اطلعت على الكثير من آراء العلماء والكتاب من الشيعة والسنة حول أسباب بعث الله نبيه الكريم محمد (ص) في الأربعين من عمره وأسباب عدم بعثه للنبوة قبل هذا العمر واجمعوا على ان هذه المرحلة العمرية هي مرحلة اكتمال النضوج العقلي للإنسان حيث يكون عقله في اعلى الدرجات التي يمكن ان يصل اليها من حسن التفكير والتدبير، وقد وجدت ان هذه الفكرة التي اجمعوا عليها تخالف ما جاء في القرآن الكريم الذي بين في العديد من الآيات الكريمة ان النبوة استثناء من القانون الطبيعي للإنسان العادي فنبي الله عيسى (ع) بعث وهو في المهد استنادا لقوله تعالى: [ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي المَهْدِ صَبِيًّا] {مريم:29} والنبي يحيى (ع) بعث وهو صبي [ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ] {مريم:12} والصبا هو المرحلة العمرية الواقعة منذ الولادة حتى الاحتلام ، ونبي الله إبراهيم (ع) بعث وهو في بداية شبابة استنادا لقوله تعالى قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } {الانبياء 6}0وبمثله نبي الله يوسف (ع) ، إضافة الى ان النبي محمد (ص) لا يتكلم من عنده استنادا لقوله تعالى [ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ] {النجم 43} ، إضافة الى اجماع المسلمين على ان السنة النبوية هي قول النبي(ص) وفعله وتقريره ، وبالتالي هو يحظى بالتسديد الألهي ، من كل ذلك يتبين ان النبوة ليست محددة بالعمر الطبيعي للإنسان العادي خصوصا وان نبينا (ص) اختاره الله للنبوة قبل هذا العمر والأدلة على ذلك لا تعد ولا تحصى سواء من التبشير بنبوته في التوراة والانجيل الى العلامات في جسمه الى حادثة الغمامة التي تظلله عن الحر وهو طفل أينما يسير، فإذا لم يكن السبب لانتظار الله تعالى نبيه الكريم حتى يبلغ سن الأربعين ليبعثه نبيا رسولا هو اكتمال العقل فما هو السبب اذن؟ وهل هناك علاقة للإمام علي (ع) بالتأخير بموعد البعث واقولها بكل ثقة ان الله قد اخر بعثة نبيه الكريم (ص) لعمر الأربعين ليس لاكتمال عقله فهو الذي ادبه ربه واحسن تأديبه لكن التأجيل كان انتظارا لولادة الامام علي (ع) واشتداد عضده ليكون أخيه ووزيره ووصيه وخليفته من بعده وبيعة الغدير ترجمت ذلك بشكل صريح ، وهو من اعده النبي محمد (ص) ليكون ظهيرا له فتربى في بيته بينه وبين السيدة خديجة (ع) بعد ان اخذه لتربيته من ابيه أبي طالب، وعلي (ع) الذي قال : ولقد كنت أتّبعه اتباع الفصيل أثر اُمّه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالاقتداء به، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (ص) وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشمّ ريح النبوّة، وقال لي إنّك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلاّ أ نّك لست بنبيّ، ولكنّك وزيري] ، وعند البعثة كان عمره عشر سنوات واستمرت الدعوة السرية خمس سنوات وهاجر النبي (ص) الى المدينة في السنة العاشرة للبعثة وحينها بلغ علي (ع) اشده واصبح في قمة البطولة والشجاعة وكل مراحل الرسالة النبوية تؤكد ذلك ، وهو اول من آمن به مع خديجة (ع) وهو من نام في فراشه ليلة الهجرة وهو من رد اماناته بعد ان هاجر وهو من الحقه بعائلته الى المدينة وقوله (ص): [ انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي] هو حديث الفصل في القول بان مكانة علي (ع) في الرسالة كمكانة هارون في رسالة موسى (عليهما السلام) الذي كان لصيقا له تارة وخليفته من بعده في قومه تارة أخرى وقد فعل قوم النبي محمد (ص) بخليفته علي (ع) كما فعل قوم موسى (ع) بخليفته هارون (ع) كما وصف ذلك الله تعالى بقوله: [ وَلَمَّا رَجَعَ موسى إلى قَوْمِهِۦ غَضْبَٰنَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِى مِن بَعْدِىٓ .....قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِى وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِى] ، والنبي(ص) أوصل لهم الرسالة بمكانة علي (ع) هذه بألف حديث والف موقف لكنهم قاتلوه وقتلوه وقتلوا ذريته وسبوا عياله فبئس القوم هم ، هذا الرجل الذي امتلك استثناءات ربانية كثيرة عن بقية بني البشر وخارج القانون الطبيعي فهو لم يولد في بيت الله الحرام لا قبله ولا بعده أحد، حيث انشق جدار البيت ودخلت امه فاطمة بنت اسد وعاد الجدار ليلتصق وهو الذي ردت له الشمس بعد غروبها بأدلة واسانيد الفريقين وهو زوج البتول (ع) وابا الحسن والحسن (عليهما السلام) وهو الذي قال فيه النبي الكريم (ص) [ ضربة علي يوم الخندق تعادل عبادة الثقلين] وهو الذي قال فيه (ص) حينما برز لعمر بن ود العامري [ برز الإسلام كله للشرك كله] وهو قالع باب خيبر الذي عجزت قلعه سواعد أربعة وأربعين فارس ، وماذا تعني في المباهلة حينما اراد النبي (ص) ان يباهل نصارى نجران ونزل قوله تعالى: [ فَمَنْ حَاجَّكَ .. فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ..] {آل عمران 59} وجاء النبي (ص) بعلي (ع) للمباهلة أي جاء بنفسه فهو بحكم الآية نفس رسول الله (ص) وهو الذي لم يؤاخه مع احد عندما آخا بين المهاجرين والانصار وقال له يا علي انت اخي في الدنيا والآخرة وهو من قال له فيه: [ من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ] وقال فيه (ص) :[من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه، فلينظر إلى أخي عليّ بن أبي طالب ] وهو الذي قال فيه (ص) [ ما قام الإسلام الا بسيف علي واموال خديجة ] وحينما وضع الله تعالى كل رسالة محمد (ص) في كفه وتبليغ خلافة علي (ع) في كفة حينما تردد النبي (ص) في تبليغها خشية اتهام المسلمين له بتولية ابن عمه حينما قال الله تعالى [يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ] والاف الشواهد على بطولة هذا السيف وثباته يوم فر القوم في حنين ويوم لم يجب احد من كل المسلمين في الخندق عمر بن ود بقوله ولقد بححت من الندى هل مبارز ورسول (ص) يقول لهم من يبرز له وله عليه الجنة والكل مطرقون خوفا كأن على رؤوسهم الطير إلا علي (ع) يقول له في كل مره انا له يارسول الله ، هذا بعض ما عند أبي الحسن (ع) الا يستحق ان تتأخر الرسالة لتنتظره ليساند حاملها ولينجب من الزهراء (ع) احد عشر اماما معصوما كانوا رغم ما لاقوه من قتل وقهر وتشريد كانوا للدين ومصباحا لطريق الرسالة المحمدية وعدل القرآن نعم انه الامام علي ين ابي طالب فسلام الله عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.