ماذا بعد ضربة مطار بغداد الأمريكية / حيدر محمد الوائلي

السبت - 04/01/2020 - 23:43


‎ليست المرة الأولى التي تنتهك فيها أمريكا حرمة بلد وتنفذ ضربات قاتلة وتخلف ضحايا كُثر. 
‎ليست المرة الأولى التي تحاول فيها أمريكا بكل سذاجة أن تلملم الموقف وتبرر له ومن ثم تشتت الأنتباه وتُشعل ازمة اخرى لتشغل الناس بها لبرهة من الزمن. 
‎ليست المرة الأولى القتل في العراق فالقتل فيه استهتار واعتداء سافر ودم رخيص وعادة وكرامة وشهادة.
‎ليست المرة الأولى كثرة الشامتين في مصيبة تحصل في العراق وكثرة الباكين عليها. 
‎أن تصبح صديقاً لأمريكا فهذا يعني أن تصادقها بكل ما فيها من دعم اقتصادي ونفوذ سياسي وتقدم تكنولوجي ورعونة بتغيير مواقفها فجأة وجرأة بتنفيذ مؤامرات واستهتار باراقة الدماء ونشر الفتن وتوجيه الأهانات لمن يختلف معها والتعدي على سيادة الدول. 
‎ارجو ان لا يكون أحد اللاعبين في العراق من مسؤولين وسياسيين ومثقفين والشعب عموما قد تفاجئ بالاعتداء الأمريكي على حرمة عاصمة العراق ومطاره الدولي فلقد اعتاد العراق على ان تُنتهك سيادته بتكرار مقرف من قبل أمريكا وسط ركود سياسي عراقي بليد مكتفياً بالتصريحات الأخبارية وحسب. كما في اعتداءات سابقة من دول مجاورة بتنفيذ عمليات عسكرية واستخباراتية داخل الحدود العراقية، فتركيا نفذت عمليات برية وجوية بكثافة وايران والسعودية كذلك باستغلال بعض حلفاؤها من المجاميع الشعبية. كذلك تتلاعب بدرجة اقل الأردن والكويت اقتصادياً وتؤثر على العراق وتُحَجّم من ازدهاره مستغلة بلادة وفساد وضعف الوضع السياسي في العراق. 
‎على برلمان العراق وشعب العراق التركيز على إكمال مشروع الإصلاح بعد تعديل قانون الانتخابات وتشكيل مفوضية للأنتخابات فهو الان في خطر محدق كما الوضع في العراق عموماً.
‎من صدّق أن أمريكا دعمت التظاهرات لمصلحة العراق فليصحو مما ألم بعقله من بلادة وسذاجة. 
‎يجب وفورا تحديد موعد عاجل للانتخابات القادمة وانتخاب رئيس وزراء مؤقت وفي فترة الأنتظار والأعداد للأنتخابات ينبغي اعادة النظر في الأتفاقية الأمنية مع أمريكا أو الغائها وفي انتشار القواعد الأمريكية في العراق وبحجم السفارة الامريكية في العراق وكبرها الذي ربما يعد الأكبر في العالم والأجندات المترتبة على ذلك. 
‎كذلك ابلاغ الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالأنتهاكات لتكون الشكوى وتعرية المواقف عياناً ورسمياً وحتى لو لم تتأثر أمريكا ولكن حتما ستساهم هذه الحركات بتداولها اخبارياً واحداث توعية شعبية لشعوب دول مختلفة ولفت انتباه المجتمع الدولي المتغاضي عن امريكا. 
‎من بعدها فليحل البرلمان نفسه فوراً عندما يقترب موعد الأنتخابات المفترضة. 
‎كذلك يجب الدعوة لتهدئة الأوضاع رغم كُبر حجم الأعتداء في عاصمة العراق وفي مطارها الرسمي وبالشخصيات المستهدفة في انتهاك كبير جداً وخطير. 
‎للأسف أن دم العراقيين رخيص وأرجو أن لا يكون أحد متفاجئ بهذا الشيء. كل الحكومات المتعاقبة على حكم العراق بعد سقوط صنم الدكتاتورية قد اهانت الشعب ولم تعر اهتماما له وواجهته بالكبح والتضليل والأهانة والأهمال وكذلك تنظر للعراق أمريكا وغيرها من الدول وكذلك يُنظر للعراقيين في المطارات مثلما يَنظر لهم مهربي البشر لأوربا.
‎الصراع على العراق صراع نفوذ كبير يجب أن لا يزيد الشعب والسياسيين العراقيين من حطب حريقه ففي العراق حرائق كثيرة من الفساد وهدر المال العام وضياع موارد البلد الاقتصادية وتخلف العراق اقتصاديا وخدميا وسياسياً وهذه حرائق يحتاج العراق أن يطفئها ويزيل رمادها ويعيد بناء ما دمرته الحرائق قبل التفكير في إشعال حرائق أخرى كالحرب العسكرية. 
‎ليجهز الشعب نفسه كي يصبح محترماً امام نفسه اولا وامام العالم ثانيا بعد أن اهانه ساسته واهانه كل بلد تدخل في شأنه وعسى أن تكون بداية افضل وتغيير للأحسن بعد إجراء الانتخابات واختيار ممثلين جدد ليقودوا البلد بطريقة افضل.
‎تصادق أمريكا وايران والسعودية وإسرائيل وتركيا وغيرها فأعلم أن لا توجد في السياسة صداقة دائمة بل مصلحة دائمة.
‎هنالك من قدم المساعدة للعراق وقت الشدة فهذا تحفظ له ما ساعدك فيه وقت ازمتك وتعامله بطريقة مختلفة. ليست سواء ومن الخسة انكار الجميل وتعامله مثل من تركك في محنتك أو وقف متفرجاً عليك أو ممن زاد في ازمتك. 
‎في السياسة حيث المصلحة يكون التوجيه والتعبئة وللكل هنالك حلفاء مميزين. 
‎أكرر لكي ينفذ العراق بجلده من الحرائق المتتالية عليه، فعليه النظر في الخطوات اعلاه وليُعطي لممثلي الشعب الجدد فرصة تمثيل العراق ويقرروا مستقبله بعد كل تلك المظاهرات والشهداء لأنهاء الوضع الفاسد في العراق والنهوض به وبشعبه من جديد. 
‎ولتنتهي المظاهرات وتستمر الحياة فمجرد وجود مظاهرات لفترة زمنية طويلة فبالتأكيد سيتم التلاعب بها واستخدامها ورقة للتحريض واثارة الفتن ولحرف أهدافها وخرقها.
‎أمريكا ستبقى وستفكر بعمليات اخرى وايران ستبقى وسترد بطريقة ذكية وكبيرة لأنها بلد قوي ومتماسك ولا يقبل الأهانة والتعدي عليه. وستبقى تركيا والسعودية وإسرائيل وكلهم سيزدهرون. 
‎فليزدهر العراق ايضا وليصادق من يشاء كمثل بقية الدول وبشروطه التي تعود بالنفع على شعبه مع حفظ هيبته وكرامته ما دام يستثمر ثرواته ومكانته ويتطور ويزدهر ويحقق العدالة والرفاه لشعبه.