زرت وطني الحبيب , وانا امني النفس بمشاهدة صور التغيير التي تنادي بها جميع الاحزاب في العراق ,عبر شعاراتها .. ومن خلال مسؤوليها الذين لا يتركون فرصة , الا وتغنوا بمعزوفة الاصلاح والتغيير .ومع اني اقيم في الولايات المتحدة الامريكية , الا ان العراق يعيش بين جوانحي ازوره بين الفينة والاخرى , لالتقي باهلي واحبائي واسترجع الايام الخوالي من صباي . وفي كل مرة , اتمنى ان اجد اثرا يدل على صدق الادعاءات بالتغيير, حتى ولو كان بسيطا .. وما ان حطت الطائرة في مطار بغداد الدولي , حتى انتابني شعورا غريبا , من الشوق والرغبة باحتضان الوطن وتقبيله وان ابكي بين يديه , واشكي له ما يعانيه المغترب من شوق وحنين , لوطن , يدفع بابنائه الى النزوح والهجرة , كلما اقتربوا منه وبكوا بين احظانه .. المهم انني وصلت واكملت الاجراءات ولم يبقى غير استلام الحقائب . . واذا باخوة يقتربوا مني ويسلموا علي ويسالوني اذا ما كنت احتاج الى سيارة تقلني الى البيت ويطالبون باجور عالية باعتبارهم اول الواصلين الى الضحية . فاندهشت لتواجدهم في مكان , يسرحون به ويمرحون وكانهم اصحاب الدار . سالتهم : هل انتم تابعون الى شركة نقل رسمية ؟. فاجابوا بالنفي , فخفت منهم ورفضت
عرضهم , واندهشت من وجودهم في مكان يخترق الحواجز الامنية في المطار , ويجعلهم في مكان ملائم لتصيد المسافرين . تقدمت لاسال احد الاخوة , وهو ضابط في المطار , حييته وسالته :
عن الاخوة [ السواق ] الذين لا يزالون داخل المطار , وقلت له : انا مسافر واحتاج الى سيارة تقلني الى البيت, وتابعة لشركة رسمية كي اطمئن الى الوصول الى اهلي بسلام , والاخوة يقولون : نحن لا ننتمي لشركة بل نعمل لصالحنا . فهل هم معرفون من قبلكم ؟ وهل السفر بمعيتهم مؤمن ؟ فاجاب : بان الشركة الرسمية للنقل , خارج المطار وهؤولاء [ السواق ]يعملون لصالحهم . فقلت : كيف تسمحون لهم بالدخول الى نقطة مهمة من المطار , بينما الشركة الرسمية والمعتمدة , خارج الابواب ولا تسمحوا لسواقها بالدخول ؟ فقال : [ والله ما ادري ياهو السامح الذوله بالدخول وهمه مو رسميين , المهم هذا مو شغلي حبيبي ] قالها وذهب . فعلمت حينها ان الفوضى لا تزال سيدة الموقف , وان الامر يسير من سيء الى اسوأ , وان الاصلاح الذي نحلم به , ان هو الا اضغاث احلام , وليس له اي اثر في واقع الحال .. وانا هنا اتحدث عن المطار فقط , الذي يمثل صورة البلد
ويعكس وجهها الحضاري؛ والعالم المتحضر يهتم كثيراً بالمطارات ويحرص على السيطرة على كل صغيرة وكبيرة داخل هذا المرفق الحيوي، ليس فقط على مستوى تحديث المباني وتزويدها بالخدمات التقنية وتوفير المزيد من الأسواق الحرة والمحال التجارية المتنوعة والكافيهات والمطاعم وغيرها، بل يمتد الأمر إلى السلوك المتحضر مع المسافرين، والتعامل بصورة راقية مع كل قادم ومغادر؛ وذلك لإعطاء صورة حسنة وانطباع جيد عن البلد الذي يقصده المسافرون.
إن من المؤسف والمُستغرب في آن، بقاء الوضع على حاله في مطار بغداد الدولي، الذي تطور شكلا وتأخر مضموناً، فلا توجد كوادر مؤهلة بصورة تجعل التعامل راقياً والسلوك حضاريا في المرفق الجوي، الذي أصبح التعامل فيه منفرا، حيث يلاحظ غياب الكثير من السلوكيات الحضارية، وأبرزها وأبسطها الابتسامة في وجوه القادمين والمغادرين، والحوار القائم على التفاهم والمودة والرقي لدى إنهاء إجراءات القدوم والمغادرة، وما بينهما من خطوات يجب أن تكون مملوءة بالتعامل الحسن لحين الدخول أو الخروج من المطار.ويفترض بجميع الموظفين , في الشفت النهاري والليلي , ان يبقوا مستعدين للقيام بواجبهم المهني , وان يحافظوا على قيافتهم الرسمية.. وللاسف وجدنا من يرتدي [ النعال ] داخل الصالة وكانه في سوق " مريدي " بحجة ان الدوام الرسمي انتهى وعليه ان ياخذ قسطا من الراحة .. وهذا الامر شاهدته بام عيني .. اما الطبابة , فقد طرقت بابها بعد ان شعرت بالم , فلم اجد احدا , وانتظرت كثيرا واضطررت الى الدخول الى الصالة بعد ان تيقنت بعدم وجود , من يهتم بالمرضى .. اما التواليت " الذي يمثل سلوكا حضاريا لضمان صحة المجتمع , فهو في حالة بائسة ويشكو اهمالا واضحا في جميع محتوياته .
فابواب الكثير منها معطلة ويصعب اقفالها , والنظافة ليس لها اي علاقة بذالك المكان الحيوي , في زمن كورونا , التي تولي الدول اهتماما خاصا بنظافة تلك المرافق المهمة . حرصا على سلامة المسافرين . يقول هندريك داي , عالم الاثار في جامعة " هانتر " في نيويورك : [ دورات المياه لا تخبرنا فقط عن اين وكيف يقضىون الناس حاجاتهم , بل لها تاريخ سري اذ تستطيع ان تتعرف على ازدهار المجتمع , ومدى توفير سبل الراحة اليومية للمواطنين عن طريق تكنولوجيا "التواليت" التي استخدموها ]. وللاسف وجدناها في مطار بغداد الدولي , على اسوأ حال , ابواب البعض منها معطلة تماما , و يجب على المسافر الذي يسخدمها , ان يدفع الباب من الداخل ليتمكن من غلقه , ويبقى ممسكا به بيد ويستخدم اليد الثانية للانتهاء من " حاجته " وكي لا يفاجأ بدخول زائر عليه فيفتضح امره , علما ان اصلاح الابواب لا يكلف شيئا في ظل الارباح الهائلة لشركة النقل , وهذه" التواليت " تقع قرب السيارات التي تقل المسافرين الى داخل الصالة ,وهي تقع ضمن حدود المطارومخصصة للمسافرين حصرا . لكن الاستخفاف بالمسافرين وعدم المسؤولية واطمئنان المسؤول ,على ان المحاسبة ليس في وارد الحصول, والاستهتار بسمعة العراق , كلها اسباب منطقية تدفع المسؤولين في المطار الى العبث بسمعة البلد .. للاسف نقولها بصوت عال , ان الاوضاع في العراق لا تبشر بخير , الوطن يئن والشعب يعاني كثيرا والاوضاع لا تسر الصديق والاهمال سيد الموقف والغش والكذب , صفات شائعة اليوم في وطني , وان بوادر الاصلاح , ما هي الا سيناريوهات للاستهلاك المحلي , تستخدم وقت الانتخابات لكسب الناخب العراقي الذي " فقد الخيط والعصفور "