وكالات:
مع اقتراب القمة الـ32 لجامعة الدول العربية التي تستضيفها مدينة جدة السعودية بعد غد الجمعة وتشهد حدثاً مهماً وهو عودة سوريا للحضن العربي، إضافة إلى مناقشة الحرب في السودان وغيرها عديد من ملفات وقضايا المنطقة، قال باسم العوادي المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إن بلاده تؤمن بأهمية عودة التضامن العربي للجامعة العربية، وأن تقوم الدول العربية الكبرى بدور ريادي في تحقيق مصالحات إقليمية لتنعم عموم المنطقة بالأمن والاستقرار والعمل بروح الشراكة الاقتصادية وتبادل المصالح الاقتصادية المربحة.
وعن جهود بغداد تجاه قضايا المنطقة أضاف العوداي في تصريح خاص لـ"اندبندنت عربية" أن العراق عمل على أكثر من مسار، الأول تحسين العلاقات مع المنظومة الخليجية سياسياً واقتصادياً، وهو يتحرك نحو الترابط الاستثماري معها.
وأشار إلى أن العراق شارك في تهيئة الأرضية الكاملة للحوار السعودي - الإيراني الذي أنتج الاتفاق بين الدولتين، كما وقف كركن أساسي مع سوريا وعودتها للجامعة العربية، وزود لبنان بالوقود كحاجة ملحة إلى الاستقرار الداخلي، وكذلك يتفاعل مع الأردن من كل النواحي.
حوار مصري - إيراني
ولفت العوادي إلى أن بلاده تجري وساطات لحوار مصري - إيراني، وفتح سفارات لدى أغلب دول الشمال الأفريقي العربية، كما أن علاقاته التجارية والسياسية مع تركيا وإيران لا تغيب عن عين مراقب حصيف، ويبذل جهوداً مع أجل المساهمة قدر استطاعته في المساعدة في كل الأزمات.
وقال إن الحكومة الحالية تشعر بأن الوقت حان لأن يستعيد العراق دوره الريادي، لكن ليس بطريق الزعامة السياسية بل من خلال الشراكات الاقتصادية المستدامة والمنتجة وتعزيز الروابط الثنائية في كل المجالات، وهو يسير في خطواته الأولى بهذا الطريق الذي يتطلب بناء ثقه بنهج تبادل المصالح وترسيخ مبدأ التعاون في المشتركات والتفاهم والحوار والحلول الوسط بشأن الاختلافات للوصول إلى علاقات عربية - عراقية جديدة تنفض عنها غبار الماضي المثقل بالتوجس والتنافس وتقديم السياسي الصرف على الاقتصادي الجامع، ويحاول أن يعزز هذا المسار خلال المراحل المقبلة.
ويرى العوادي أنها المرة الأولى بتاريخ المنطقة أن تسعى دولة إلى طرح مشروع من هذا النوع، إذ ستتم دعوة جيران بغداد الستة (السعودية وتركيا وإيران وسوريا والكويت والأردن)، إضافة إلى مجموعة دول الخليج، في مسعى فريد من نوعه ينتهجه رئيس الوزراء من أجل عقد شراكات جماعية استثمارية من خلال توجيه وزارة النقل دعوات إلى وزراء النقل في تلك الدول لعقد جولات حوار وتفاهم وتبادل آراء جماعي يعقبه عرض مشاركة استثمارية لمن يرغب من هذه الدول في تحويل المشروع إلى أمر واقع.
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي "لم تجرب منطقتنا بأن تعمل بصورة اقتصادية جماعية على مشروع واحد بهذا الحجم الكبير ذي الأبعاد الجيوسياسية والاقتصادية الكبرى لكل المدعوين، إذ سيكون طريق التنمية عراقي الأرض، لكنه عربي - إقليمي الخدمة والنتائج والتأثير والأرباح.
المشاركة الجماعية
وشدد العوداي على أن العراق يؤمن بأن التحرك نحو المشاركة الجماعية هو طريق جديد واسع لتبادل المصالح الجمعية بلا تهديدات وبلا استهداف أو توجيه نحو طرف ما، وأن الدول تتفهم هذا السعي نحو التحرك تجاهها بحسن نية وإتاحة فرصة لتكون كل هذه الدول مشاركة أو قريبة من المشروع (فكرة وتخطيطاً وتنفيذاً ومصالح وأرباحاً)".
وأكد أن "العراق قادر على تنفيذ الطريق لوحده بالاتفاق مع دول وشركات عالمية كبرى ليفرضه كأمر واقع على المنطقة، لكن ذلك بعيد من روح التفكير التي تناسب روح العصر ومتطلبات المرحلة وذوق الحكومة في التعاطي مع منهج الشراكات المنتجة".
