مشاهدات من ساحة التحرير/ بقلم : عبود مزهر الكرخي

الخميس - 12/12/2019 - 16:45

 

المرجعية الرشيدة :
كانت المرجعية دوماً هي الأب لكل العراقيين وصمام أمن وأمان العراق والعراقيين وهذا ماكنا نردده مراراً وتكراراً ولكن كان هناك من المشككين ومن يحسبون أنفسهم على العلمانية ينكرون هذا الدور بل ويلجؤون الى التهجم والتسقيط على مرجعيتنا وتسميتهم بأسماء لا تليق بهم وحتى وصفهم بأبشع النعوت متخذين من جماعة المتأسلمين والأحزاب السياسية الفاسدة التي تتستر بالإسلام وتتخذه شعار وستار لكل ما يقومون به من أعمال قذرة باسم الدين والإسلام والدين والإسلام براء منهم ومما كل ما يقومون به. وهنا كان لابد من يدعون العلمانية أن يفرقوا بين الصالح والطالح ومن هو على الحق ومن هو على الباطل فكل الديكتاتوريات تتبنى الفكر العلماني وفي مقدمتهم صدام وستالين وغيرهم وهم محسوبين على العلمانية ولكن هم عبارة عن انظمة تعسفية قائمة على قهر الشعوب وسحقها وهذا ينطبق على كل الطغاة في العالم. ومن هنا كان لازماً على من يدعي الثقافة والنخبوية أن يقوم بهذا التفريق ومعرفة من هو الصالح والطالح فالحق بائن والباطل بائن. ولو راجعنا كل مواقف المرجعية نجدها مواقف مشرفة تقف الى جانب الحق دوماً وتقف مع مطالب وتطلعات العراق وشعبه وهذا ما أقر به العدو قبل الصديق وهذه المواقف هي يقرها الاخوة العلمانيون في قرارة انفسهم ولكن العناد والجمود الفكري في أن كل مايمت الى الدين هو ليس في مصلحة الفرد والوطن جعلهم يصرون ويعاندون على هذا الأمر مع ان هذا الأمر واضح كوضوح الشمس في كبد السماء. ولتأتي خطاب المرجعية الأخير في يوم الجمعة الأخيرة ليصطف مع مطالب المتظاهرين جملة وتفصيلاً وليكون خطابها الوطني هو السمة والعلامة المميزة ويخاطبهم خطاب الأبوة العراقية في دعمهم ودعم مطالبهم وعدم اللجوء الى التخريب والحفاظ على سلمية التظاهرات ودعم كل مطالبهم ومطالبة الحكومة ومن كل في الحكم في ضرورة الإسراع في الاستجابة لمطالب المتظاهرين ورفع الحيف والظلم عن شعبنا العراقي الصابر الجريح وعدم التسويف والمماطلة واهم شيء هو عدم تدخل اي شخص او مجموعة او طرف اقليمي ودولي في هذه التظاهرات والمطالب والشعب هو المعني الوحيد في هذه المطالب لتؤشر علامة بارزة في وطنية وعراقية مرجعية النجف وانها من الشعب واليه لتخرس كل الالسنة الراجفة التي تتطاول على هذه المرجعية المباركة والتي هي تمثل خيمة لكل العراقيين.
المواكب الحسينية
شاهدنا وبوضوح خروج المواكب الحسينية لتقديم الدعم اللوجستي لمتظاهري ساحة التحرير وباقي المحافظات فالمواكب الحسينية ما ان نفضت تراب التعب بعد تقديم الخدمة لزوار زيارة الأربعين العظيمة حتى شمرت عن ساعديها وذهبت الى ساحة التحرير لتقديم ما يمكن تقديمة للأبطال من المتظاهرين في ساحة التحرير. وكان الوضع في ساحة التحرير من ناحية الدعم هو وضع مفرح فالدعم اللوجسيتي لا ينقطع والمواكب الحسينية ما ان انهت زيارة الاربعين حتى اتجهت الى ساحة التحرير لتقديم الاكل والشرب والشاي مضاف اليهم المواطنين الخيرين الذين يقومون من اجل ذلك بالذهاب الى الشورجة القريبة وشراء العصائر والبسكت والماء وما الى غير ذلك وحتى اكياس النفايات والوضع في الساحة هو كرنفال ليس بالفرح بل هو كرنفال يمثل فيه كل روح الأخوة والتسامح والمحبة وكانت النساء العراقيات الشامخات كشموخ النخلة العراقية تطبخ وتعجن وتخبز وتقدم الأكل لأبنائنا المتظاهرين ومن مختلف الأعمار وكان الدعم بدون اي حدود ليبين مدى شهامة ونخوة اهل بغداد وباقي العراقيين في باقي المحافظات لتعبر عن تلاحم عراقي جسدته ساحة التحرير بكل معانيه السامية والفريدة وهذا هو ما هو معروف عن شعبنا العراقي الأصيل والذي باعتقادي لا يوجد شعب مثله في كل العالم من ناحية النخوة والشهامة والكرم والطيبة والأصالة وليكون خير رد على من يشكك بهذه المواكب ويعزف على وتر الطائفية ان هؤلاء الطيبين الكرماء هم خدام في الأول للأمام الحسين(ع) وخدام لشعب