لعقود مضت تصدرت الجامعات العراقية بإنجازها العلمي وعطائها الأدبي، وأدى خريجيها أدوارا هامة تجاوزت حدود بلدهم ومحيطهم الإقليمي. لكن السنوات الأخيرة شهدت تراجع المستوى العلمي لهذه المؤسسات وتحول الكثير منها إلى ما يشبه الأندية والتفاخر بشهادات الدمج الممنوحة من جامعات من دول أخرى تصنف بالجامعات التجارية، واصبحت فضائح هؤلاء الدكتو ماجستريون تتناقل أخبارهم وصورهم مواقع التواصل الاجتماعي.
وزيرة العمل والعائلة والشباب في النمسا "كريستين أشباخر" أعلنت استقالتها من منصبها بعد سنة كاملة من تسلمها مهامها، غداة اتهامها بسرقة أعمال جامعية واستخدام اقتباسات مغلوطة و أخطاء لغوية في أطروحة الماجستير التي قدمتها في 2006.لكن القاب الماجستير والدكتوراة التي حصل عليها اغلب الوزراء .وعدد كبير من الطبقة السياسية اسوء بكثير من رسالة الوزيرة( كرستين)..فمن يدقق ومن يحقق.. ورب البيت في( الدف ناقرا).
وزارة التعليم العالي تساهم في هذه الكارثة الكبيرة فهي تحجم عن فتح ابواب الدراسات العليا.. في جامعتنا والجامعات الاهلية.. بينما يتشرد ابنائنا في دول العالم.. و تخرج العملة الصعبة.. وتصرف ملايين الدولارات كأجور .
اطلعت مؤخرا على رسالة ماجستير في علاقات العراق الدولية بعد2003..وما ان قرأت الصفحة الاولى من مقدمة الرسالة. .صدقوني .. وجدت ثلاثة مقاطع مقتبسة بالتمام والكمال.. وستة اخطاء املائية شنيعة.. والمحزن ان وسم الجامعة الذي يحمل اشرف الاسماء. يتوسط غلاف الرسالة.
لقد اهتزت الصورة الجميلة للدرجات العلمية في بلادنا وذهبت رصانة التعليم العالي.. بعد 2003...واحجمت منظمة اليونسكو من الاعتراف بهذه الشهادات..
اذا. نحن ازمة محنة علمية. تحتاج الى تداخل جراحي حكومي وبقوة ..لأنصاف الارث العلمي والحضاري لحضارة بلاد الرافدين والتي تعد واحدة من أقدم الحضارات في تاريخ البشرية ، والذي أهله لأن يكون مهداً لأقدم و أعرق الحضارات التي نشأت في ربوعه ، ويجب اعادت الهيبة للتعليم.. وتخليصنا من الدكتا ماجستريون الدمج وأشباههم.
والله من وراء القصد.