تمسكنا بمدرسة الامام الحسين طريق النجاة والانتصار ‎/ جميل ظاهري

السبت - 28/03/2020 - 09:13

 

‎تاريخ البشرية لم يشهد على طول إمتداده لآلاف السنين ملحمة أروع وأسمى وأرفع مما سطره الامام الحسين بن على بن أبي طالب وأهل بيته عليهم السلام وأصحابه الميامين في يوم عاشوراء عام 60 للهجرة ليرسم بذلك صرح ونهج ومدرسة الاباء والتضحية والفداء التي أدت الى انتصار الدم على السيف والحق على الباطل والمظلوم على الظالم والطاغية والحقيقة على التحريف والتزوير.
‎ظل الصرح الذي رسمه هذا الامام الهمام الذي يصادف اليوم الثالث من شعبان المعظم ذكرى ميلاده المبارك والميمون، يصدح في ربوع المعمورة وأضحى مناراً وضاءاً يهتدي به جميع الاحرار والمقاومين في كل مكان ولن يقتصر على المسلمين الشيعة لوحدهم ليسطروا الملاحم والانتصارات الواحد تلو الآخر بل تعدى حدود حتى العالم الاسلامي وتمسك به غير المسلمين ايضاً ليحققوا ما كانوا يصبون اليه طيلة عقود بل قرون طويلة في الحرية والاستقلال.
‎فلا تزال صرخة "غاندي" مؤسس الهند الجديدة ورائد مسيرة استقلالها تكتسح الـتأريخ وتدوي في سماء الذين ينشدون العيش السليم والحرية وهو يقول:"لقد طالعت بدقة حياة الامام الحسين، شهيد الاسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء وإتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلابد لها من إقتفاء سيرة الامام الحسين"، ويضيف:"لقد تعلمت من الحسين كيف أعيش مظلوماً فأنتصر" .
‎أو كما قال "محمد علي جناح" مؤسس دولة باكستان.."لا تجد في العالم مثالاً للشجاعة كتضحية الامام الحسين بنفسه واعتقد أن على جميع المسلمين أن يحذو حذو هذا الرجل القدوة الذي ضحّى بنفسه في أرض العراق".
‎فمدرسته (ع) هي مدرسة الحياة الكريمة ورمز المسلم القرآني وقدوة الأخلاق الانسانية وقيمها ومقياس الحق.. ومن هذا المنطلق نرى ان الشعوب التي تمسكت بهذا النهج القويم والصرح العظيم بلغت ذروة الانتصار والاعتلاء، فها هي الثورة الاسلامية المباركة التي تعيش عامها الحادي والأربعين مرفوعة الرأس شامخة الى عنان السماء يشهد العدو قبل الصديق بتطورها وتقدمها وصمودها لتمسكها بمدرسة الامام الحسين عليه السلام في التضحية والعزة والكرامة كما رسم نهجها الامام الخميني /قدس سره/ والذي قال في هذا المضمار "كل ما لدينا كم عاشوراء".
‎الانتصارات الباهرة التي سجلتها فئة قليلة من أبناء الضاحية لحزب الله من ابطال المقاومة الاسلامية اللبنانية على عدو مدجج بالسلاح كان يقال عنه "انه لا يقهر" وأرغموه على الهروب والتقهقر في ظلام الليل الدامس عام 2006 وتغطي بذلك على كل الذل والهوان والاستهانة والمهانة والركون والركوع التي كانت تعيشها الأمة العربية طيلة ستة عقود لسجل قادتها الفاشل والمنهزم، وكذا على الجماعات الارهابية المسلحة في بلاد الشام خاصة بمواجهة "داعش" الإجرامي الأميركي السعودي، ماهي إلا صورة اخرى من إنتصار الدم على السيف .
‎المقاومة الفلسطينية هي الاخرى تعلمت هذا الدرس جيداً وحققت خلال حروبها الأخيرة ومقاومته وصمودها مالم تحققه القضية الفلسطينية طيلة حوالي سبعة عقود في تأليب الرأي العام العالمي ضد الكيان الصهيوني وتآزره مع الحق الفلسطيني المغصوب ليعيش الكيان اللقيط حصاراً سياسياً وعزلة عالمية لم يشهده من قبل وتتجه الشعوب العالمية حتى الأوروبية منها في تسيير اساطيل الدعم والعون والمساعدة للشعب الفلسطيني الأعزل متجاوزة بذلك كل المخاطر والمخاوف.
‎وما الانتصارات التي حققها أبطال الحشد الشعبي في العراق على الإرهاب التكفيري الوهابي السلفي "داعش" الحقد والكراهية لآل السعود على أتباع أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام وسائر المسلمين، إلا لسبب تمسك هذه الفئة من أبناء العراق الغيارى والشرفاء بحبل الله المتين أي مدرسة العزة والكرامة والتضحية لأبي الأحرارا وسيد الشهداء الامام الحسين بن علي عليهما السلام.
‎ثم ما حققه الشعب اليمني الأبي بقلة سلاحه وفقره ووحدته على جيوش النفاق والكفر من تحالف العدوان السعودي الاماراتي الأميركي الصهيوني خللا السنوات الخمسة الماضية وإرغامهم على قبول وقف إطلاق النار، ما كانت لن تشهد نور النصر والعزة والكرامة ما لم تتمسك بمنهجية ومدرسة الامام الحسين بن على عليهما السلام في التضحية والفداء والعزة والكرامة وكما وصفها "وليم لوفتس" الآثاري الانجليزي.. "لقد قدم الحسين بن على أبلغ شهادة في تاريخ الانسانية، وارتفع بمأساته الى مستوى البطولة الفذة" أو كما قال الباحث الغربي الشهير "جون أشر".. " إن مأساة الحسين بن على تنطوي على أسمى معاني الاستشهاد في سبيل العدل الاجتماعي..".
‎وسيسجل الشعب البحريني المظلوم والأعزل المتمسك بالمدرسة الحسينية في القريب العاجل هو الآخر انتصاره بمشيئة الله تعالى وقدرته على نظام آل خليفة الطائفي والاحتلال الوهابي السعودي رغم ما يملك من قوة سياسية وعسكرية واقتصادية وهو اليوم يرضخ لمطاليب الشعب في الحوار الوطني وإن كان يريد الالتفاف على ثورة العز والكرامة من خلال خطاباته الشكلية التي لا تعالج مشاكل البلد الحقيقية.