الحسين وهو الشعب العراقي بكل طوائفه واثنياته لا فرق عندهم بين أي عراقي وهذا ما تعلموه من أمامهم الحسين(ع) ومن قبله أبوه الأمام امير المؤمنين أمام الإنسانية والذي أكد على الأخوة والمساواة بين البشر لأنه أن لم يكن أخ في الدين فهو نظيراً لك في الخلق ليجسدوها قولاُ وفعلاً في هذه المواكب الحسينية. ويجب ان ننوه ان العتبتين الحسينية والعباسية كانتا السابقتين في تقديم الدعم اللوجسيتي للمتظاهرين في بغداد وكربلاء ففي بغداد انطلق المضيف المتنقل للعتبة الحسينية ليحط رحاله في ساحة التحرير وليقدم 500 وجبة كمعدل في اليوم وكذلك فعلت نفس الشيء العتبة العباسية للمتظاهرين في كربلاء. . فتحية حب وتقدير لهم من الاعماق لكل من قاموا بهذه الأعمال النبيلة والذين هم يحملون كل بذور الحب والوفاء والطيبة والعفوية في كل ما يقومون به.
ساحة الانتفاضة التحرير
كانت ساحة التحرير وما تزال هي ساحة عز وكرامة لكل لعراقيين فيها جسد العراقيون تلاحمهم وانهم شعب واحد وهذا ينطبق على باقي الساحات ولكن ساحة التحرير كان لها تميز حقيقي في انها جمعت اهل بغداد ومن مختلف مشاربهم وشرائحهم وكان الكل متحابين اخوة و الكل مشتركين في هدف واحد هو انجاح مطالب المتظاهرين في انهم يريدون وطن واحد وانهم قد نزلوا يريدون حقهم فالوضع يبشر بألف خير وكان جبل أحد يمثل العلامة الفارقة في موقع هذه الساحة الخالدة وان الدعم اللوجسيتي للمطعم التركي(جبل أحد) مستمر ولا ينقطع وكان الكل يعمل يداً واحدة من أجل أنجاح المطالب العادلة للمتظاهرين والتي هي مطالب الشعب العادلة فالكل يعمل بجد وأخوة ولا تجد هناك أي ما يميز العراقي عن الآخر من ناحية الطائفة او الدين أو العراق بل كل ما يميزه هو حبه للعراق وشعبه وعمله الحثيث في ساحة التحرير لتجد هناك اسماء مميزة قد اطلقت على بعض الشباب مثل الگولجي(اي حامي الهدف)لأحد الشباب لأنه يتلقى القنابل المسيلة للدموع ويرميها الى نفق ساحة التحرير أو يبردها في سطل الماء وعباس ذو عمر التسع سنوات أو اكثر والذي هو في خط الصد الاول على جسر الجمهورية والذي يقوم بتقديم الاكل والدعم اللوجستي للمرابطين في اعلى المطعم التركي وهو ملثم من خلال وضعها في السلال الخاصة بذلك ورفعها من قبل المعتصمين الى فوق ، وغيرهم من الكثيرين لتجد الكثير من يوقدوا الشموع في الليل ترحماً على شهدائنا الأبطال في الانتفاضة ولتجلس الأمهات والفتيات والنساء لقراءة القرآن وإهدائها للخالدين من شهدائنا الأبرار ومعهم الرجال. وهناك تجد خيم تجلس فيها لبوات العراق كما يسمونهم المتظاهرين وفيها خيمة التمريض لمعالجة والقيام بالإسعافات لمن يصاب من المتظاهرين بقنابل المسيلة للدموع والدخانية وهم أخوات الرجال بحق وبرغم المخاطر وأطلاق القنابل المسيلة للدموع والدخانية الا انهم واقفات وبكل شموخ في الخط الأول ليقمنَّ بواجبهم في الاسعاف والتمريض لإخوانهم المتظاهرين والذي تقف الكلمات عاجزة عن وصف هذه النساء وهم بحق حفيدات زينب الحوراء ونسيبة والخنساء وكل النساء الخالدات في تاريخنا المجيد ليمثل وحدة هذا الشعب. ولتصبح ساحة ثورة الجياع التحرير هي كرنفال وعرس عراقي فريد فبالرغم من التزاحم القوي والازدحام فلا تجد تحرش بالبنات ولا اي مظهر من مظاهر الابتذال بل الكل أخوة ومتحابين يجمعهم حب واحد مشترك هو حب الوطن والشعب. ولتجد شاهد وظاهرة مميزة وهي هذا الجيل الجديد المسمى جيل البوبجي هو جيل يحب الرقص والغناء وهو يطالب بحقوقه بالغناء والرقص وهذا هو طبعهم وهم حتى في الخط الأول في جسر الجمهورية لأنه جيل له من الكوميديا السوداء الشيء الكثير وهو جيل يطالب بحقوقه بالغناء والعزف لحب العراق وشعبه والمطالبة بحقوقه. فالف تحية وتقدير لكل ما يحدث في ساحة التحرير من مظاهر إنسانية وتربوية تعلم العالم أجمع من هو الشعب العراقي شعب الحضارات والقيم السامية والذي كل جيل فيه هو مدارس لتعليم العالم أجمع قيم الحضارة والإنسانية والخلود.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.