‎ ميزان حسنات وسيئات السياسة في العراق ‎/حيدر محمد الوائلي

السبت - 18/01/2020 - 09:30


‎من حديثٍ اعتقد انه للأمام جعفر الصادق عليه السلام اتذكر منه ما مضمونه أنه نصح سائلا التبس عليه الحق والباطل معاً والحسن والقبيح معاً والحسنات والسيئات معاً، فقال له زن الأمور بميزان وانظر أي الكفتين ترجح. 
‎لو وضعنا ما صنعته السياسة والسياسيين في العراق منذ سقوط نظام صدام ولليوم في ميزان حسنات وسيئات، ايجابيات وسلبيات، فتأمل أي كفة سترجح. 
‎لو وضعنا جميع ما فعلته الاحزاب الحاكمة والمساهمة بالحكم شيعة وسنة عرب وكرد منذ اول برلمان منتخب سنة 2005 والى البرلمان الحالي سنة 2020 ففكر بضميرك اي كفة ترجح؟ كفة الازدهار والرفاهية ام كفة الانحدار ورداءة الخدمات العامة.
‎بعدها لنزن شيئين اخرين، الشيء الأول: ضع في كفة الأنجازات والأصلاحات التي حققوها أو ساهموا بتحقيقها وفي الكفة الأخرى الخراب والمفاسد التي نشروها أو ساهموا بنشرها أو سكتوا عن انتشارها. فاسأل عقلك اي الكفتين ترجح بعد أن تفكر ملياً. 
‎الشيئ الثاني: أن تضع في كفة الميزان السعادة والطمأنينة والسلام والرضا عنهم والدعاء لهم لما انجزوه أو كانوا سبباً في انجازه وفي الكفة الثانية الأحزان والغضب والأقتتال والدعاء عليهم لكل شيء لم ينجزوه وكانوا سبباً في عدم انجازه، فأسأل قلبك لأي الكفتين سيخفق ويميل ويدعو. 
‎من جواب ضميرك وعقلك وقلبك عبر عن رأيك وامن به.
‎في العراق هنالك كثرة القنوات التلفزيونية الحزبية وكل حزبٍ بما لديهم فرحون وينشرون الجهل ودعاية التملق والنفاق والتبرير والتلميع بمعية افواج مصاحبة من وسائل الأعلام الأخرى الأذاعية والورقية والألكترونية حيث تلعب الاعيبها لأننا وللأسف شعب مثل بعض الشعوب المماثلة التي تكون أرضها خصبة للفتن واشاعتها وللجهل ونشره. 
‎مثلما هنالك وسائل اعلام لدول اخرى يمارسون ذات المواقف داعمين سياسات دولهم ومموليهم بغض النظر عن المصداقية والحقيقة.
‎ربما تؤثر وسائل الاعلام على المجتمع الهش الساذج والذي لا يفكر كثيراً.
‎في العراق لا ضرائب عالية والعمل اكثره وظائف دولة وبساعات عمل قليلة وفي الأرض ثروات هائلة مهولة ولا تجد ابسط الخدمات وتجد الشعب كئيب وحزين ومُهان وتشيع الإشاعات والزور فيه لقناعته أن كل ما يقال صحيحاً مادام ضد السياسيين ورجال الدين الذين هم بالمحصلة اما فاسدين أو ساكتين عن الفساد وكلاهما سواء.
‎عظمة السياسة أن يرضى عنك شرائح كبيرة من شعبك وتحقق تنمية ورخاء ووفرة وجودة في الخدمات العامة مستغلين الثروات الهائلة في البلد احسن استغلال لخدمة الشعب.
‎سيقولون المؤامرات ضدنا، سيقولون وسائل الإعلام ضدنا، سيقولون تركة النظام السابق ثقيلة وسيأتون بأعذار غيرها. 
‎أعذار كلها أعذار. 
‎هم سادة الأعذار.
‎هم سادة الفساد.
‎هم سادة التغطية على الفساد.
‎هم سادة التبرير الديني والسياسي لسرق الأموال والثروات وتوزيع المناصب والتعيينات بلا عدالة ولا انصاف.
