دمعة رثاء أخير لزقورة أور والراحل عبد الأمير الحمداني / نعيم عبد مهلهل

الجمعة - 29/04/2022 - 12:42
دمعة رثاء أخير لزقورة أور والراحل عبد الأمير الحمداني / نعيم عبد مهلهل

 

1
تعودت أور أن  تودع شبابها من جنود المعارك ، تودع نخيلها من خراب العطش ، تودع زهورها من جحيل الخريف ، تودع آبائنا من سعال الزمان ، لكن نادرا ما تودع آثاريا يرحل في صمت المحنة ، أنها تجلبه الى جنائنها ولا تدعه يرحل ، لكن رحيلك يا ابا حيدر شذ عن قاعدة الحنين في أساطير أور عندما تذهب مبكرا وكل سلالم الزقورة تحتاجك .
مات عبد الأمير الحمداني .
مات قارئ حروف المسمار وأساطير أشعار أنخيدوانا وشولكي وملايات مراثي الحسين
مات السومري والمؤدلج بالابتسامة والرقة والهدوء وأغاني الحنين..
آه يا صاحبي ..
حجر من مقام النبي أبراهيم 
سيحرك عاطفة الشوق اليك من الأهوار وحتى فلسطين

2
تعودت أور ، ولكن معك يختلف الأمر يا أبا حيدر . لقد كنت من مشاوير اسرارها في تلول وأختام وطلاسم الأثر.
طيب ، هادئ ، وعميق مثل صمت العصافير وصوت المطر.
غير أن الأله أراد المشيئة دمعا وأرجوحة عيد وقلب من النحيب حزنه انفطر .
ففي الوداع اليك مرؤة التي سكنتك .
صديقا
وحارس للأثر 
وزيرا 
وأكاديميا
منقبا 
ومرغما ان تحمل حقائب السفر
وصوتك من نيويورك حتى نهر الراين
يهاتفني كل ليلة لنستعيد وجوه الأصدقاء وزمان الوصل في مدينة القمر
والآن لا عبد الأمير في صباحات معابد الوركاء
ولا مشاحيف أحلامك في سلالات الاهوار
لا عند لكش ولا عند تل العبيد ولا عند لارسا
كل الأمكنة تفتقدك يا عبد الأمير
هذا الفقدان الذي يشبه نواح الأمهات في مضارب آل بو حمدان.
وداعا سترددها أور .
أيها العاطفي رقيق القلب ودمث الخلق وجميل الابتسامة
نحن جنود فنتازياتك المكتوبة أناشيد غرام من عهد شبعاد وحتى مكتب امير دوشي وهو يكتب مثلي رثائه المر اليك
ياسادن معبد ذكرياتنا..
عراق من الطين انت 
من اللازورد 
من خزف جرة الماء وتمثال اله سومري
من جلطة الدماغ
من دمعة اخر زيارة لي عند صمتك وذهولك ونظرتك الباكية
آه يا صديقي
هذا رثاء الأصدقاء تفضله غربتي ليكون اخر رسالة ود الى نعش يوثق بالدموع نحيب الحجر.

3
مات عبد الأمير الحمداني .
صديقي المميز في رقة البوح 
ناصح وعالم وحمامة فوق المعابد .
منذ عهد التنقيب وحتى عهد أباطرة القيمر
كنت وفيا الى كل نخلة وعقد أميرة وآنية وتمثال ملك قلبه  ونظرته قيثارة لوتر
يعزف كل يوم أغاني الصيادين وجنود الحرب ومعلمي السبورات وحافلات السفر
تحمل النعش ..
الذي عطره لن يندثر
حيث كل المسافات تقترب الآن 
حنين الصداقة والمواويل فيها محطات سنين وعمر.
آه يا صاحبي ..
ما عرفنا بأن الآلهة ترضى ان يموت صديقها وحارس الأثر

4
أبو حيدر ..
وداعا ، ولن يشح الوداع . لأنك أغنيته المفضلة
صديقي وصديق الجميع .
والمميز في هدوء العبارة.
الزقورة تبكي . وصوت رحيلك في اشتعال السيكاره
هذا الآثاري الطيب رحل 
مروءته
ونجمته 
ولقيته 
وأيقونته
وطلسمه 
وناصريته
كلها مع نعشه في انهمار الغيوم نحيبا على الفتى الطيب ( عبد الأمير الحمداني )
رجل المحبة والدموع واللقاء المؤجل في خبايا القدر.

فوبرتال الألمانية في 29 أبريل 2022