في الذكرى الولادة العلوية المباركة / 4-عبود مزهر الكرخي

السبت - 31/08/2019 - 13:59

والآن لنأتي إلى معاوية (عليه لعائن الله)والى شخصيته القائمة على كل الموبقات والفسق والفجور والقائمة على الباطل والظلم والذي لاتجد في تاريخ هذه الشخصية أي عمل حسن أو منقبة فضيلة لديه ولكن بعض الكتاب من الذين يحملون الهوى الأموي ومن عبيد الدرهم والدينار قد عملوا مقارنة ممسوخة ولا يقبلها العقل والمنطق والعقل فهذا معاوية هو والذي يمتد نسبه الى الشجرة الخبيثة التي ذكرت في القرآن وما نقلناه عن نسبه الملوث من أمه هند بنت عتبة فهو الذي يعمل على التخلص من خصومه بدس السم اليهم وهو الذي يحمل مقولة مشهورة وهي (أن لله جنود من عسل) وهو الذي حتى قام بالتمثيل بخصومه في قتلهم وهو الذي افتى وجهر بسب الأمام على المنابر والتي استمرت(70)عام وهو الذي قام بمثلبة كبيرة لم يقم بها أحد من قبله بتنصيب أبنه السكير ولاعب بالقرود والفاسق يزيد(لعنة الله) والذي قام بأبشع وأكبر جريمة في التاريخ بقتله سبط رسول الله(ص) وريحانته الأمام الحسين(ع) وسبي ذراري رسول الله واهل بيته. وقام بقتل وتشريد شيعة الأمام علي وسفك دماؤهم ومنع العطاء عنهم في سابقة فريدة ليكون تاريخنا قد تلون بالدماء والقتل والذي باعتقادي المتواضع انه الجد الاكبر والملهم الأول لكل التنظيمات الإرهابية من داعش والقاعدة والنصرة وبوكو حرام وغيرهم. والذين من ما يقولونه هؤلاء الكتاب الأمويين أن معاوية رجل سياسة من الطراز الأول والأمام علي لا يمتلك هذه الصفة وليصبغوا صفات وسجايا ما أنزل الله بها من سلطان بأنه كان من كتاب الوحي وأنه خال الأمة لأن الرسول الأعظم محمد(ص)قد تزوج أخته حبيبة بنت أبي سفيان والحقيقة أن أخته قد تبرأت من جميع أفعاله المجرمة والدنيئة ولم تقبل بها.
ولنرد على هؤلاء بنزر بسيط عن كل ما يدعون به حول انه رجل سياسة وحكم فيقول أمير المؤمنين عليه السلام عن ذلك : { والله ما معاوية بأدهى مني، ولكنه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس، ولكن لكل غدرة فجرة، ولكل فجرة كفرة، ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة }(1).
وعن خبثه واجرامه فيروى انه دخل المغيرة بن شعبة على معاوية فسمع منه حديثاً يقدح فيه بالنبي العظيم صلى الله عليه وآله وسلم، فخرج منه متذمراً، وقال لولده: " إنّي جئت من عند أخبث الناس، ونقل له حديثه "(2).
عن أبي ذر الغفاري قال لمعاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وقد مررت به: {أللهم العنه ولا تشبعه إلا بالتراب}(3). والمعروف عن انه كان يأكل بشراهة و لا يشبع وهذا نتيجة دعوة النبي عليه.
وقد رأى صلى الله عليه وآله أبا سفيان مقبلا على حمار ومعاوية يقود به، ويزيد ابنه يسوق به قال:{ لعن الله القائد والراكب والسائق }(4).
وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { يطلع من هذا الفج رجل من أمتي يحشر على غير ملتي. فطلع معاوية}(5).
في عدل الأمام أمير المؤمنين(عليه السلام)
1ـ حكمه (ع) في امرأة مطلقة مدعية لميراث زوجها
في المناقب عن سفيان بن عيينه، بإسناده عن محمد بن يحيى، قال : كان ‏لرجل امرأتان : امرأة من الأنصار وامرأة من بني هاشم فطلق الأنصارية، ثم مات بعد مدة، فذكرت الأنصارية التي طلقها أنها في عدتها وقامت‏(6)عند عثمان البينة بميراثها منه، فلم يدر ما يحكم به وردهما إلى علي (عليه السلام) .
فقال: «تحلف أنها لم تحض بعد أن طلقها ثلاث حيض، وترثه».