‎ربما المؤامرات ضد اندونيسا وماليزيا اكثر وهما في تطور وازدهار راقي ودائم ولكننا شعب سهل الضحك عليه. 
‎16 سنة من الحكم السياسي الفاشل والفاسد والرديء ولازالوا بكل وقاحة واستهتار يقولون ان ضغوطات وتدخل دول كانت السبب في تردي الوضع في العراق وان المشكلة هي الفساد وانهم يحاربون الفساد ويحاولون أن يحققوا النجاح ويجعلوا الوضع جيدا. 
‎تخيل ان لك دكان تجاري تبيع فيه مواد غذائية ومنزلية. 
‎في الشهر الأول لم تحقق ربح، بل لم تستحصل حتى على تكلفة الإيجار العالي للدكان الصغير فقلت في نفسك الصبر جميل فلعل الاشهر القادمة افضل. 
‎وبعد ستة أشهر وجدت نفسك تسدد من مدخراتك الشخصية أجور الإيجار العالية. 
‎مرت سنة فاضطررت ان ترمي بعض المواد بالزبالة بسبب الاكسباير وعدم بيعها منذ مدة. ولتغطية العجز في مواد الدكان فقمت ببيع بعض اثاث بيتك لتسدد ثمن المواد الجديدة. 
‎مرت اربع سنوات وانت مجرد تسدد إيجار دكانك وتبيع بعض المواد التي بالكاد تغطي احياناً ثمن ايجار الدكان. وعندما ارتفع الإيجار اكثر صرت تضيف عليه من مدخراتك الشخصية التي حصلت عليها مؤخراً من حصتك في ارث بيت امك وأبيك اللذان توفاهما الله ووُزِعت الثروة على العائلة بعد صراعات ومشاكل ومقاطعة بين الأخوة والأخوات واقامة دعاوى في المحاكم.
‎بعد 16 سنة كبر أولادك وانت صرت عجوزاً ولازلت تدفع من جيبك لتسدد إيجار الدكان ولا زلت ترمي كل فترة بالمواد في الزبالة بسبب الاكسباير وتصبغ بالتشققات الكبيرة الموجودة في سقف وجدران الدكان بسبب الرطوبة ورداءة البناء فتغطي التشققات بطليها بالصبغ من فترة لأخرى وعلى حسابك الشخصي. 
‎وعند لقاء تلفزيوني بالصدفة لدى تجول فريق قناة محلية لأستقراء انطباعات الناس، وسألوك عن تجربة دكانك التجاري كون موقعه الجغرافي ممتاز وفي منطقة تجارية ومطل على شارع عام فأجبت أن عملك فاشل لأن التركة من ابوك ثقيلة وصراعات الاخوة والأخوات كبيرة وان أصحاب المحلات التجارية في المناطق المجاورة ينافسوك في التجارة فكانوا سبباً في خسارتك وان هذه القناة التي هي قناتكم مدسوسة وعميلة وتحاول ان تشوه سمعتي وتنشر الفتنة بين الناس. 
‎ومن ثم تصيح بهستريا عالية (عاش العراق) و(عاش الدكان) وتدخل في نوبة ضحك ثم بكاء ثم ضحك وبكاء معاً. 
‎سيدي القارئ الكريم هل يوجد منطق في كل هذا؟!
‎من جوابك حدد موقفك بالتغيير في المستقبل وفي الأنتخابات المفترضة القادمة بعد أن تنظر بوجه اطفاك وتنظر بوجهك أنت.
‎سترى اثر السنين التي مضت مسرعة قد نحتت في وجهك الكثير، فهل تتمنى لأطفالك واخوانك الصغار واطفال جيرانك ان يمروا ويعيشوا بنفس التجربة المعيشية والظرف السياسي الذي كنت ولازلت فيه. 
‎فأنظر كيف ستتصرف وتركز بالمطالبة من أجل تحديد موعد للأنتخابات المبكرة المفترضة القادمة وهل ستشارك اصلا وهل ستنادي بالتغيير فعلا؟!