في سوق الصفاة القديم وهو احد اسواق مدينة الناصرية الشعبية..وقفت سيدة ريفية تتشح بالسواد وتجادل احد الباعة ..ولفت أسماع المارة انها كررت مرات بالحلف بالسيد (صرو ط)... وأغضبني تندر البعض وجهلهم بهذة الشخصية الاهوارية المعتبرة ..ولذا كان لزاما أن نبين من هو سيد الاهوار وصاحب الفوانيس التي يؤمن بضوئها الخائف وعابر السبيل ،فهو من سادة ميسان الأجلاّء ومن أعلامها العالية والشاخصة, وأحد وجوه القوم المعروفة بين عشائر ميسان في الريف والمدينة ومن أكابر عشيرة السادة البطاط الموسوية في ميسان . لقب بأبو الفوانيس وبسيد الاهوار سيد صروط كما وصفة الباحث الانكليزي ويلفر في كتابة عرب الهور 1951توفي السيد عام 1984. وهو شخصية كريمة من عشائر الأهوار القاضي والحاكم العادل في النزاعات العشائرية المهلكة في سبعينيات القرن الماضي.
ومن كرامات السيد الواقعية ان تم توثيق وجوده الكريم من خلال الصحفي والرحالة الانكليزي (كيفن يونغ) عندما اصطحب مصوره الصحفي (نك وييلر) الى الاهوار في السبعينات ونزل ضيفا على سيد صروط ونشر كتابه المصور
وكتب بالحرف الواحد : ان الامان الذي شعرت به في بيت السيد صروط في الاهوار أفضل من الامان الذي كنت استشعاره في بيت والدي نفسه.
هو السيد صروط ابن السيد محسن الاسماعيلي ونسبه السيّد صروط بن محسن بن مسلم بن كريم بن إدريس بن علي بن إسماعيل ( وهو جد السادة بيت سيد صروط ويطلق ويتصل نسبة بالإمام موسى الكاظم عليه السّلام.ولد السيد الجليل في منطقة الوادية 37 كم جنوب مدينة العمارة من توابع المجر الكبير عام 1894 وهوشخصية اجتماعية لها ثقلها الاجتماعي في مدينة العمارة واقضيتها ونواحيها بل في منطقة الجنوب اجمع اكتسب الشهرة الفاضلة وهو في مقتبل العمر عاش في ديوان والده الذي بلغ شهرة واسعة النطاق، وتعلم عليه اصول المرافعات العشائرية، ثم قرأ بنفسه كتب الاخباريين والرواة، وصار فطن الحالة حاد الذكاء يجيد اكتشاف الاسرار التي تظهر على وجوه الناس في تلك المناطق الريفية، فأحبّته العشائر كلها وهو في العشرين من عمره عندما اختير في الفصول العشائرية حكماً وقاضياً وعارفةً لفض منازعاتهم. حتى انه كان اذا وسط معركة عشائرية انزل المحاربون اسلحتهم وانتظروا كلمة السيّد سروط . وكان ذا مقام نبيل ليس في العمارة فحسب بل و عند علماء الحوزة العلمية في النجف الاشرف حتى انه ما ان يزور النجف الاشرف الا وخرج المرجع الاعلى انذاك السيد محسن الحكيم في استقباله وكان السيد صروط من اصحاب الفوانيس وهو رمز للكرم حيث كان يوقد الفانوس ويوضع في اعلى المضيف فيهتدي اليه الضيوف فيكرم من زاد وشراب وما يحتاج اليه هو ومن معه لمدة ثلآثة أيام وبعدها ( أن كان سفره بعيد ) يُمون بما يحتاج لسفره لقد وصل تبجيل الناس للسيد صروط لدرجة نسج الخرافات عنه حتى انهم مازالوا يتداولون قصة مفادها ان السيد صروط، حين ولدته امه لم يرق لها شكله فابتلعته (صرطته) على حد تعبيرهم ثم ولدته من جديد قمراً وحارساً عراقياً لا مثيل له، وحين سألت عن معنى (الحارس) قيل لي ان سيد صروط كان يحرس المنطقة من "الجن" ومن كوارث الطبيعة حتى وصل الحال بالناس هناك الى ان يلقبوه ب ( العباس الصغير )نظرا لكراماته ومنزلته عندهم .
