ما قيل في فاطمة الزهراء (عليها السلام)
ان الإسلام يعتبر المرأة لها مكانتها وكرامتها، واعطى لها الحق في اختيار مصيرها، ولهذا اعطى لها الحق في اختيار الزوج وقرن موافقتها بصحة الزواج أو بطلانه وبمشاركة والداها المشاركة في هذا الاختيار، لأن الأب هو أعرف بمواقع الخير لأبنته. وإن اجحف الوالد في حق ابنته وتطرف في حق ابنته فإن الشرع سوف يحدّد سلطته ويضع كل الحق بيد المرأة. ولهذا المنهج الإسلامي أعطى الحق للمرأة في مسألة الزواج واختيار الزوج بلا أفراط ولا تفريط. وهذا المبدأ يختلف عن المفاهيم الغريبة الذي يعطي الحق للمرأة الحق في الانفصال عن أسرتها، والعيش وحيدة ويعطي لها وحدها في اختيار الزوج بمعزل عن أهلها والذي يؤدي بالتالي إلى الانفصال عن باقي الأسرة. والتي الكثير من الجرائم وجرائم الاغتصاب التي تحدث نتيجة عيش المرأة لوحدها في البيت مضاف الانحرافات الخلقية التي تحدث نتيجة لذلك من تعاطي المخدرات والعلاقات الشاذة والتي نتيجة لذلك تظهر الأمراض مثل الإيدز وغيرها من الأمراض نتيجة إقامة العلاقات المحرمة والتي ديننا الحنيف نهى عن ذلك وحرمها واعتبرها رجس من عمل الشيطان وإقامة الحد على ذلك. هذا من جانب ومن جانب أخر ولا يوافق على منهج الجاهليين الذين كانوا يبتاعون ويبيعون المرأة ، كما يتعاطون الأمتعة والسلع ، والذي المجتمع الغربي يقوم بذلك من خلال جعل المرأة رخيصة وعرضها للرذيلة والدعارة و بأبشع صورة وهناك تجارة رائجة في الغرب هي تجارة الرقيق الأبيض كما يعرف وهي من أسوأ الأمور لامتهان المرأة والبشر وجعله سلعة رخيصة تباع وتشترى كما كان يحدث في الجاهلية والجواري، وهي تجارة قذرة وبكل معنى الكلمة وتمارسها العديد من العصابات الإجرامية المحترفة والتي تمارس أبشع أنواع الأساليب في هذه التجارة القذرة.
وأردت من خلال المقدمة توضيح مكانة المرأة في الدين الإسلامي وما تتمتع به من حقوق وفي مسألة الزواج وان هناك لها حقوق في الكثير الأمور الحياتية في الإرث والأموال وغيرها ولكننا أردنا أن نعطي أشاره بسيطة وسريعة في هذا الجانب فقط وقيمتها في المجتمعات الأخرى مقارنة مع ديننا الحنيف وما تتمتع من حقوق وافضليات وعكس ما يشاع عن امتهان دور المرأة وعبوديتها وان معاملتها في الإسلام معاملة دونية وهذا هو الباطل بعينه ويجافي الحقيقة التي يعطيها ديننا الحنيف للمرأة.
ولنرجع الى موضوعنا وتبرز هناك علامة مضيئة ومتألقة هي فاطمة الزهراء(ع) كنموذج للمرأة المسلمة السامية وبكل معانيها الراقية والتي سنعرج على ما قيل في حقها، فيقول المحقق العلامة الشيخ محمد باقر صاحب ( الخصائص الفاطمية ) في كتابه :
"سبحانك اللهم يا فاطر السماوات العلى وفالق الحب والنوى ، انت الذي فطرت اسما من اسمك واشتقته من نورك ، فوهبت اسمك بنورك حتى يكون هو المظهر لظهورك ، فجعلت ذلك الاسم اصل لجملة اسمائك وذلك النور ارومة لسيدة امائك ، وناديت بالملا الاعلى : أنا الفاطر وهي فاطمة ، وبنورها ظهرت الاشياء من الفاتحة إلى الخاتمة ، فاسمها اسمك ونورها نورك وظهورك ظهورها ، ولا اله غيرك ، وكل كمالٍ ظلك وكل وجود ظل وجودك ، فلما فطرتها فطمتها عن الكدورات البشرية واختصصتها بالخصائص الفاطمية ، مفطومة عن الرعونات العنصرية ، ونزهتها عن جميع النقائص ، مجموعة من الخصائل المرضية بحيث عجزت العقول عن ادراكها ، والناس فطموا عن كنه معرفتها ، فدعا الاملاك في الافلاك بالنورية السماوية وبفاطمة المنصورة ...
ام السبطين واكبر حجج الله على الخافقين ، ريحانة سدرة المنتهى وكلمة التقوى والعروة الوثقى وستر الله المرخى والسعيدة العظمى والمريم الكبرى والصلاة الوسطى والانسية الحوراء التي بمعرفتها دارت القرون الاولى .
وكيف احصي ثناها وان فضائلها لا تحصى وفواضلها لا تقضى ، البتول العذراء الحرة البيضاء ام ابيها وسيدة شيعتها وبنيها ، ملكة الأنبياء الصديقة فاطمة الزهراء عليها سلام الله "(1).
وكثير من الناس ادركتهم السعادة في ليلة القدر ، فهي ليلة السعادة ، وكذلك السيدة فاطمة الزهراء فهي سر السعادة ، ومحبتها ومعرفتها والاقتداء بها واطاعتها ونصرتها يوجب السعادة الابدية ، ويحلق الإنسان في آفاق الكمال ويسبح في يم الجلال. وكم من شاهد وقصة تدل على ان هناك من ادركتهم السعادة ببركة فاطمة الزهراء عليها السلام ، كما ان الله هدى ذلك المجوسي وأهل بيته إلى الاسلام فأسلموا جميعا لما اكرم العلوية التي جاءت إليه تشكو حالها ، كما يحدثنا بذلك العلامة المجلسي قدس سره(2).
عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر قال : سألت ابا الحسن ـ الإمام الكاظم عليهالسلام ـ عن قول الله عز وجل ( كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) ، قال : المشكاة فاطمة والمصباح الحسن والحسين. ( كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) قال : كانت فاطمة كوكباً دريا من نساء العالمين. ( يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ ) ، الشجرة المباركة ابراهيم ( لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ) ، لا يهودية ولا نصرانية ( يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ ) قال : يكاد العلم ان ينطق ( وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ) ، قال : يهدي الله عز وجل لولايتنا من يشاء(3).
احاديث الرسول الأعظم في حق فاطمة
روي عن مجاهد ، أنه قال : خرج النبي صلى الله عليه وآله وهو آخذ بيد فاطمة ، فقال : { من عرف هذه فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد ، وهي بضعة مني ، وهي قلبي وروحي التي بين جنبي ، فمن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله }(4) .
روي عن سعد بن أبي وقاص ، أنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول : { فاطمة بضعة مني ، من سرها فقد سرني ، ومن ساءها فقد ساءني . فاطمة أعز البرية عليّ }(5).
قال رسول الله صل الله عليه وآله وسلم : { إن فاطمة ابنتي خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً }(6).
قال النبي صلى الله عليه وآله : { يا فاطمة ؛ ابشري فإن الله تعالى اصطفاك على نساء العالمين، وعلى نساء الإسلام وهو خير الدين }(7).
وهذه قصيده إلى الامام علي بن ابي طالب عندما كان عند قبر فاطمة الزهراء (ع). مخاطبا لها بعد وفاتها وهي تنم على مدى حب الأمام علي(ع) للزهراء ومودتها وهو يدحض كل الأراجيف التي يتناولها بعض الكتاب عن وجود خلافات وخصومات بين النورين وهو ادعاء باطل ولا أساس له من الصحة.
مالِي وَقَفتُ عَلى القُبورِ مُسَلِّماً***قَبرَ الحَبيبِ فَلَم يَرُدَّ جَوابي
أَحَبيبُ مالَكَ لا تَرُدُّ جَوابَنا***اَنَسيتَ بَعدي خِلَّةَ الأَحبابِ
قالَ الحَبيبُ وَكَيفَ لِي بِجَوابِكُم***وَأَنا رَهينُ جَنادِلٍ وَتُرابِ
أَكَلَ التُرابُ مَحاسِني فَنَسيتُكُم***وَحُجِبتُ عَن أَهلي وَعَن أَترابي
فَعَلَيكُمُ مِنّي السَلامَ تَقَطَّعَت***مِنّي وَمِنكُم خِلَّةَ الأَحبابِ(8).
واستعرض المستشرق (ارندنك) (C.Van، Arendonk) ذرية النبي الأعظم محمد(صلى الله عليه وآله) قال: إن لأبناء فاطمة الحق الأول في أن يسموا (أبناء رسول الله) فينتسبوا بذلك إلى النبي(صلى الله عليه وآله)، ولذلك فإن عبارة (ابن رسول الله) هي العبارة المفضلة في مخاطبتهم، وقد استقى معلوماته من مصادر إسلامية منها:
الطبراني، وابن حجر، والنبهاني، عند تعرضهم للحديث النبوي الشريف (كل أبناء آدم ينتسبون إلى عصبة أبيهم، إلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم، وأنا عصبتهم)(9).
وقد كشف المستشرق (فلهوزن) عن هذا الجانب بقوله: أن قضية فدك قد تداولها الحاكمون حتى عهد عمر بن عبد العزيز (99ـ101هـ) فردها إلى ما كانت عليه أول أمرها، وأعطاها لآل النبي(صلى الله عليه وآله)، وبذلك ألغى عمر بن عبد العزيز ما كان قد جرى عيه أبو بكر وعمر، ومعنى هذا أنه لم يكن يتبعهما اتباعاً تاماً(10).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ كتاب الأسرار الفاطمية . المؤلف : الشيخ محمد فاضل المسعودي. الجزء : 1. البحث الثالث عشر. فاطمة عليها السلام وليلة القدر .صفحة : 373. فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى : ٢٤ / عن الخصائص الحسينية : ١.
2 ـ بحار الانوار ٩٣ : ٢٢٥ ـ ٢٣٦ .
3 ـ الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ١٩٥. المناقب لابن المغازلي : ( من علماء العامة ) : ٣١٧. كتاب الأسرار الفاطمية . المؤلف : الشيخ محمد فاضل المسعودي. الجزء : 1. البحث الثالث عشر. فاطمة عليها السلام وليلة القدر .صفحة : 372.
4 ـ علي بن احمد المالكي الشهير بابن الصباغ ، الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة عليهم السلام ، ص146.
5 ـ الشيخ محمد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج43 ، ص30 .
6 ـ الشيخ إبراهيم بن محمد الجويني ، فرائد السمطين ، ج2 ، ص68 .
7 ـ الشيخ محمد باقر المجلسي ، بحار الأنوار ، ج43 ، ص36 .
8 ـ بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٣ - الصفحة ٢١٧. منشورات المكتبة الشيعية.
9 ـ ارندنك، دائرة المعارف الإسلامية، 13/274، مادة (شريف).
10 ـ فلهوزن، تاريخ الدولة العربية، ص287.