كلما رأيته يردد حكمة (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً) ، تيقنت أنه متمسك بالمقطع الأول فقط من الحكمة مما أدهشني ! صمتي الدائم عما تتحرك به شفتاه, أثار حفيظته؛ ولا أعلم إن كان يريدني أن أردد كالببغاء مثله أو ينتظر أجابتي , يحدق بعينيه الخضراوتين اللتين تشبهان خضرة الزرع إلى صدري محاولا اختراقه؛ ليرى تأثيرحكمته, صممت على أجابته، كلما التقيته لا أجد عنده تحلل قيود المادة في المقطع الثاني من الحكمة حتى في دور العبادة .
بعد سكوتي ولعدة شهور علمت طغيانه وبغيه وظلمه , و الجشع يملآ صدره, يهوى كسر القلوب.
كنت أتعامل معه بالظواهر، شاء القدر أن أرى حقيقته, تذكرت تلك الصبية الصغيرة يتيمة الأبوين ودموعها تسيل من عينيها السوداوتين على خديها تجر أذيالها على خيبتها في شريك أبيها , عندما ساومها بالزواج مقابل إعطائها حقها من مال أبيها ,قررت فراقه و مساعدة اليتيمة قبل أن تقع أسيرة في شباكه.
بعد عشر سنين رن جوالي برقم غريب , فكان يريد استشارة بأسلوبه القبيح ويلهج بالحكمة ذاتها أثناء الحديث , , مازال غير متعلم لا من خرير نهر ولا من حفيف أوراق الغصون ,رددت سريعا: أنت أشقى الناس، تمنيت أن تكون حياتك كالغيوم, تتساقط قطرات مطر في الأنهار لتعود إلى البحر، رد بصوت لا يعرف الخجل :ـ يا أخي بسم صلاتنا سوية طلبت نصيحتك، أردفت :المشكلة أكلنا الزاد والملح معا, فإياك أعني ونفسي: ضع السكر لمن أسقيته كأس مر.