فقال عثمان للهاشمية: هذا قضاء ابن عمك. قالت: قد رضيته فلتحلف وترث، فتخرجت‏(7) الأنصارية من اليمين، وتركت الميراث‏(8) .
2ـ قضاؤه الذي وقع عنده وقال : لولا علي لهلك عثمان
أخرج العاصمي في كتابه (زين الفتى في شرح سورة هل أتى) من طريق شيخه أبي بكر محمد بن إسحاق بن محمشاد، يرفعه : أن رجلا أتى عثمان بن عفان وهو أمير المؤمنين وبيده جمجمة إنسان ميت، فقال: إنكم تزعمون النار تعرض على هذا، وأنه يعذب في القبر، وأنا قد وضعت عليها يدي فلا أحس منها حرارة النار؟ فسكت عنه عثمان، وأرسل إلى علي بن أبي طالب المرتضى يستحضره، فلما أتاه وهو في ملأ من أصحابه، قال للرجل : « أعد المسألة » فأعادها، ثم قال عثمان بن عفان، أجب الرجل عنها يا أبا الحسن.
فقال علي (عليه السلام) :«إئتوني بزند وحجر» والرجل السائل والناس ينظرون إليه فأتي بهما فأخذهما وقدح منهما النار، ثم قال للرجل :«ضع يدك على ‏الحجر» فوضعها عليه، ثم قال :«ضع يدك على الزند» فوضعها عليه فقال: «هل أحسست منهما حرارة النار» فبهت الرجل فقال عثمان :لولا علي لهلك عثمان.
قال العلامة الأميني (رحمة الله عليه) :نحن لا نرقب من عثمان وليد بيت أمية الحيطة بأمثال هذه العلوم التي هي من أسرار الكون وقد تقاعست عنها معرفة من هو أرقى منه في العلم فكيف به؟ وإنما تقلها عيبة العلوم الإلهية، المتلقاة من المبدئ الأعلى منشئ الكون وملقي أسراره فيه، وهو الذي أفحم السائل هاهنا في كل معضلة أعوز القوم عرفانها(9).
3 ـ قضاؤه في امرأة ولدت لستة أشهر
أخرج الحفاظ عن بعجة بن عبد الله الجهني، قال: تزوج رجل منا امرأة من جهينة، فولدت له تماما لستة أشهر، فانطلق زوجها إلى عثمان فأمر بها أن ترجم، فبلغ عليا (عليه السلام) فأتاه، فقال :«ما تصنع؟ ليس ذلك عليها، قال الله تبارك وتعالى: وحمله وفصاله ثلاثون شهرا (10) وقال: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين(11) فالرضاعة أربعة وعشرون شهرا، والحمل ستة أشهر».
فقال عثمان : والله ما فطنت لهذا، فأمر بها عثمان أن ترد، فوجدت قد رجمت، وكان من قولها لآختها : يا أخية لا تحزني فو الله ما كشف فرجي أحد قط غيره، قال: فشب الغلام بعد فاعترف الرجل به، وكان أشبه الناس به، وقال : فرأيت الرجل بعد يتساقط عضوا عضوا على فراشه‏ (12) .
قال العلامة الأميني (رحمة الله عليه) :أليس عارا أن يشغل فراغ النبي الأعظم اناس هذا شأنهم في القضاء؟!أمن العدل أن يسلط على الأنفس والأعراض والدماء رجال هذا مبلغهم من العلم؟!،أمن الإنصاف أن تفوض النواميس الإسلامية وطقوس الأمة وربقة المسلمين إلى يد خلائف هذه سيرتهم؟
لاها الله، وربك يخلق ما يشاء ويختار، ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون، وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون، فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب اليم‏(13).وقضاؤه في عهد عثمان أكثر من هذا ومن أراده فليراجع.
4ـ قضاؤه في ولد له بدنان ورأسان
في إرشاد المفيد :وكان من قضاياه (عليه السلام) بعد بيعة العامة له ومضي عثمان على ما رواه أهل النقل وحملة الآثار أن امرأة ولدت على فراش زوجها ولدا له بدنان ورأسان على حق وواحد، فالتبس الأمر على أهله، هو واحد أو اثنان؟ فصاروا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) يسألونه عن ذلك ليعرفوا الحكم فيه، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) «اعتبروه إذا نام ثم أنبهوا أحد البدنين والرأسين، فإن انتبها جميعا في حالة واحدة فهما انسان واحد، وإن استيقظ أحدهما والآخر نائم فهما اثنان، وحقهما من الميراث حق اثنين»(14).
