يمر الإنسان عادةً بعد الموت بخمس مراحل عامة للتحلل، وهي: «الطازج، والانتفاخ، والاضمحلال النشط، والاضمحلال المتقدم، والجفاف». تقترن هذه المراحل بمرحلتين من التحلل الكيميائي، وهما «الانحلال الذاتي» و«التعفن». وتنهار خلال هاتين المرحلتين المكونات الرئيسية لجسد الإنسان، ضمن مدة زمنية قصيرة، ليغدو الجسد هيكلًا عظميًا. ويُستثنى من عملية التحلل هذه، جثث الأطفال حديثي الولادة الذين لم يتناولوا الطعام، نتيجة لإفتقارهم إلى النباتات الجرثومية الداخلية، والتي تُعد العامل الرئيسي في عملية التحلل.
1. مرحلة الطازج: مرحلة جديدة تبدأ على الفور بعد توقف نبضات قلب الإنسان، إذ يتوقف ضخ الدم إلى الأجزاء التي يعتمد عليها الإنسان، فيؤدي ذلك إلى تغيير لونه. تصبح الانسجة العضلية للميت غير قادرة على الاسترخاء في غضون ثلاث إلى ست ساعات، وتُعرف هذه العملية باسم «الصمل الموتى»، وهي واحدة من علامات التعرف على موت الإنسان، والذي يُسببه التغير الكيميائي في العضلات. تصل أقصى صلابة لعضلات الميت بعد 12 ساعة، ثم تتبدد تدريجيًا بين 48 إلى 60 ساعة من الوفاة. يبدأ الجسم البشري منذُ اللحظة الأولى للوفاة بفقدان الحرارة في البيئة المحيطة به، مما يؤدي إلى برودة الجسد، وتُعرف هذه العملية باسم «برودة الموت»، وتبدأ بانخفاض درجتين مئويتين خلال الساعات الأولى من الوفاة، ودرجة واحدة في كل ساعة حتى تقترب درجة حرارة الجسم إلى درجة حرارة البيئة المحيطة. وبمجرد توقف نبضات قلب الإنسان، تحدث تغيرات كيميائية داخل الجسم، تؤدي إلى تغيرات في درجة الحموضة، مما تؤثر على سلامة خلايا الميت من خلال عمل الانزيمات الخاصة بها، فيهضم انزيم عن طريق جزء آخر من الإنزيم نفسه، وتُعرف هذه العملية باسم «الانحلال الذاتي». وتقتصر التغيرات المرئية الناجمة خلال المرحلة الأولى لتحلل البشري، على ظهور البثور على سطح جلد الميت. تعمل الكائنات الحية الهوائية داخل جسد الميت على إستنزاف الأكسجين بطريقةٍ سريعةٍ، لتنتج بيئة مثالية لتكاثر الكائنات اللاهوائية، والتي تنشأ في الجهازين الهضمي والتنفسي. ثم يبدأ تحول الكربوهيدرات والدهون والبروتينات لإنتاج الأحماض العضوية: «حامض البروبيونيك وحامض اللبنيك»، والغازات «غاز الميثان وكبريتيد الهيدروجين والأمونيا». ويشار إلى عملية انتشار الجراثيم داخل جسد الميت بالتعفن، بينما تجد حشرات الذباب، وذباب اللحم، طريقها إلى الجسد لوضع البيض في المُكان المناسب. أخيرًا، يفضي جسد الميت إلى المرحلة الثانية من التحلل، والمعروفة باسم «الأنتفاخ».
