يَنْصُرُ اللَّهُ إِمَامَ الْحَقِّ(4).
ومن هنا نجد ان اصحاب الأمام الحسين(ع) والمهدي هم نفس الشيء فهم ليوث أبطال لا يهابون الموت بل هم يعشقونه وهم يبرزون الى القتال بصدور مشرعة كما حصل في واقعة الطف وبالأخص مع الصحابي المنتجب عابس الشاكري الذي قال حين أشتد القتال في يوم عاشوراء " يا أبا عبد الله - أما والله - ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ إليّ منك، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بي أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلته. السلام عليك يا أبا عبد الله، أشهد أني على هداك وهدى أبيك.
ثم مشى بالسيف مصلتا نحو القوم، وبه ضربة على جبينه، فطلب المبارزة(5).
يقول الربيع بن تميم الهمداني وكان في معسكر عمر بن سعد
لما رأيت عابسا مقبلاً عرفته، وكنت قد شاهدته في المغازي والحروب، وكان أشجع الناس، فصحت: أيها الناس، هذا أسد الأسود هذا ابن أبي شبيب، لا يخرجن إليه أحد منكم، فأخذ عابس ينادي: ألا رجل ألا رجل؟! (وهو يطلب مبارزاً لنفسه)، فلم يتقدم إليه أحد. فنادى عمر بن سعد: ويلكم! ارضخوه بالحجارة. فرمي بالحجارة من كل جانب.
فلما رأى ذلك ألقى درعه، ثم شد على الناس. فوالله لرأيته يطارد أكثر من مئتين من الناس، ثم إنّهم تعطّفوا عليه من حواليه، فقتلوه، واحتزوا رأسه، فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدة، هذا يقول: أنا قتلته، وهذا يقول: أنا قتلته، فأتوا عمر بن سعد، فقال: لا تختصموا؛ هذا لم يقتله إنسان واحد، كلكم قتله، ففرقهم بهذا القول(6).
وهذا هو من كان في معسكر النور معسكر الحسين وهو معسكر بطولة وبسالة وشجاعة متلهفين والموت بين يدي امامهم الحسين والدفاع عن حرم رسول الله والذين كانوا اغلبهم كبار السن مقاتلين من الطراز وأغلبهم قاتلوا مع الأمام أمير المؤمنين (ع) ببسالة وأقدام ثم جاءوا ليقاتلوا بين امامهم وحجتهم الأمام ابي عبد الله، والذي سنشاهده بأذن الله عند معسكر الأمام الحجة المهدي(عج) نفس الشيء.
ولو راجعنا الى تدينهم فنجد الحالة متشابهة عند طرفي معسكري النور فنجد ان نفس الشخص عابس الشاكري كان كما تذكر الروايات أنه وكان من رجال الشيعة رئيساً شجاعاً خطيباً ناسكاً متهجداً(7).
وهذا بُرَير بن خُضَير الهَمْداني المِشْرَقي، من أصحاب الإمام الحسين (ع) استشهد في واقعة الطف. کان من شيوخ القراء ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، ومن أشراف أهل الكوفة وبني همدان الذين سكنوا الكوفة، كما أنه كان من مفسري القرآن(8). كان شجاعاً تابعياً ناسكاً قارئاً للقرآن. واحتجاجه مع عمر بن سعد ويزيد بن معقل وأهل الكوفة في يوم عاشوراء يكشف عن شجاعته ودفاعه عن آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وذكر له لقبان:
سيد القراء: كما ذكر الطبري(9)، وابن الأثير(10).
أقرؤ أهل زمانه: كما ذكر الشيخ الصدوق(11)،والفتال النيشابوري(12).
والذي كان معسكر النور كلهم هكذا من أمثال شيخ الأنصار حبيب بن مظاهر الأسدي ومسلم أبن عوسجة وهلال بن نافع وغيرهم كان معسكر تلاوة وذكر وترى صورة الإسلام الحقيقي وكيف لا و تم وصفهم وهم الاصحاب المنتجبين كما تصفهم كل الروايات والمصادر.
وإن أصحاب الإمام الحسين -كما يُفهم من بعض العبارات المنقولة- كُشف لهم الغطاء يوم العاشر، فرأوا منازلهم في الجَنة بعدَ أن تم اختبارهم من قِبل الإمام -عليه السلام-.. روي عن الإمام عليّ بن الحسين؛ زين العابدين -عليه السلام- أنه قال: (كنت مع أبي في الليلة التي قتل في صبيحتها فقال لأصحابه: هذا الليل فاتخذوه جنة؛ فإن القوم إنما يريدونني، ولو قتلوني لم يلتفتوا إليكم وأنتم في حل وسعة، فقالوا: والله لا يكون هذا أبداً!.. فقال: إنكم تقتلون غداً كلكم، ولا يفلت منكم رجل.. قالوا: الحمد لله الذي شرفنا بالقتل معك.. ثم دعا فقال لهم: ارفعوا رؤوسكم وانظروا!.. فجعلوا ينظرون إلى مواضعهم ومنازلهم من الجنة، وهو يقول لهم: هذا منزلك يا فلان.. فكان الرجل يستقبل الرماح والسيوف بصدره ووجهه؛ ليصل إلى منزلته من الجنة...)(13).
فالذينَ بقوا معَ سيد الشهداء، كُشفَ عنهم الغطاء!.. وهذا مقام منيع: أن يكُشف الغطاءُ عن قلب الإنسان، فيرى حقائقَ الأشياء!.. لذا، فإن المؤمن يحاول أن يكون في هذا الطريق طريق الحق والجهاد في سبيل والدفاع عن الرسالة المحمدية وعن أمام زمانهم.
وتذكر الروايات ماحصل يوم التاسع من عاشوراء أنه لمّا أمسى حسينٌ عليه السلام وأصحابه ساهرين الليل كلّه، يصلّون ويستغفرون...،(14) هكذا وصف الضحاك بن عبد الله المشرقي، الليلة العاشر من المحرم. وفي رواية أخرى وُصف المعسكر، حيث الأنصار سهروا فيه الليل، وكان لهم دوي كدوي النحل، ما بين راكع وساجد، وقائم وقاعد(15).
وهذا ماسيكون حال اصحاب المعسكر المهدوي والذي ذكرنا وصف الأمام الصادق(ع) لهم بأنهم { ...قَدْ أَثَّرَ السُّجُودُ بِجِبَاهِهِمْ، لُيُوثٌ بِالنَّهَارِ رُهْبَانٌ بِاللَّيْلِ، كَأَنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ يُعْطَى الرَّجُلُ مِنْهُمْ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا...}والذي يكون شعارهم عند خروج قائم آل محمد يالثارات الحسين فيكون هذا ليكون بالتالي هذا التناغم الكبير بين النهضة الحسينية والحركة المهدوية لتكمل الواحدة الأخرى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.