حوار مع الكاتب الباحث مجاهد منعثر منشد الخفاجي /حاوره: علي حسين الخباز

الثلاثاء - 04/01/2022 - 09:33
حوار مع الكاتب الباحث مجاهد منعثر منشد الخفاجي   /حاوره: علي حسين الخباز


كل كاتب لابد أن يبدأ من قاعدة جذرية قويّة ليعلو البنيان الى حيث الفكر، وضيفنا الكاتب الباحث مجاهد منعثر الخفاجي، درس على يد شيوخ وأساتذة كبار منهم: الشيخ محمد حسن آل ياسين، والأستاذ الدكتور هادي عطية الهلالي أستاذ لغة عربية وعلوم القرآن الكريم، والأستاذ الدكتور موسى بنان (رحمهم الله)، فكتب البحوث والمؤلفات وأبدع في كتابة المقال.
أول كتاب أصدره في فضل العلم والعلماء، ونشره بخط اليد ووزع على المراجع عام (1998م)، وكتب مذكرات مجاهد الخفاجي عن رئيس قبيلة خفاجة وأسرته في العراق، انتشر في عام (2005م) وكتب عنه محمد عبد المنعم الخفاجي عميد جامعة عين شمس أول بحث عن قبيلة خفاجة يوضع في جامعة عين شمس، حاورته صدى الروضتين؛ لتكشف بعض سمات هذا الإبداع:
- باحث إسلامي واسع النطاق، وصاحب تجربة فكرية، يوقف أدبه الابداعي لعشيرته؟
يتطلب من الباحث أن يكون متنوع الكتابة، ويمتلك سعة أفق، فهو أديب ومؤلف وباحث وأكاديمي، ومن الممكن أن يتنوع، وهذا التنوع هو بعض سمات عملي، فأنا باحث في علم الأنساب، وعضو في الهيئة العليا لتحقيق وكتابة أنساب القبائل والعشائر.
وعملنا عمل هيأة أكاديمية لا نستخرج عمودًا نسبيًّا إلا بعد ثلاثة أشهر من دراسة المصادر، والنسابة هي ثقافة عربية، وقد أنجزت تحقيق عمود نسب خفاجة في الأرجوزة الخفاجية، ومجلد مطبوع عن مسجد الكوفة، والمختار الثقفي صاحب مبدأ وعشيرة، وخلافة الامام علي (عليه السلام) في الكوفة، والحركات السياسية والقاعدة العلمية في الكوفة، ودرر عن الامام الحسن (عليه السلام)، وكتاب عن الإمام الهادي (عليه السلام)، ومباحث أخرى مثل اختيار العاصمة الكوفة الحمراء، ولديّ كتاب أدبي، وكتاب تعليمي. وروية مقاتل في التأويل وعلى التنزيل .
- بعد (2003م) أصبح باب النشر مفتوحًا على جميع المستويات، والكتابة أصبحت انفلاتية دون رقابة فنية، لهذا أصبحتَ أنت وبعض الكتّاب تمثلون الندرة، كيف تكتب؟ وماذا ستكتب؟ وأمامك جيل طليق الجناح، مهمّش، وهو بدوره يُهمّش التاريخ، بمعنى اننا بحاجة الى تحصين ابداعي يحافظ على القيمة الابداعية؟
الدول العربية اليوم تعالج مشاكلها عن طريق الأدب، نحن بعيدون عن الادب، لننظر الى كتابة القصة القصيرة، عبارة عن سطرين أو ثلاثة مع مغزى عميق، أرى للأسف انتشار فكرة الالحاد، أدباء القصة القصيرة استعانوا بالإلحاد للشهرة وتمشية الحال!
ذات يوم، وفي طريق عابر، جرى نقاش بيني وبين فتاة جامعية عن الحقيقة ووجود الله سبحانه تعالى، وهي تنكر وجوده، وإذا بحادث طريق تصرخ مستنجدة بالله سبحانه تعالى، سألتها حينها: أين كانت عنك الطبيعة؟ ملحد يوزع ثوابًا لروح أبيه!
