محيطي ليس مهدوياً، ماذا اصنع? /منار العامري

السبت - 28/05/2022 - 10:58
محيطي ليس مهدوياً، ماذا اصنع?  /منار العامري


الانسان بطبيعته ينتمي الى بيئته المحيطة به، وكلما كان التشابه بينه وبينه ذلك المحيط اكبر، كلما كان شعوره بالاندماج والارتياح في محيطه اكبر.
فهو يأنس بمن يماثله او يشابهه ولولا ذلك لما سُمي انساناً، انما اشتُقّت كلمة انسان من الاُنس، ونرى ذلك جلياً عند تفحّصِنا للمجتمعات حيث نجد ان افرادها يشتركون في صفات او عادات او اخلاقيات او توجهات معينة وهي التي جمعتهم، وذلك لا يعني اننا لن نجد اشخاصاً مختلفين عنهم في داخل اوساطهم، ولكن من كانت صفته او طبيعته مختلفة عنهم ربما سيكون في حالة من الانزواء والانعزال وعدم الاندماج.

اريد ان اتوغل قليلاً وأسطر بعض الكلمات الى من يعانون من تواجدهم في بيئة غير مهدوية، لتكون لهم كالومضات في الظلام  لعلها تنفعهم.

ايها النادرون هل تعلمون انكم محظوظون؟
نعم محظوظون، لانكم  وُجِدتم بين اناس لا تشبهونهم وربما ظننتم انكم تُعساء، والحال انكم سُعداء لأنكم شابهتم الانبياء!

النبي يغرسه الله تعالى في بيئةٍ طبيعتها الفكرية مخالفة تماما لما يحمله من رسالة لهم، ولكن الجميل في الامر ان ثمار دعوة ذلك النبي في رحِم ذلك المجتمع المخالف تكون ألذّ لأن الرسوخ العقائدي يكون اقوى.
رسالتي للمهدوي الذي يعاني من عائلته او اصدقائه او محيطه وبيئته لو كانوا على غير هواه وليس لديهم اهتماماً بالقضية المهدوية، فماذا يصنع؟

لو قال بأنه مُحبَط ولا يستطيع التأثير في من حوله، سنقول له بأن المؤمن نور والنور يؤثر ولا يتأثر!
بإمكانه ان يكون صاحب رسالة وعليه ان يؤديها على اكمل وجه تجاه بيئته، لِما لا يجرّب ان يكون كالانبياء ولكن من غير نبوّة؟! 
النبي يختاره الله لهداية الناس، فليكرس هذا المهدوي نفسه ليكون ايضاً هادياً للناس.

إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وُجد في اصعب بيئةٍ واكثرها مخالفةً لمشروعه الرسالي الذي جاء به، ولكنه رغم ذلك صَنع من عدة افراد في بداية دعوته، ملاييناً من المسلمين في ارجاء المعمورة، وسيكمل حفيدُه المنتظَر (عجل الله فرجه الشريف) ما جاء به جده فسيظهر في مكة وسيجدد دين جده وسيواجه اعتى الطغاة واقوى الجيوش، وما بين رحمته بالمستضعفين ونقمته على المتجبرين سينشر نور الله الذي أبى الله (عزّ وجل) الا ان يتمّه.

يا ايها المهدوي ويا ايتها المهدوية كونوا انبياء من غير نبوة واجعلوا من نقطة الضعف هذه، فرصة للارتقاء الى نيل رضا المعبود عز وجل.
ابذروا بِذاركم واسعوا سعيكم وابذلوا جهدكم في سبيل ايصال قضية امامنا المظلوم الغائب بأبي وامي، فلابد ان تأتي يوماً ما غيمة ماطرة لتصب عصارتها على بذوركم فتنمو براعم جهودكم وتورق اغصان صبركم وجهادكم، لتظلل افياء شجرتكم على صحراء قلوب الناس فيدخل المزيد منهم ضمن دائرة انصار الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف، وإذا بكم تنظرون نِتاج عملكم في تلك البيئة او العائلة الصغيرة غير المهدوية قد تعاظَم  وانتشر حتى انتقلت تلك العدوى الجميلة من واحد لآخر، وما اجمل العدوى المهدوية!
اوصي نفسي واوصيكم بالثبات وعدم الاطمئنان فالامر رغم جماله لا يخلو من خطورة زلة القدم بعد ثبوتها فالغربال جارٍ على قدم وساق وبأقصى سرعته فحذار ان نكون من الساقطين في الغربلة، وحذارِ من ألاعيب الشيطان ومكره الذي يدخل الينا من باب اليأس والإحباط لئلّا نستمر بالدعوة المهدوية.