في هذه الليلة يترجل سنام العبقرية عن جسد علي "ع" كما لو ان نجما ساطعا يهوي من مرتفعات السماء وكلمات الله في حجر الشهادة والشهداء ووطن الابدية.
في هذه الليلة يقلب علي "ع" بصره في المكان ويستذكر تاريخا مجيدا ومسيرة طويلة من الذود عن الهوية والإنسان، ويتذكر بنظرته المسمرة في المكان كيف تشكل اول فجر للانسانية بالزهراء امراة في الرسالة وبالحسن واقعية واتزانا وفي الحسين ثورة وشجاعة واباءا .
ورغم ان هذه الليلة هي الاخيرة في عمر علي "ع" لكن شهادته وسكوت روحه واغماضة جفنه شكل بداية حياة جديدة لمسيرة علوية ستنهض من جديد تجديدا في ثقافة الاسلام وتحديثا في آليات ادارة الامة وتأثيثا للبيت الانساني بقيم الاخلاقيات العليا التي شكلت روح علي ووجوده.
لقد رحل علي "ع" عن هذه الدنيا وهو يوصي ابناءه بقاتله خيرا مايعني ان شهادته في محراب الكوفة هي شهادة المحارب الشجاع الذي لاينتقم وموت العلم الكبير الذي يغفر في لحظة التوهج والانبعاث الرباني بجوار الدار الازلية المقيمة في الجانب الاخر من وطن الله بجلاده !.
في ذكرى شهادة علي "ع" نتعلم كيف نغفر ونستغفر ونوفر طاقة الغضب العليا من اجل تجسيد القيم العليا في الاسلام لصالح الانسانية .. وعلينا ان نتذكر ونحن نؤبن رأس علي "ع" ان ابن ابي طالب كلمة الانسانية العليا كما يقول الكاتب المسيحي جورج جرداق.
في شهادة علي "ع" لامجال للعزاء والعويل والندب والبكاء .. لان علي مدرسة مفتوحة على قيم الفكر والشجاعة والبطولة والمعارف والاستنباط والاجتهاد والعبقرية الفذة ..
لهذا كان مشروع المرادي يريد ان يوقف حركة المعرفة عندما هوى السيف المسموم على هامة الامام .
المرادي كان يستهدف المعرفة الكامنة في رأس علي ..
لكن ذلك لم يتحقق لان عليا روح كامنة في الملايين .. وعلي سر الخلود ومحور الحركة وموعد الاحرار مع قيامة الثورة .