القضية الآن قضية: كيف استغلوا الابداع لصالح التنظير الالحادي؟ اذن، القضية منظمة ومفبركة، تريد انتزاع الشعوب الاسلامية والعربية من الاعتقاد بالله والايمان به.
هناك روايات مترجمة من الادب العالمي كنت أكتب عنها رؤى انطباعية، كتبت كثيرًا عن روايات سياسية لصالح توعية ناسنا واقناعهم بأن الالحاد انطلق أساسًا من الفكر الأوربي. 
- والتحصين كيف نعالج ضعفه، ونجعله قادرًا على التفاعل مع القضايا المصيرية للإنسانية، والاحتفاظ بالجوهر الوجداني؟
يتشعب الجواب الى العديد من المواضيع، لابد للكاتب والمثقف أن يكون أهمّ تلك المحصنات، لكن هذا المحصّن الانساني المفكر، هو بلا حاضنة، ومواقعنا إمّا علمانية صرفة أو إسلامية صرفة، ليس هناك فكر وسطي يفاعل الفكرين، على الصحف العلمانية مثلًا أن تحافظ على متلقيها، وتحترم الشعب، ولا تنشر الصور غير المحتشمة التي تملأ الصحف، ونحن لدينا عوائل وشباب في دور المراهقة.
وعلى الصحف الاسلامية أن تفتح ابواب الطبع للمواضيع المتزنة، يقول احد العلماء المفكرين: نحن نتحمل جزءًا من القصور في قضية موجة الالحاد! اقول: ربما اصاب هذا المفكر، لكن الواقع اننا بقينا العمر كله نبحث عن محصن حياتي، حكمتنا طواغيت، وما زالت ذيولهم تفتك وتقتل والهجمة شرسة. 
- ما هو دورنا، ونحن في كل كلمة نجد أمامنا عصابات حشد الكتروني متخندقة؟ 
علينا أن نستقطب وعي الناس، ونكتب ما يمليه الضمير، علينا أن ننتشر عبر جميع الوسائط الاعلامية، واستثمار ميل الناس الى الأدب، وهكذا كانت تفعل الثورات الكبيرة لتنهض، ثورة العشرين كانت أدبية، بالأدب وازنت الناس ورتبت انفعالاتها، والكاتب عندنا هو فيلسوف ومفكر، قادر على احتواء المجتمع بمختلف الانتماءات الفكرية، لكني أحدثك عن اديب يعرفه العالم، ويجهله ناسه، الكتابات الصادقة هي الخلاص؛ لكونها كسبت ثقة المتلقي الجمعي. 
- والفوضى العارمة كيف نعالجها؟
أنا أتكلم عن الأدب المتزن، الأدب اذا تطوق بالسياسة ومصالح الحكومة لا يكون أدبًا، الأديب هو نبراس الحرية، نحن اليوم أمام موجة انفلاتية تحتاج الى رقابة منضبطة، ورقابة فنية ثقافية مبدعة.
الفوضوية في النشر تربك الثقافة نفسها، وتجعلها عاجزة عن تحقيق منجزها، نحن لا نريد أدبًا من أجل الأدب فقط، نريد أدبًا مفكرًا يعالج لنا مشاكلنا، الرواية الواقعية أقرب للناس من الخيالية وإن أبدعت الأخيرة. 
- الاعلام خدم هذا المفكر بشيء؟
سأقول لك حكمتي بعيدًا عن ظرفية وجودي بينكم، إعلام العتبات المقدسة صنع حراكًا ثقافيًّا فكريًّا، واشتغل على جميع المجالات: مسرح، بحث، شعر، وهو الجهة الداعمة لمسيرة الأدب، هذا الاعلام قادر على صناعة أديب، والثقافة الاسلامية فاجأت الثقافة العلمانية بما تمتلك من ثقافة عالية.
ولو نظرنا الى اتحاد الأدباء، فهو يريد أن يعمل لكنه بلا واقعية تفهم ظرف الأديب، الانتماء الى هوية الأدباء يحتاج الى طبع كتابين، لذا فالأديب الفقير لا يشفع له كل إبداعه، ولا نتاجه المنشور في الصحف العراقية والعربية والعالم. 
وفي الختام، محبتي وسلامي الى جميع العاملين في الاعلام الجاد الملتزم.