البُطولةُ عُنْوانٌ جامعٌ لِلْوِلاداتِ الشَّعْبانِيَّةِ / زعيم الخيرالله

الاثنين - 07/03/2022 - 22:15
البُطولةُ عُنْوانٌ جامعٌ لِلْوِلاداتِ الشَّعْبانِيَّةِ  / زعيم الخيرالله


في ميلادِ الامامِ الحسين (ع) ، وميلاد ابي الفضل العباس(ع) ، وميلاد الامام زين العابدين وسيد الساجِدينَ .........لايستطيعُ المرءُ أَنْ يَستوعبَ هؤلاءِ الكبار في مقالٍ أَو حديثٍ عابرٍ ، ولكن يمكنُ أَنْ نَجْمَعَ هؤلاءِ العظامِ تحتَ عُنْوانٍ جامِعٍ ، هو عنوانُ البُطولَةِ . 
وقد يَسْأَلُ سائِلٌ ، لماذا أَدرجتَ زينَ العابِدينَ في موكبِ الأَبطالِ ، وهو لم يَضْرِبْ بسيفٍ ولمْ يطعَنْ بِرِمْحٍ ؟ والجوابُ على هذا السؤال ، هوَ أَنَّ البُطُولَةَ لايُمكِنُ اختِزالُها في ميدانِ الحُروبِ ، والضربِ بالسيوفِ والطَّعْنِ بالرِماحِ ، فللبُطُولَةِ مجالاتٌ متَعَدِدَةٌ ، قد تكونُ البطولَةُ في ميدانٍ اجتماعي ، وقد تكون في ميدانٍ اقتصادي ، فيوسُفُ(ع) كانَ بطلاً في هذا الميدان اذ واجهت مصرُ أزْمَةٌ خانِقَةٌ ، وفي هذا الظرفُ الاستثنائيُّ برزَ البطلُ ، نَبِيُّ اللهِ يوسُفَ (ع) وقدمَ خُطَّةً سُباعِيَّةً أَنقَذَتْ مصرَ من الجفافِ ومن كلِّ أَزَماتِها الخانِقَةِ . البَطَلُ هو الْشَخصُ الاستثنائيُّ الذي يتقدمُ الصفوفَ في الازَماتِ ويُقَدِّمُ الحَلَّ .
كلُّ الأُمَمِ لَدَيْها -في تأريخِها- أَبطالٌ يُشَكِّلُونَ رَصِيدِها الحقيقيَّ ، وانْ لمْ يَكُنْ للأُمَّةِ أَبْطالٌ ؛ فَسَتَخْتَرِعُ لَها أَبطالاً ، تخلُقُ لها أَبطالاً أُسطوريينَ ؛ أَيْ أَنَّ البُطُولَةَ حاجَةٌ ماسَّةٌ ؛ اذ لايمكِنُ للأُمَّةِ أَنْ تعيشَ من دون أَبطال ؛ فإنْ لَمْ يكونوا أَبطالاً حقيقينَ فسَتَصْنَعُ لها أَبطالاً اسطوريين لاواقعَ لهم . هناكَ أبطالٌ حقيقيونَ ابرَزَتْهُم الظروفُ الاستثنائِيَّةُ ، وهناك ابطالٌ اسطورِيُّونَ صَنَعَهُمْ الخَيالُ الانسانيُّ ، وهناكَ أَبطالٌ مُزَيَّفُونَ صًنَعَهُم الزَّيفُ الإنسانِيُّ ، اذ أَنَّهُم لم يكونوا أَبطالاً ولاعلاقةَ لَهُم بالبطولةِ من قريبٍ أَو بَعيدٍ ولكنَّ الزيفَ الانسانيَّ أَضفى عليهم صفاتٍ لايستحقونها . كإضفاءِ الانسانِ على الطغاةِ والمجرمين لقبَ الأَبطالِ . والبُطُولَةُ لها ميادينُ مختلِفَةٌ ، ومَجالاتٌ مُتَعَدِدَةٌ ، فهناك بطولَة في ميادينِ الصَّبرِ جَسَّدَها امير المؤمنينَ عليٌّ (ع) بقوله ? فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا) . فهو (ع) رأى أَن الصبرَ هو الاحجى اي: الموافق للعقل . وهذه بطولةٌ في ميدانِ الصَّبر ؛ لانَّ علياَ (ع) الممتلئ قوةً وشجاعةً يصبر رغم مرارةِ الصَّبرِ ، فهذهِ بُطُولَةٌ أَعظمُ من البطولةِ في ميدانِ الحَربِ وضرابِ السيوف وطعن الرماحِ .
ونأتي الى ابطالِ كربلاءَ الذين جَسَّدوا البُطُولَةَ بكلِّ معانيها ، فكربلاءُ لها فصلان : فصلُ الشَّهادةِ والدماءِ الحمراءِ التي صبغتْ أَرضَ كربلاء . الامةُ حينما عاشتْ ظُروفَ القمعِ والقَهرِ والاستبداد برزَ الامامُ الحسينُ الرَّجُلُ الاستثنائيُّ الذي قالَ قولتَهُ وبّذّلَ مُهْجَتَهُ وقَدَّمَ كُلَّ مايملِكُ من اجل الله ، واستعادَةِ الأُمَّةِ لحريتِها وعِزَتِها ، وهكذا فعلَ ابو الفضلِ العباس (ع) . 
أَمّا الفصلُ الثاني من كربلاء فقد نهضَ بأعبائِهِ الامامُ زين العابدين (ع) ، والسيدة زينب (ع) ، وعقائل النُّبُوَّةِ ، ومُخَدَّراتِ الرسالة . فالكلماتُ التي اطلقها الامام زينُ العابدين في مجلس ابن زياد وفي مجلسِ يزيد كانَ وقعها على الطغاةِ اشدُ من وقع السيوفِ وطعنِ الاسنَّةِ ، وكذلك مافعلتُهُ السيدة زينب عقيلة بني هاشم و بنات رسول الله(ص) ، فهذه بطولةٌ في ميدانِ الكلمة وايصال صوت الثورة الى كلِّ العالم وعبر الزمان والمكان ، ولولا هذا النوع من البطولة لضاعت الثورةُ وأَنطفأَتْ اهدافُهُا بفعل الاعلام الامويُّ المضلل الذي وصف قادة الثورة بانها خوارج خرجوا على حكومة يزيد الشَّرعِيَّةِ بزعمهم . وفي الختام اهنيكم بهذه الولادات المباركة ، واسأل اللهَ تعالى أن يرزقنا شفاعة هؤلاء الابطال في الدار الاخرة.