المندائيون في سوق الشيوخ..وقصة التعايش السلمي/مصطفى الفارس

الجمعة - 09/10/2020 - 11:19

مدينة سوق الشيوخ تلك المدينة الغافية على ضفاف نهر الفرات ارض المحبة والتعايش السلمي والتآلف رغم اختلاف نسيجها الطائفي والديني الذي جعل منها كفسيفساء اختلفت الوان ريشها فشكلت  لوحة فنية جميلة علقت في ذاكرة الأجيال عبر فترات زمنية وانصهرت ثقافات فصار الوئام والمحبة قاسما مشتركا لكل سكان المدينة بمختلف أطيافها .
إلا أن السنوات الأخيرة القليلة شهدت هجرة الكثير من العوائل الصابئية من محافظة ذي قار بصورة عامة ومدينة سوق الشيوخ خاصة ، فبعد أن كان الصابئة يشكلون جزءا مهما من سكان المدينة لم يبقى منهم الآن غير ما لايزيد عن عشرة عوائل فقط لازالت متمسكة بأرثها وتاريخها الممتد لقرون في هذا البقعة من العراق.
واختلفت اسباب الهجرة بين اقتصادية وأمنية وخدمية خاصة بعد دخول داعش واحتلاله جزء من العراق وتدهور الوضع الاقتصادي في العراق بصورة عامة الأمر الذي أثر على وضعه الصابئة التجاري والاقتصادي ، كما أن الوضع الأمني العام للبلد وتضييق الحريات كان سببا مهما آخر أجبر الصابئة على ترك ارضهم التي عشقوها ، رغم التعايش السلمي ومحبة الناس لهم وتآلفهم مع المجتمع اجتماعيا ومشاركتهم بجميع المناسبات الافراح والأحزان وحتى المناسبات الدينية كان للصابئة مشاركة مميزة في مراسيم عاشوراء من خلال إلغاء الاعياد والمشاركة في المجالس الحسينية والمواكب.
والصابئة المندائيون من أوائل من سكن المدينة ووضع أساسها وتركوا إرثا واثرا كبير في مسيرتها العلمية والأدبية والاجتماعية والاقتصادية، كما أنهم كانوا شاهد عيان على تأسيس المدينة، وكانت لهم بصمات واضحة في تاريخها مما لا يقبل الشك.
فكان منهم أبرز تجار الذهب في المدينة , كما ولهم باع طويل في التربية والتعليم ومنهم الرعيل الأول التربويين في القضاء حيث انجلو جيل مهم من المعلمين والمدرسين وتخرج على يدهم عدة أجيال.
ولايزال اتباع النبي يحيى وأصحاب الكنز العظيم , وأهل اول ديانة موحدة ، يزرعون بساتين الحياة وردا تحتفل في ربيع عرسها الأزلي تحت أشعة شمس العراق، رغم قلة عددهم والظروف العصيبة التي مرت على العراق ،ظلوا محافظين على وجودهم وتمسكهم بالهوية الوطنية العراقية.
واختلط المندائيون في الحياة الاعتيادية للسكان ، وصاروا جزءا منها، وكان لهم تأثير كبير سيما في التعليم وخاصة في أول المدارس التي أنشأت في القضاء، وكيف كان الأساتذة من الطائفة المندائية لهم دورا كبيرا في التربية وعلموا الطلاب الكثير وجعلوها بمثابة منارة للعلم والمعرفة.