الوليد بن عقبة
بعد أن أوردنا إجماع المؤرخين - عدا الطبري برواية سيف فقط- على نفي حسنات الوليد الاسطورية، حان الوقت لإيراد جملة من الأخبار عن سيئاته التي يتصدى ابن العربي وغيره لنفيها، فلنبدأ بمقولة ابن العربي، حيث يقول:
وأما الوليد، فقد روى بعض المفسرين أن الله أسماه فاسقاً في قوله: { إنْ جاءكُمْ فاسقٌ بنبأ فتبيّنوا أَنْ تُصيبوا قوماً بجهالة }(15).
فإنّها -في قولهم- نزلت فيه. أرسله النبي (صلى الله عليه وآله) الى بني المصطلق، فأخبر عنهم أنهم ارتدوا، فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليهم خالد بن الوليد فتثبت في أمرهم، فبيّن بطلان قوله.
وقد اُختلف فيه، فقيل: نزلت في ذلك، وقيل: في عليّ والوليد في قصة اُخرى(16).
وقيل: إن الوليد سيق يوم الفتح في جملة الصبيان الى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فمسح رؤوسهم وتبرك عليهم، إلاّ هو، فقال: إنه كان على رأسي خلوق، فامتنع (صلى الله عليه وآله) من مسه. فمن يكون في مثل هذه السن يُرسل مصدقاً!(17).
أما قوله تعالى (أفمَنْ كانَ مؤمناً كمنْ كانَ فاسقاً لا يَستَوونَ)، فهي الآية الثامنة عشرة من سورة السجدة، وقصتها عن ابن عباس قال:
قال الوليد بن عقبة بن أبي مُعيط لعلي بن أبي طالب(رضي الله عنه): أنا أحدُّ منك سناناً، وأبسط منك لساناً، وأملأ للكتيبة منك، فقال له علي: اسكت فإنما أنت فاسق. فنزل (أفمن...) الآية. قال: يعني بالمؤمن علياً، وبالفاسق الوليد بن عقبة(18).
18 ـ أسباب نزول القرآن للواحدي: 362، وانظر ما قاله المفسرون في تفسير الآية.
روى عمر بن شبة... قال: صلى الوليد بن عقبة بأهل الكوفة صلاة الصبح أربع ركعات ثم التفت اليهم فقال: أزيدكم؟
فقال عبدالله بن مسعود: ما زلنا معك في زيادة منذ اليوم...(19)
وقال ابن حجر:
وقصة عزله بعد أن ثبت عليه شرب الخمر مشهورة أيضاً مخرجة في الصحيحين(20).
خبر الوليد بن عقبة (21)بن أبي معيط وسبب عداوته مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
قال: وبلغ الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وكان عدوا لعلي رضي الله عنه، وذلك أن عليا هو الذي أشار على عثمان أن يقيم عليه الحد في شرب الخمر لما شهد عليه أهل الكوفة بشربه، وذلك أنه كان والي الكوفة، فصلى بهم الفجر أربعا وهو سكران، ثم التفت إليهم وقال: أزيدكم! فعلم الناس أنه سكران لا يعقل من أمره شيئا، وأنشأ الحطيئة العبسي يقول في ذلك شعرا(22). وقيل فيه غير هذا، ثم إنه جلد الحد بين يدي عثمان بن عفان بمشورة علي رضي الله عنه، فحقدها عليه(23). وان تجمع الروايات ان الامام علي(ع) هو من أقام الحد عليه بجلده بعد أن عفا عنه عثمان بن عفان عنه لأنه أخوه من أمه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ نهج البلاغة، ص 237.
2 ـ المسعودي، مروج الذهب، ج 3، ص 50.
3 ـ الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)- ج17 (لـ جعفر مرتضى العاملي) . راجع ما أسلفناه في الجزء الثامن ص 312 ط 1. بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٢ - الصفحة ٤١٦، المكتبة الشيعية. شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٥٨. المكتبة الشيعية.