سيد صروط في كتب الرحالة الاجانب
زاره الكثير من الرحالة الاجانب الذين زاروا وكتبوا عن الاهوار منهم الرحالة البريطاني ويلفرد ثيسجر في الخمسينات و فلانين هدجكوك في كتابه الحاج ركان - عرب الأهوار ومنهم ايضا الرحالة كافن يانغ صاحب كتاب العودة الى الاهوار وزار السيد عام 1973 ووصف السيد قائلا (كان جسمه ضخم وصوته رخيم كما شاهدته من قبل (كان قد زار السيد منتصف الخمسينات بصحبة الرحالة ثيسجر)ويستمر قائلا كانت لحيته سوداء فهو يصبغها دائما ويضيف ان للسيد احد عشر او اثنى عشر ولد اصغرهم عباس يدرس في مدارس بغداد واكبرهم تجاوز الخمسين عام ويضيف ان وجود السيد وعائلته يمثل شرف للمنطقة وقدسية فالسيد كان بيته مكانا غير رسمي للحج ورايت والكلام ليانغ كبار المسؤولين العراقيين يسعون لاستشارته شاهدت محافظ العمارة عنده وكذا قاضيا من العمارة وهو دائم العطف على الصغار والفقراء وقد زار يانغ الاهوار مرة اخرى في شهر اذار من عام 1984 اثناء الحرب العراقي الايرانية وبعد اقل من شهرين من وفاة السيد صروط ويضيف بان السيد عباس ابن السيد صروط اخبره بان السيد اراد ان يراه قبل وفاته ويضيف يانغ بانه سيضل نادما طوال عمره لانه لم يستطع رؤية السيد ومن ضمن ماشاهده يقول بان الناس كانوا يبنون مزارا للسيد بالقرب من قناة الوادية وهو مكان مغتسل السيد قبل ان يتم نقله الى مثواه الاخير في النجف الاشرف اصطحبني ولدي السيد عباس ومطر والكلام ليانغ الى مقبرة وادي السلام في النجف ولزيارة قبر السيد صروط كان قبرا مهيبا ذو قبة خضراء داكنة وداخل مقبرة السيد وضعت صورة مؤطرة له ولاثنين من ابناء اخوته الذين قتلا قبل وفاته في الحرب مع ايران ثم نزلنا على سلم ضيق وهناك تحت التراب رايت جسد السيد مسجى والى جانبه تتمدد جثي الشابين في محراب حجري بعدها ودعت السيدين عباس ومطر وعدت الى بغداد الى هنا انتهى كلام يانغ.
ضل السيد صروط مقيما في منطقته (الوادية)حتى وفاته رحمه الله في اواخر كان الثاني من عام 1984 تاركا 11 ولدا خلفه ابنه السيد جعفر حتى وفاته عام 2009وشارك في تشيع السيد صروط اكثر من 200 الف شخص قدموا من البصرة وبغداد والكويت والبحرين وقد شيد للسيد مقام في المكان الذي غسل به ( رحمه ألله ) ويقصده ألكثير من ألزائرين وخاصة أيام ألجمع للتبرك بمقام ألسيد ألجليل وأداء مناسك ألزياره والتقرب ألى ألله سبحانه وتعالى بكرامته وورعه وتقواه اما السيد فقد دفن رحمه الله في مقبرة وادي السلام في النجف الأشرف ومرقده معروف ويقصده ألكثير من الزائرين .
رحم الله السيد والى من يجهل تاريخ هذة الشخصيات الرائعه مراجعة بطون الكتب والتزود بفنارات الكرم والجود والاباء ..وهم علامات مضيئه في تاريخنا المجيد وفخر لكل عراقي وطني حر شريف .