انتظر العراقيون بداية العام الجديد الذي كان من المقرر أن يحمل لهم تباشير مستقبلٍ أفضل من خلال انطلاق خدمات الجيل الرابع التي من شأنها أن تساهم في تطوير الاقتصاد العراقي والنهوض بالقطاعات الإنتاجية والخدماتية واللحاق بركب التطور العالمي. إلا أن قرار القضاء العراقي بإبطال رخصة الجيل الرابع في العراق، الذي أتى قبل أسابيع قليلة من الموعد المحدد لانطلاق هذه الخدمة في العراق، قضى على آمال العراقيين وطموحاتهم وأعاد عقارب الساعة إلى الوراء، ليضاف إلى سلسلة الأزمات والاضطرابات الأمنية والاقتصادية التي يعيشها العراقيون.
يعيش العراق منذ سنوات طويلة حالة من عدم الاستقرار أضف إليها انتشار وباء كورونا المستجد، أدى كل ذلك في المزيد من الضغوط والركود الاقتصادي، الذي انعكس على كافة القطاعات وعلى رأسها قطاع الاتصالات. إذ سجل سوق الاتصالات العراقية انخفاضا منذ عام 2013 بما يزيد عن 40% نظراً للوضع غير المستقر في البلاد إلى جانب التحديات التي يعاني منها السوق في العراق والتي أثقلت القطاع. وهذا الأمر كان ايضاً عاملاً مؤثراً في انخفاض معدلات العائد على رأس المال المستثمر للفترة السابقة، حيث أن نسب العائدات على الاستثمار في العراق في قطاع الاتصالات تتراوح بين 5-6 % وهي النسبة الاقل مقارنة مع الشركات العاملة في المنطقة.
إطلاق الجيل الرابع سيرفد خزينة الدولة العراقية بموارد مالية مهمة لكن الأهم سيمثل دافعاً لعجلة النمو والتطور الاقتصادي والخدماتي والصحة والتعليم. ففي ظل التحديات التي فرضتها جائحة كوفيد-19 على العالم، أثبتت تقنيات الجيل الرابع أهميتها وحيويتها في دعم المستخدمين لمواجهة تحديات الحياة اليومية والتأقلم مع الظروف التي فرضتها سياسات التباعد الاجتماعي والعمل والتعلم عن بُعد. إذ تساهم تطبيقات التعلم الإلكتروني وتطبيقات متابعة البيانات الصحية والعناية باللياقة والصحة التي تتيحها تقنيات الجيل الرابع في التكيّف مع الواقع الجديد. وتتيح تقنيات الجيل الرابع اعتماد الصحة الالكترونية التي تشمل مجموعة من الوسائل والخدمات المرتبطة بالصحة التي يتم إنجازها بمساعدة الانترنت والتطبيقات والهواتف الذكية والتي أثبتت أهميتها خلال الأزمة الصحية الناتجة عن جائحة كوفيد-19. وتسهل خدمات الانترنت السريعة التي يتيحها الجيل الرابع، عملية البحث عن المعلومات لكل من المعلم والطالب على حد سواء، وذلك في ظل حركة النشر الواسعة على الشبكة العنكبوتية وإدخال نظام المكتبات الافتراضية فيها. ويجد المعلمون والباحثون في الانترنت وسيلة سهلة ومناسبة للبحث عن المعلومات التي يحتاجونها لإنجاز مهامهم التعليمية والبحثية. وتساهم تقنيات الجيل الرابع في ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع، مما يؤثر على تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة الأخرى، فالحرمان من التعليم يعتبر أحد المساهمين الرئيسيين في الفقر بين الأجيال
وسيتأثر النشاط الاقتصادي بأكمله بالبنية التحتية للجيل الرابع، مما يسرع التحول الرقمي للشركات واعتماد قطاعات كثيرة على التقنية الجديدة. كما سيتيح الجيل الرابع في إتاحة فرصة الاتجاه نحو الاقتصاد التشاركي. وسيطور الجيل الرابع تقنيات الهواتف وتحويلها إلى منصة تنقل كل ما يحتاج إليه المستخدم في أيّ مكان مع قدرة على التأقلم مع الاستخدامات المستقبلية وستسمح بإنتاج فئات جديدة من التطبيقات المتقدمة، والابتكار في مجال الأعمال وتعزيز وتحفيز النمو الاقتصادي. وسيتيح نشر خدمات الجيل الرابع المجال لإدخال الخدمات المالية الرقمية والمنصات الرقمية التي من شأنها تحريك الدورة الاقتصادية وحركة الأموال والتداولات.