تعتبر المجالس الحسينية مدرسة عميقة في الفكر والاتجاه المعرفي وينطلق من خلالها الكثير من الثوابت المهمة في حياة الانسان فيما اذا اراد فعلا التمسك والاستدلال عليها لذا نجد ان عمق تلك الثورة له ابعاده الخاصة كونها ثورة تختلف عن باقي الثورات حيث ان كل ثورة في زمانها ومكانها تتخذ منحاً محدداً ولها قراءة محدودة في هدف معين دون غيره اما ثورة الامام الحسين ع اتخذت كل هدف من أهداف الحياة كنقطة وصول اليه وكل مفصل من حياتنا هو هدف بذاته يشخص امام أبصارنا من هنا نجد هذا التفاعل الكبير وحالة الذوبان العميقة في فكر ونهج تلك الثورة الهادفة، لقد وجدنا اغلب شعوب الارض باختلاف ألوانهم وثقافاتهم تنحاز لتلك الثورة العظيمة وتتعاطف مع ما جرى علي الحسين ع وعلى اهل بيته واصحابه الذين تعرضوا جميعا لارهاب عتاة وحثالات الانسانية الذين امتدت نطفهم تتوالد الى يومنا هذا وهو ما عبرت عنه الاندبندنت البريطانية قبل ايام بأن داعش نشأت منذ اكثر من 1300 عاما فكان عنوان الصحيفة بالبوند العريض تحت عنوان (This is how an event more than 1,300 years ago today sparked the birth of Isis ) حيث يعتبر ولادة داعش منذ ذلك التاريخ .
المجالس الحسينية في بلاد المهجر هي الصرخة المدوية بوجه هذا الارهاب وبفضل الله تعالى وكرامة للأمام الحسين ع انتشرت في كل صقاع الدنيا ولربما مجالس العاصمة البريطانية لندن هي الأكبر والأكثر حضورا جماهيريا في اوروبا ، وقد حضرت انا شخصيا العديد منها في عدد من المؤسسات للجالية العراقية فوجدت ان مجلس ديوان الكفيل ومعهم شباب علي الأكبر قد استضافوا هذا العام الشيخ اسامة العطار ليحاضر باللغة الانكليزية وقد كان رائعا جدا في محاضراته التي استقطبت أعدادا غفيرة من الشباب لكلا الجنسين وكان طرحه يلامس حاجات الشباب المعرفية وفيها استلهام من ثورة الأمان الحسين ع والنهج الذي اراد الامام ان يزرعه في نفوس الامة وهذه النتيجة لتقييم مجلس ديوان الكفيل في العشرة الاولى وخصوصا محاضرات الشيخ العطار كان استطلاعا واستفهاما من الشباب انفسهم ولذلك كان جوابهم انهم يحضرون الى تلك المحاضرات وهذا ما نتمناه ونريده بأن يكون مستوى المنبر الحسيني بعيدا عن بعض القضايا الوضعية والخرافات التي يحاولها البعض من اجل تشويه صورة اعظم واقدس ثورة عرفتها البشرية وهذا الحديث والتشخيص لا يعني ان باقي المجالس خالية من الفكر والوعي والمنهج الصحيح ولكن التحليل هنا فيما يخص محاضرات اللغة الانكليزية ولربما هناك مجالس اخرى بالانكليزيّة بنفس المستوى كانت موجودة ايضا ولا نعلمها وكذلك المحاضرون الآخرون بمجالسهم المعتادة بالعربية يوجد العديد منها تعمل على الهدف والغرض الحسيني ورافعة فكرية كذلك بعيدا عن الروايات المدسوسة والتخريف ونعتز بتلك المجالس لانها امتداد تاريخي لنهج الثورة الحسينية.
ان الخروج عن المألوف والموروث الحسيني الحقيقي والأصيل يأخذ بِنَا الى المجهول وما خرج من طقوس غريبة وبعيدة عن الثورة الحسينية انما هو ضرب لمعاني تلك الثورة حتى وصل الامر بِنَا الى ان تكون هذه الأفعال مدعاة للتهكّم على ثورة الامام الحسين ع حيثما اراد هؤلاء الجهلة الطعن بمبادئ الثورة الحسينية من كل اتجاهاتها. وان لم يكن هناك تصدي لهم سوف تموت الأهداف الحقيقية للثورة في نفوس الأجيال القادمة ولن تتجدد فيهم ما توقّد في داخلنا نحن الأجيال التي سبقتهم فأمثلة كلاب رقية والطيانة والراب والزحف وما الى ذلك تصرفات تنم عن جهل تريد تدمير أعظم ثورة عرفتها البشرية وهذا لم يأتي من فراغ وانما عمل منظم تقوم به دوائر استخبارية عالمية تقف خلفها الصهيونية والماسونية فلا خطر على وجودهم اكثر من ثورة احرار الوجود،،الثورة الحسينية.
وما أقدم عليه الحسين ع وأهل بيته وأصحابه ليس من اجل ان يقول للأجيال عبر التاريخ شقّوا رؤوسكم واجعلوا المشهد دمويا بما في ذلك الأطفال الصغار وانما هناك ثوابت يريد لنا ان نتعلمها كي يصنع منا ثوارا احرارا نمتلك الشموخ والعزة والرفعة وهذه المفاهيم كان مصداقها ابناء الحشد الشعبي في العراق خلال تصديهم للارهاب وابناء حزب الله في تصديهم للصهاينة المحتلين التوسعيين وثورات الأحرار في اليمن والبحرين ومناطق اخرى في العالم استلهموا ثباتهم من ثورة الخلود والكرامة ثورة ابي الأحرار الامام الحسين ع
(الشيخ الوائلي رحمه الله كان يوصى في محاضراته دائما على المثقفين ان يزرعوا الوعي في عقول الجماهير )