السلامُ كَلَمَةٌ مُحَبَبَةٌ الى النفوس ، وتهفو اليها القلوبُ ، وَيَتَطَلَّعُ اليها البائسونَ والمُعَذَّبونَ في الارضِ. والسلامُ الذي نراهُ على ظَهرِ هذا الكوكبِ ، هو سلامُ الاقوياء ، والقوى العظمى ، والمَدخلُ لهذا السلامُ هو القُوَّةُ ،وَالطَريقُ اليه هو الحرب ، والرُعبُ ؛ حتى اطلقَ الاقوياء على سلامِهم " توازنَ الرُعبِ" . هذا السلامُ لايقومُ على انهاءِ الرُعبِ واستئصالهِ من جذورهِ ؛ وانما يقومُ على توازن هذا الرعب. سلامٌ مُنطَلَقُهُ القُوَّةُ والرُعبُ ، سلامٌ يقومُ على اخافةِ الخصوم حتى يكونَ هناكَ تَوازُنٌ للردعِ.
هذا هو سلامُ الاقوياء ، منطلقُهُ الرعبُ ، ومبدؤُهُ القوةُ ، واخافةُ الخصمِ . هذا السلام سلامُ الاقوياء ، والقوى الكبرى ، سلامٌ يُبنى على توازنات الرعب ، ومعادلات القوة ، سلام القوى العظمى ، والامبراطوريات التوسعيّة. هذا السلام يبدأُ من قمةِ الهرمِ ، وينتهي بالقاعدةِ .
وهناك سلامٌ اخر لايصنَعُهُ اصحابُ القوةِ والنفوذ والمصالح ، بل يصنعُهُ المفكرونَ بافكارِهم النيّرةِ ، ويصنعهُ المناضلونَ بتضحياتهم ، وتصنعُهُ الشعوبُ المُستَضعفةُ ؛ لانّ هؤلاءِ لهم مصلحةُ بهذا السلامُ . مصلحتهُم ان يعمَّ السلامُ العالَمَ كلَّهُ .
هذا السلامُ يبدا من القاعدة وينتهي الى الهرم . يبدأ من الفردِ فالاسرة فالجماعة فالمجتمع وينتهي بالسلطة .
والقرانُ الكريمُ تحدثَ عن قيمةِ السلام ؛ فالسلامُ اسمٌ من اسماء الله تعالى ، وتحية المسلم هي السلام عليكم ، وتحية اهل الجنة هي السلام ، والجنةُ هي دارُ السلام ، وليلة القدر هي ليلةُ السلام ، وخطاب الجاهل سلام .
هذا السلامُ يَصنَعُهُ المتحضرون ، واصحاب الاقلام باقلامهم ، والدعاة بكلماتهم ، بعيداً عن تَوازُناتِ الرعبِ ، ومعادلاتِ القوةِ ، وحسابات المصالح .
عاشوراءُ كانت رسالةَ حُبٍّ وسلامٍ الى العالم .... خاطب الامام الحسين (ع) فيها الجموع التي جاءت لحربه ، والسيوف المشهرة في وجهه بكلمات الحب والسلام ؛ ولكن دعاة الحرب والكراهية ، واجهوه بحرابهم وسيوفهم .... واخيراً انتصر السلامُ الحسيني على قوى البغي والحرب والاجرام .