يمكننا غسل أثوابنا في كل وقت , لكن لا يتمكن جميع البشر من غسل الضمير عما ارتكب من درن الخطايا المتعمدة.
جراح صنعناها بأنفسنا ومزقنا وسادتها الناعمة بإرادتنا, هذه الجراح من المستحيل تضميدها حيث لا تلتئم أبدا.
قتلت فينا صوت الحق بالمكر والكيد والخديعة وما أيسر ما فعلنا ونفعل بضمير مستتر .
نبرر تأنيب أفعالنا بحجة واهية ونحبس أنفاس الضمير لنخرج من الإنسانية إلى الحيوانية كخروج السمكة على حافة الماء, فهل ياترى نستطيع الدخول للإنسانية مرة أخرى؟
من المؤكد أن الضمير الحي لا يخشى من يطرق بابه منتصف الليل.
لم لا يسأل الإنسان نفسه: كم مرة علقت الشعرة الإلهية التي تضيء القلوب على الشماعة وظلمت, اغتصبت, وشيت بالآخرين؟
العين تنطق والأفواه صامتة, ربما ينجو الشرير من عقاب القانون وفضيحة العار , لكن عند اقتراب الأجل يأتيه العقاب الأولي بالقهر ثم يدخل النار .
هل زارك ذلك الصوت الخافت ليدوي في افكارك ويقلبك في مضجعك وهداك من القلب تبيانا؟
أصنت حقوق الله والناس وحرست الأعمال من دواعي التفريط والإهمال.
بعد أن يمضي العمر نلاحظ غض النظر عن بعض الموبقات الكبيرة وتناسيها, لتعود علينا في شريط الذكريات المؤلمة ونتمنى عودة الزمان لتختطف جوارحنا الحكمة ولا نقدم على الأفعال الشريرة التي تسببت في إطفاء الومضة النورانية في القلب .
وتأخذنا الأماني لو نحيا من جديد بعقليتنا بعد أن شارفنا على الانهيار , لا تنفع الأماني ولا الهروب أو الانعزال في سبيل إيقاف دوي الأفكار , لكنّا كأصداف هشّة على شاطئٍ غدره الليل بجَزْرٍ عتيد.
اين كنا ولم ننهض لكي لا ترتطم نجوم سقوفنا العالية بالأرض؟
ألا نعلم قتلنا في صمود الحياة بتوقف عملية شهيقٌ وزفيرٌ, ألا نرى بأم أعيننا تساقط الأقران والأقرباء كزخات مطر . تتقلب الحياة أمامنا كل لحظة, ذاك يرحل برصاصة توخز أحشاءه , أخر برفة قلب تمرّدَت على الانتظام , غيره بتخثّر قطرة دمٍ لم تحتمل الخذلان, آخرين بجائحة ولنا في الجائحات دروس. ومع رحيل كل فرد تخور قوانا في لحظة ويبقى جاهنا ممنوعًا من الصرف.
حاجتنا إلى تغيير أنفسنا بعد معرفتها بإشعال ظلمة القلب بالنور الإلهي لتتوقد الأولى وتصلح المعوج مما مضى قبل فوات الأوان .