ولفت إلى أن العراق يتوقع أن تساهم كل الدول التي ستتم دعوتها في إنجاح مشروع طريق التنمية ليكون اسماً على مسمى كمشروع يساعد في ترابط العلاقات والمصالح، وينعكس بالتنمية على منطقة غرب آسيا بالكامل.
استراتيجية موحدة
وفي مقالة بصحيفة "الشرق الأوسط" اليوم الأربعاء قال رئيس وزراء العراق إن الجامعة العربية تحتاج إلى استراتيجية موحدة تقرب الأواصر والأفكار بين العرب، وتحتوي الخلافات بين الأشقاء بما يحقق الهدف من ميثاقها ويعود بالنفع والسلام على الشعوب المنضوية تحت شعارها، وعليها أن تبادر إلى تفكيك الأزمات في بواكر أيامها وألا تدعها تستمر إلى نقطة اللاعودة.
وأشار السوداني إلى أن "شمل قادة العرب يلتئم في القمة العربية تحت مظلة الجامعة العربية ونحن نجتاز العواصف التي مرت بها دول المنطقة، لكننا على رغم نظرة التفاؤل التي نبني عليها مشاركتنا فإن أعيننا على أحداث السودان الشقيق، فما يجري في هذا البلد المهم يضعنا أمام امتحان مهم وسؤال جوهري عما هي واجبات الجامعة العربية عند اندلاع الأزمات؟".
وأكمل "بناء على هذا المبدأ بدأنا العمل على مشروع طريق التنمية الاستراتيجي لربط ميناء الفاو مع الحدود التركية ومنها إلى أوروبا، وتستعد بغداد إلى احتضان اجتماع يضم وزراء نقل دول مجلس التعاون الخليجي وإيران وتركيا وسوريا والأردن أواخر هذا الشهر لبحث هذا المشروع الاستراتيجي وتنفيذه لما فيه من ترسيخ لآفاق التعاون الاقتصادي الإقليمي وخدمة لمصالح هذه البلدان وشعوبها".
أشار إلى أنه "من الناحية العملية تمت الصفقة مع شركة الطاقة ’توتال إنرجيز‘ بشراكة قطرية من شأنها أن تنهي عقوداً من حرق الغاز وتوقف استيرادنا له وخسارتنا مليارات الدولارات سنوياً، فضلاً عن وقف تلويث بيئة عراقنا الحبيب، وتلك الصفقة عززناها بصفقات أخرى مثل توقيع عقود الجولة الخامسة من حقول النفط والغاز التي شاركت فيها شركة الهلال الإماراتية من أجل الارتقاء بحقول النفط والغاز، ونحن نستعد لإعلان جولات جديدة لطرح حقول ورقع استكشافية للاستثمار في قطاع الغاز".
الربط الكهربائي ومراقبة الحدود
كما لفت إلى أن هناك مشاريع للربط الكهربائي مع السعودية والأردن، وأيضاً تم توقيع بروتوكول أمني لمراقبة الحدود وتبادل المعلومات الأمنية بيننا وبين الرياض هو الأول منذ ثمانينيات القرن الماضي، "وحرصنا على زيارة الإمارات العربية الشقيقة لتأكيد أهمية تعزيز الروابط بيننا وبين إخواننا الإماراتيين وزيادة التعاون التجاري معهم، وقطعنا شوطاً كبيراً في إزالة وتصفية الملفات العالقة مع أشقائنا وجيراننا الكويتيين، ونتطلع إلى مزيد من الشراكة معهم في ملفات الأمن والطاقة".
وأشار إلى التعاون مع مصر عبر مجالات عدة، "ونحن نستعد لعقد اجتماع اللجنة المشتركة بعد زيارتنا للقاهرة التي تدل على عمق العلاقات بين بلدينا، وهي الزيارة التي جرى خلالها بحث عدد من الملفات الاقتصادية والقضايا العربية والإقليمية".
وقال إن العلاقات الدبلوماسية مع المغرب عادت إلى سابق عهدها بعد إعادة الرباط فتح سفارتها في بغداد بعد سنوات من الإغلاق، ونتطلع إلى تبادل الخبرات في ملف مكافحة التطرف والإرهاب ومجالات التعاون الاقتصادي والزراعي والمصرفي.
واختتم رئيس الوزراء العراقي أن "كل هذا التعاون الاقتصادي والسياسي والرياضي مع محيطنا العربي يدل على رغبة العراق الصادقة في الالتحام مع أشقائه العرب بما يضمن السلام والرخاء لنا جميعاً، ولشعوبنا التواقة للاستظلال بمظلة واحدة تجمعها من جديد، ومن الممكن أن تقوم الجامعة العربية بدور ريادي في خدمة شعوب هذه الدول، وهو الهدف الأساس من تأسيسها".
المصدر:independent عربية