اللبرالية الجديدة-- قناع يخفي تغوّلْ الرأسمالية /عبدالجبارنوري

الخميس - 19/09/2019 - 13:22


الليبرالية الجديدة هي حزمة من السياسات الأقتصادية التي أنتشرت على نطاق واسع في العقود الأخيرة ، وتشير إلى أفكار سياسية وأقتصادية وحتى دينية ، وأشتهرت المدرسة الليبرالية الأقتصادية في أوربا عندما نشر الأقتصادي الأسكتلندي " آدم سميث " كتابه ( ثروة الأمم ) عام 1776 ، مدافعاً لألغاء التدخل الحكومي في الشؤون الأقتصادية برفع القيود عن عملية التصنيع ، ورفع الحواجز والتعريفات الكمركية ، وأعلن في كتابه : أن التجارة الحرّة هي أفضل وسيلة للنهوض بأقتصاد دولة ما ، وهي أشارة لأصحاب رؤوس الأموال أنكم أحرار في الوسيلة التي يجنون بها أرباحاً طائلة خيالية .
يتضح من تأريخ الغرب الأوربي أن اللبرالية سبقت الرأسمالية ، بل أن اللبرالية هي الأساس الفكري للرأسمالية كنظام أقتصادي تكون اللبرالية هي السياسة والرأسمالية هي الأقتصاد ، وقد بدأت اللبرالية فكراً منذ الأصلاح الديني في القرن 15 ثم النزعة الأنسانية في القرن 16 ، فتحرير الفكر في القرن 17 والثورة الفرنسية في القرن 18 لتبلغ الرأسمالية أوجها في القرن 19 ، وقبل أن تبدأ أزمتها في القرن العشرين رغم منجزاتها ومآثرها في حرية الفكر ورفض سلطة الكنيسة والأقطاع وتأكيد حرية الفرد وديمقراطية المجتمع فأنها وقعت في أخطاء فادحة منها أستعمار بعض مناطق من العالم القديم للبحث عن المواد الأولية واليدالعاملة الرخيصة نتجت تراكم الثروة وظهور العبودية من جراء أستيراد عبيدا من أفريقيا . 
إذا تعتبر اللبرالية الجديدة قناعاً يخفي تغوّلْ الرأسمالية وتفتيت أنساق القيم وتدمير المقومات الخلقية ، سادت الليبرالية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في العالم العربي طُبقت كمحاولة لدراسة أحدى الظواهر الفكرية التي أجتاحت العالم في ظل العولمة وخلال أربعة عقود من سياسات اللبرالية الجديدة في خططها الأقتصادية والتنموية ( أنتهت ) بالفشل وأخفاقات مشهودة حتى طفحت أسقاطاتها وسيئاتها في الكساد الأقتصادي العظيم في ثلاثينيات القرن العشرين .
إلى أن الأزمة الرأسمالية في العقود الأخيرة أتسمتْ بتقليص معدلات الربح دفعت الشركات العملاقة بأعادة أحياء الليبرالية الأقتصادية وهو ما يولد ليبرالية جديدة ، أن صعود الليبرالية الجديدة ظهرت تطبيقاتها الشمولية في تسعينات القرن الماضي بعد أنهيار منظومة الأتحاد السوفيتي الأشتراكية ، فأعلنت اللبرالية كنموذج فكري وسياسي لتنظيم المجتمع كما يعتقد الفكر الرأسمالي والتي أظهرت صيغة "اللبرالية الجديدة " للتخفيف عن غلواء الرأسمالية فسمحت نسبيا بتدخل الدولة في النشاط الأقتصادي ضمن القطاع الحاص ، والآن في ظل العولمة المتسارعة للأقتصاد الرأسمالي ، بتطبيق الليبرالية الجديدة على نطاق عالمي بحيث تتضمن الملامح الرئيسة للبرالية الجديدة التي تظهر ( مساوئء وتداعيات وأسقاطات ) الرأسمالية الجديدة :
-هيمنة السوق برفع كافة القيود التي تفرضها الحكومات على المشروعات الخاصة مع الأنتفتاح الواسع على التجارة والأستثمار الدولي وتخفيض الأجور .
- حل النقابات العمالية وتهميش حقوق العمال التي حصلوا عليها عبر سنوات في الكفاح .
- أتاحة الحرية الكاملة لحركة رؤوس الأموال والبضائع والخدمات .
- تقليص الأنفاق على الخدمات الأجتماعية مثل التعليم والصحة ، وخفض الأنفاق على خدمات الضمان الأجتماعي ، وصيانة البنى التحتية من سكن ومواصلات وماء وكهرباء . 
- الخصخصة ببيع المشروعات والبضائع والخدمات التي تمتلكها الدولة إلى رجال الأعمال وتتضمن بيع البنوك والصناعات الحيوية وسكك الحديد والكهرباء والتعليم والمستشفيات .
- القضاء على مفهوم الصالح العام وأستبداله بمصطلح المسؤولية الفردية ، فهي تدمر برامج الرفاهية الأحتماعية وتهاجم حقوق العمال والطبقة الوسطى.
- يحاول اللبراليون عند تعريف اللبرالية بأنها ( الحرية ) وهذا تزييف ، فالحرية أدعتها كثير من المذاهب والفلسفات ، وليس هناك تعريف متفق عليه للبرالية .
- زيف زعم أن اللبرالية هي الحل لمشاكل العالم ، وأن اللبرالية في الحقيقة موظة سرعان ما تزول كغيرها من الشعارات الديماغوجية الدعائية الرخيصة .
- تضع ترتيبات أقتصادية وسياسية جديدة تسودها الفوضوية من جراء زيادة المرونة الأقتصادية Flexibiliy lean Production أي الأنتاج اللين المرن .
- أضعاف النمو الأقتصادي وخصوصاً عند الدول النامية التي تظهر فيها الأزمات مضخمة أكثر من الدول الغربية لضعف قدرتها الأحتمالية .
- اللبرالية الجديدة تولد التقشف الذي بدوره يقود إلى المديونية وأستلابات البنك الدولي وقروضها المتعسفة .
- ومن تداعياتها الحداثوية تعدد الأشتراكيات دون أساس لبرالي مثل : تجربة التسيير الذاتي في الجزائر والأشتراكية الأفريقية والأشتراكية المسيحية والأشتراكية الأسلامية والأشتراكية الحميدة والمجيدة في العراق ( العهد العارفي ) .