4 ـ أنساب الأشراف, القسم الرابع, الجزء الأول. وفي تاريخ الطبري ج 8 ص 185. تاريخ الطبري 12: 228, وفي أحداث سنة 284. روى ابن مزاحم المنقري في وقعة صفين ص 217. وبطرق مختلفة. المحدث:الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة: 1/118 خلاصة حكم المحدث: رجاله ثقات. قول رسول الله (صل الله عليه واله) فيه وقد رآه مقبلاً على حمار ومعاوية يقوده ويزيد يسوقه لعن الله الراكب والقائد والسائق ) ( شرح نهج البلاغة 15: 174)
5 ـ تاريخ الطبري 11: 357. رواه البلاذري (وهو أوثق المؤرخين عند أهل السنّة هو والمدائني. عن شيخيه بكر بن الهيثم وإسحاق بن إبي إسرائيل (من رجال مسلم) عن عبد الرزاق الصنعاني (من رجال الشيخين) عن معمر بن راشد (من رجال الشيخين) عن عبد الله بن طاوس (من رجال الشيخين) عن أبيه طاوس بن كيسان ( من رجال الشيخين) عن عبد الله بن عمرو بن العاص وهذا وحده سند صحيح أصح من كل فضائل معاوية!. راجع صفحة الشيخ مؤيدي الشيخ حسن فرحان المالكي في الفيس بوك. ورواه الطبراني بمعناه وليس فيه التصريح بمعاوية رضي الله عنه. كتاب من حياة معاوية بن أبي سفيان تأليف العلامة الشيخ عبد الحسين الأميني.من منشورات المكتبة العقائدية لمركز الابحاث العقائدية.
6 ـ الإرشاد للمفيد (ره) ص ٢٠٠ من فصل ٦١ من الباب ٢،والمناقب لإبن شهر آشوب ج ٢ ص٣٧١،وضبط الحديث على ما في الإرشاد.
7 ـ كذا في المصدر والصحيح فتحرجت.
8 ـ المناقب لإبن شهر آشوب ج ٢ ص ٣٧١.
9 ـ زين الفتى في شرح سورة هل أتى للحافظ العاصمي نقلا عن الغدير ج ٨ ص ٢١٤ .
10 ـ سورة الاحقاف: ١٥ .
11 ـ سورة البقرة: ٢٣٣ .
12 ـ أخرجه مالك في الموطأ ج ٢ ص ١٧٦،والبيهقي في السنن الكبرى ج ٧ ص ٤٤٢،والسيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٤٠ وقد روينا الحديث في بحث (علي (ع) وقضاؤه في عهد عمر) بسند آخر فراجعه.
13 ـ الغدير ج ٦ ص ٩٤ . الإحقاق ج ٨ ص ٩٧ والمناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٣٧٠ .
14 ـ بعج بطنه بالسكين يبعجه بعجا اذا شقه. من مقال بعنوان (قصص من حياة الإمام علي عليه السلام – الثالث السيد أصغر ناظم ‏زاده القمي. موقع نهج البلاغة.
15 ـ [ سورة الحجرات: 6 ].
16 ـ راجع كتاب الصحوة. (رحلتي الى الثقلين). دراسة نقدية تحليلية لبعض محطّات التراث الإسلامي ومناقشة للقاضي ابن العربي في كتابه العواصم من القواصم. ولعدد آخر من المؤلفين القدامى والمعاصرين. تأليف صباح علي البياتي . منشورات المكتبة العقائدية.، مركز الأبحاث العقائدية. ص 120.
17 ـ العواصم من القواصم: 102.
19 ـ اُسد الغابة 4: 675.
20 ـ الاصابة في تمييز الصحابة 6: 321.
21 ـ بالأصل: (عتبة) خطأ. وقد مر.
22 ـ الأبيات في الأغاني ٤ / ١٧٨ بولاق والعقد الفريد ٤ / ٣٠٨ ومروج الذهب ٢ / ٣٧٠ وفيه قوله:
شهد الحطيئة يوم يلقى ربه * أن الوليد أحق بالعذر نادى وقد تمت صلاتهم * أأزيدكم؟ ثملا وما يدري ليزيدهم أخرى، ولو قبلوا * لقرنت بين الشفع والوتر حبسوا عنانك في الصلاة ولو * حلوا عنانك لم تزل تجري 
23 ـ خبر الوليد بن عقبة، وسبب عزله عن ولاية الكوفة مرا (راجع في كتابنا خبر مقتل عثمان وما نقم الناس عليه). كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٢ - الصفحة ٤٩٥.