ربما تتفق جميع الاديان على قضية انتظار المُخلِّص، وهذا الانتظار مرة يعود لأمر عقائدي بشرت به الاديان السماوية واخرى غريزة فطرية تدفع الانسان الى الايمان بالمخلّص الذي سينقذه من الواقع المرير الذي يعيشه فتجده يؤمن بتلك الشخصية صاحبة القوة الخارقة والتي يأمل منها الخلاص، فلماذا ننتظر؟ وكيف ننتظر؟
لا يخفى على احدكم ان الله سبحانه وتعالى اراد للإنسان ان يتكامل بإرادته لا بالطريقة الاعجازية (إنا هديناه السبيل فإما شاكرا وإما كفورا) الانسان (٣) لذلك بعث الانبياء عليهم السلام لتهذيب هذا الانسان وتأهيله لتنجيز مشروع دولة العدل الالهي في ان يُوحَّد الله جل وعلا ويُعبَد حق عبادته، ولما لم يتحقق هذا المشروع لقصر وعي البشر ولغلبة الكافرين وتقتيلهم الانبياء والاوصياء، جاء الدور الى خاتم الانبياء والرسل والى الائمة صلوات الله عليه وعليهم اجمعين لإتمام هذا المشروع، فنحن ننتظر مشروع دأب على اتمامه جميع الانبياء والاوصياء، استشهد في سبيله الرسول الاكرم والسيدة الزهراء صلوات الله عليهما وفُلِقت من اجله هامة امير المؤمنين عليه السلام وسُمَّ الامام الحسن عليه وتبضّع جسد سيد الشهداء وقُتِّل الائمة من بعده الى ان غاب غائبهم عجل الله فرجه الشريف.
يقول الله سبحانه وتعالى (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) القصص (5) وفي قوله تعالى (بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين) هود (86) إنما تحدث عن شخصية لن يستطع الظالمون الوصول اليها وبذلك يتحقق الوعد الإلهي في وراثة الأرض وإقامة القسط والعدل، لكن بأي طريقة؟ هل بطريقة الإعجاز ام وفق السنن الطبيعية للأسباب والمسببات؟
يقول نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم (أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج) وحينما يكون الانتظار بهذه العظمة هل ننتظر انتظار العاجز ام يجب ان يكون انتظارا إيجابيا عمليا؟ يقول الإمام الصادق عليه السلام (من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدوا وانتظروا، هنيئا لكم أيتها العصابة المرحومة) غيبة النعماني ص(٢٠٥) اذن انتظار الخلاص وان كان مشروعا لكن الفوز والكرامة لمن ينتخب له طريقا يحاط بلطف وعناية ورضا صاحب الزمان صلوات الله عليه أساسه العمل والإعداد والاستعداد والتمهيد لذلك اليوم الذي يتكحل فيه ناظرنا برؤية تلك الطلعة الرشيدة.
خلاصة القول ان انتظار المُخلِّص له استحقاقات موضوعية عملية، نعم إقامة دولة العدل الإلهي ستكون ثمرة جهود جميع الانبياء والاوصياء لكن لا علاقة للإعجاز فيها لا من قريب ولا من بعيد اللهم الا في إقامة الدليل على ان مشروع الامام عليه السلام مرتبط بالسماء، اما تغيير إرادة الانسان بصورة قسرية لا وجود له، هنا تأتي أهمية التمهيد العملي الذي تنتفي فيه أسباب الغيبة والا لم يغب الامام صلوات الله عليه الا لقلة الاعوان.