التَظاهُرُ مُمارَسَةٌ حَضاريةٌ ، تمارسها شُعُوبُ العالم ... للمطالبةِ بالحُقوقِ .... وشُعُوبُ العالم المُتَقَدِّمَةُ ، تعرفُ ماتريدُ ، وتحدد مطالبَها .. وتُمَيِّزُ بينَ النظامِ العامِ ، الذي يشمل نظامَ الخدمات ، مؤسساتِ الدولة ، والمال العام ... هذا النظام لاتستهدفهُ مظاهراتُ المتظاهرين ، فلا احراق للمؤسسات العامة ، والمستشفيات ، والمدارس ، ومؤسسات التعليم ... ولااستخدام للعنف .
وفي المقابلِ ، توفرُ الدولة للمتظاهرينَ الحماية حيثُ ترافقهم الشرطة ؛ لان التظاهرَ حقٌ دستوريٌّ ، والشعب من حقه ان يطالب بحقوقه بشكلِ سلميٍّ بعيداً عن اعمالِ العنف.
المظاهرات التي تجري اليوم في العراق ، حقٌ كفلهُ الدستور العراقي ، والمتظاهرون لديهم مطالبُ عادلة ، والحكومة اخفقت ، وفشلت فشلاً ذريعاً في مرافق حياتية كثيرة في قطاع الخدمات ، وعدم توفير فرص عمل للخريجين الذين انهوا دراستهم دون ان يجدوا فرصة عمل .هناك فشل في الخدمات ، واخفاق في المؤسسات التعليمية ، وازمة في الكهرباء ، وفشل في توفير العلاج والدواء للمواطن العراقي .
كل هذا صحيح ، ولكن لايجوز للمتظاهر ان يحرق مؤسسات الدولة ، ولا ان يمارس عنفا ، او يقتل افراد الشرطة والجيش ... وبالمقابل لايجوز للاجهزة الامنية ان تمارس العنف بحق المواطنين . يبدو ان الحكومةَ ليس لديها خطة في استيعاب حراك المواطنين وتظاهراتهم ، والاستجابة لمطالبهم .
اغلب المتظاهرين كانوا من الشباب ، الذي تحرك كرد فعل على الازمات والاخفاقات والاحباطات ، والوعود التي قطعتها الحكومة على نفسها ، دون ان يتحقق منها شيء ، ولكن حركة الشباب وفورتهم بحاجة الى ترشيد حتى لايستثمروها المتربصون بالتجربة العراقية الجديدة ويركبوا موجة التظاهرات .
التظاهرات تحتاج الى حركة منضبطة ، ووعيٍ بالاهداف والمطالبِ ، وعدم التجاوز على مؤسسات النظام العام .... وان لايكون هدف التظاهرات اسقاط النظام بل اصلاحه ؛ لان اسقاطه سيغرق البلد في فوضى ...كما حدث في بلدان ماسمي بالربيع العربي ، الذي مايزال بعضها غارقاً في الفوضى ، والحرب الاهليّة. وخصوصاً ان المتظاهرين لايملكون رؤيةً واضحةً لما بعد السقوط ؛ فتركبُ الموجةَ قوىً متربصةٌ تحلم بارجاع عجلة التاريخ الى الوراء . وكذلك المطلوب من قوى الجيش والامن ان لاتتعامل بعنفٍ مع تظاهرات المتظاهرين ؛ لان الجميع من ابناء الشعب ، وينتمون الى وطن ٍ واحدٍ .
حمى الله العراقَ واهلَهُ ، وحقق مطالب المتظاهرين ، والهم الحكومةَ الرشد في التعامل مع مطالب المتظاهرين.