2. مرحلة الأنتفاخ: تعطي مرحلة الأنتفاخ، علامة مرئية واضحة بأن الجراثيم مُستمرة بالانتشار. يحدث في هذه المرحلة، التمثيل الغذائي اللاهوائي، مما يؤدي إلى تراكم الغازات، مثل «غاز ثنائي أكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين والميثان»، داخل تجويف جسد الميت، وبالتالي تنتفخ الجثة. وينتج من تراكم هذه الغازات، سوائل طبيعية، وتسييل الأنسجة لتصبح مُزبدة. كما أن زيادة ضغط الغازات داخل جسد الميت، تدفع السوائل للخروج من أية فتحة طبيعية في الجسد، مثل الأنف والفم وهلم جره، وقدْ يؤدي تراكم الغازات مع فقدان قدرة الجلد على التماسك إلى تمزق الجسد أيضًا. تعمل البكتريا المعوية اللاهوائية على تحويل الهيموغلوبين إلى أصباغ ملونة، مثل «صبغة السلفهيموغلوبين»، والتي تُسبب الزرقة على مستويات منخفضة في جسد الميت، بينما تُساعد الغازات المتراكمة على نقل السلفهيموغلوبين إلى جميع أنحاء الجسد عبر الدورة الدموية والأنظمة اللمفاوية، لتعطي الجسد مظهرًا رخاميًا شاملًا. وفي حالة وصول الحشرات، تفقس الديدان، وتبدأ التغذية على أنسجة جسد الميت، ويقتصر عادةً عمل الديدان النشطة على الفتحات الطبيعية تحت الجلد، وتُسبب انفصال الجلد والشعر عن الجسد. وفي النهاية، يؤدي تأثير تراكم الغازات، وعمل الديدان، إلى تمزق جلد الميت، مما يسمح للغازات والسوائل بالخروج من الجثة. ويسمح تمزق الجلد أيضًا للأكسجين بالدخول إلى الجسد من جديد لتوفير المساحة السطحية المُناسبة للديدان الطائرة والكائنات الحية الدقيقة الهوائية. وتنتهي عادةً المرحلة الثانية بانبعاث روائح مميزة وقوية بفعل الغازات والسوائل الخارجة من الجثة، والمُرتبطة بالمرحلة الثالثة من التحلل والمعروفة باسم «الاضمحلال النشط».
3. مرحلة الاضمحلال النشط : تتميز مرحلة الاضمحلال النشط بخسارة أكبر عدد من الأجزاء البشرية في جثة الميت. هذه الخسارة للأجزاء البشرية ناجمة من شره الديدان في التغذية، وتطهير الجثة من تحلل السوائل في البيئة المحيطة على حد سواء. تُخلق في جميع أنحاء الجثة جُزر من التحلل لتسييل الأنسجة، وتستمر أثناء هذا الوقت انبعاث الروائح القوية. ويشير عادةً نهاية الاضمحلال النشط إلى هجرة الديدان بعيدًا عن جسد الميت لتصبح خادرة.
4. مرحلة الاضمحلال المتقدم: تفقد جثة الميت خِلال مرحلة الاضمحلال المتقدم المتبقي من مكوناتها بسهولةٍ، وكذلك تعمل الحشرات على خفض نشاطها. من الملاحظ أن الجثة ستترك أدلة على وجودها من خلال موت النباتات في المنطقة المحيطة بها، ويعزو سبب موت النباتات لزيادة الكربون والمواد الغذائية مثل «الفسفور والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنسيوم»، فضلًا عن التغيرات في درجة الحموضة، وزيادة كبيرة في نسبة النيتروجين في التربة.
5. مرحلة الجفاف: قد تنمو النباتات خِلال هذه المرحلة حول ما تبقى من جثة الميت من الجلد الجاف والغضاريف والعظام، نتيجة لإنخفاض الكربون والمواد الغذائية في التربة المحيطة بها. ويتطلب عادةً في المناخ المعتدل من أثنين إلى ثلاث أسابيع ليغدو الميت هيكلًا عظميًا، ولكن بسبب إنخفاض درجات الحرارة في السويد، ولاسيما في فصل الشتاء، فإن الجسد يُصبح هيكلًا عظميًا خلال مدة تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة أشهر. ويحدد «الجير» فى التربة مدى سرعة ذوبان الهيكل العظمي، فإذا كانت التربة غنية بالجير، فيمكن الحفاظ على العظام لآلاف السنين، وإذا كانت فقيرة بالجير فستذوب العظام في بضع سنين.