" أرقص يومياً مع الثعابين ولكني أبحث عن مزمار للسيطرة عليهم "
لم أصدق التصريح اعلاه عندما قرأته اول مرة في الفيس بوك ، ولغرابته بحثت عنه في وسائل إعلام مختلفة للتأكد ، وبعد البحث تيقنت انه صحيح وتبين انه صادر عن رئيس وزراء العراق الحالي السيد مصطفى الكاظمي في لقاء اجرته معه صحيفة الغارديان البريطانية المعروفة هذه الصحيفة التي تأسست قبل قرنين من الزمن ، ولو نبحث بشكل معمق ومطول عن أبرز التصريحات المثيرة للرؤساء الذين حكموا بلاد الرافدين ربما لوجدنا " حديث الثعابين " يتصدر القائمة.
تصريح السيد الكاظمي الذي انطلق من عاصمة الضباب لندن ، عندما ابدأ بتحليله لن اتجاهل السؤال التالي : ماهي الرسالة التي أراد الكاظمي ايصالها للانكليز بحديثه هذا؟ ولماذا هذا التوقيت؟ الكل يعلم الدور الهام لبريطانيا في العراق قديماً وحديثاً وفي السر والعلن، فبريطانيا الشريك التاريخي الابرز للولايات المتحدة الأمريكية الفاعل الرئيس بالعراق.
برأيي هو أراد أن يقول للبريطانيين اني بين المطرقة والسندان وانه محاصر من أناس يمتلكون عناصر القوة وعوامل البقاء وهو اعترف رسمياً انه غير مؤهل للتصادم معهم وانه مجبر على مسايرتهم ومداهنتهم ودفع شرهم بطريقة وباخرى.
يحمل كلام السيد الكاظمي في طياته الكثير من الحيرة والضعف والضيق التي تعيشها حكومته ، ولا استبعد ان يكون تصريحه هذا هو دعوه غير مباشرة للانكليز لإنقاذة من القوى التي وصفها ب(الثعابين) ، او على الأقل مساعدته للخلاص من هذا الورطة عبر الضغط بشكل أو بآخر على خصوم الكاظمي الذي لايخضعون لسلطته ، لاسيما وان بريطانيا لديها علاقة شبه مستقرة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
في نفس اللقاء قال الكاظمي " 1000 عام من النقاش أفضل من لحظة تبادل إطلاق النار " وهي بمثابة رسالة للداخل العراقي مفادها لا لحروب في ظل حكمه للبلاد، ربما مثل هكذا كلام يجعل البعض يتجرأ عليه والبعض الآخر يفهمه كلام لإستدراج الخصم.
وبشكل عام فإن المتابع للمشهد السياسي العراق والمُلم ولو نسبياً بتفاصيل وتصريحات وخفايا وخبايا العملية السياسية التي كلما طال عمرها كلما ترنحت يمينا وشمالا ، سيدرك إن أشد المتفائلين بساسة العراق قد فقد الثقة والأمل بهذه الطبقة السياسة الحاكمة، والطبقة الحاكمة تعي وتدرك ان الشعب سئم وجودها لكنها لازالت تكابر تارة وتخادع تارة أخرى .