في الحلقة 14 تطرقتُ في نهايتها الى ما يقوله البروفسور فلاديمير ليبونوف:إنّ ولادة الكون بهذا النظام والتّرتيب رغم فوضويّة (!) إنطلاقته الأولى، يدلّ على أنّ لهذا الكون ناظماً. والذي أَطلق عليه ليبونوف بالعقل الأسمى! والذي يطلق عليه أحياناً من قِبَلِ عدد من الفلاسفة بالعقل المجرّد (والذي ينبغي أنْ نشيرَ الى أنّ ما يطلق عليه بالفوضى إلّا حالة من النمطيّة العالية التي تُهَيء لنظام جديد من نوع متقدّم! أوليسَ هو العقل الأسمى!). ولا يخفى ما يتطرّق إليه فلاسفة العقل والذي أعتقدُه هو أنّه جوهر الرؤية أو الرؤية الجوهريّة، كما يَطلقُ عليها جورج بيركلي# صاحب نظرية اللاماديّة والتي يذكر فيها على أنْ لا وجود للمادّة، بل هي مجرّد فكرة في عقلِ الله(!) لا أزيد على هذا، حيث أنّ هذا فوقيّ التّوضيح، بسبب أنّ العقل الأسمى لا يتضمّن فكرة عقل في ذاته!ومن الأشياء التي يثيرها بيركلي أيضاً هي أنّ فكرة العقل الإنساني هو جوهر.
ولا يخفى ما لأهميّة هذه الآراء حول العقل المجرّد والذي يطلق عليه ليبونوف كما أشرنا بالعقل الأسمى. لا أريد أنْ أدخل في نقاشات مع ذاتي، فلسفيّة الطّريق والنتيجة، لذلك أكتفي بالقليل منها هنا! لكن ينبغي التنبّه إلى ما يقوله الآخرون من الفلاسفة أو العاملين في هذا المجال والذي لم يصل إليه، ما ذُكِر في تأريخ وممارسة الفلسفة الشرقيّة، عموماً والفلسفة الإسلاميّة خصوصاً. حيث أنّ العديد ممّن كتب وذكر في هذا المجال (العقل الأسمى أو المجرّد أو العقل الأنقى وما إلى ذلك من المسمّيات التي تعبّر عن المدبّر والموجِد لهذا الكون!)، ذكر بما لايقبل الشكّ مواصفات تدلّ عليه، إنْ فلسفياً أو كلاميّاً أو نقليّاً أو غيبيّاً بمحاكاة العقل والمنطق والتراث وما إلى ذلك!). هنا دعنا نركّز على مناقشات من نوع آخر مدعّمة ومبوّبة ذهنيّاً مع علم من العلوم التي لا تغيب عن منطق الفلاسفة كما أشرنا في مقالات وحلقات من هذه السّلسلة كما لايخفى عليك أيّها اللبيب.
لو نعرّج مرّة اخرى على البروفسور ليبونوف، والذي يذكر على عهدته ان أنشتاين (كان منذ شبابه مناضلاً في سبيل الآراء الإلحاديّة) . ويريد أن يقول لا يمكن لمثل هذا العالِم أن يبحث في المسائل المتعلقة بالموضوع الدينيّ عموماً! بينما المعروف عن هذا العالِم التفكير العميق. ومن الواضح من خلال معادلاته التي وضعها وأفكاره أن لا متلازمة بين هذه، والجّانب الدّينيّ في البحث عن الخالق او المدبّر! بل كان فكره ينصبُّ تماماً عن الوسائل المهمّة التي تجعل من تطوير الجانب الحركيّ في العقل حينما يبحث عن التصوّرات التي تتعلّق بالخَلق والآثار المترتّبة عليها، ولم يذكر إيمانه ولم يذكر إلحاده صريحاً، فلا علاقة لهذا بذاك!
عموماً، قد وضع تفسيرات رياضيّة للعديد من الظّواهر وفق المنطق الرياضيّ المتقدّم. حيث يمكن التعامل مع نظريّاته من خلال تصوّرها على أنّها بديهيّة كونيّة إن صحّ التعبير! حيث وجود السّرعة الفوقيّة أو العالية للأجرام قدر وصول العلم لهذه الأجرام من خلال الرؤية أو الإستنتاج. وكذلك يمكن القول أنّ هذا العالم الفذّ قد تنبّأ بالعديد من الأشياء من خلال المنطق الفلسفيّ. وقد أثرنا هذا الموضوع كثيراً. يقول ليبونوف (ولعلّ خالقاً ما إنْ جاز التّعبير يمكن أن يتساءل لِمَ خلق المعقّد مادام بالإمكان خَلْق البسيط وهذا ما أدهش أينشتاين، هذا هو الأهمّ وللسّير قدماً على كلّ عالِم أن يحسّ بهذه الدّهشة ويختبرها). وقصدَ أنّ تكوين الكون بسيط لا يحتاج من العالِم أن يعقّده! وأنا أشكّ في هذه المقولة حيث لم يستطع الكثير من العلماء الباحثين أن يصلوا الى ما يتعلّق بما حولنا ومازالوا غير قادرين على وضع نموذج حيويّ يستطيع الإجابة على سؤال مهمّ هو:هل هناك كون قبل كوننا؟ وهل الكون أو الأكوان المتعدّدة إن كانت موجودة، كانت تخضع لنفس القوانين التي تُخضِع عالمنا إليه؟ وهل هناك زمن يستطيع المرء أن يتعامل معه كي يضع جواباً لإنتروبي الكون الحالي من إنتروبي الأكوان الأخرى؟وهكذا..
يقول ليبونوف (أمّا العالَم المعقّد بلا نهاية فلا توجد فيه سنن طبيعيّة، ومن المتعذّر فَهْمُه). بالتأكيد أنّ للعالم نهاية، لكنّ السّنن كانت ومازالت تخضع لقوانين، وليست عشوائيّة في الحدوث ، أي أنّ التعامل مع الحادثة أو مع السنّة يخضع أو يجب أن يخضع إلى قانون محدّد، إمّا ضمن الأطر المتعارف عليها أو له قانونه الخاصّ به. أي لا يمكن أن نعتمد على أنّ لنا مفاهيم حوله أم لا، إنّما الحديث عن أنّ هذه السّنن تخضع لقوانين خاصّة بلا شكّ وليس الأمر عبثياً، بلا أيّ ريب! وإلاّ سنضطرّ إلى الإعتماد على العشوائيّة أو الإضطراب للوصول إلى قوانين للتفسير، وهذا ما يعقّد أمر الفهم أو المفهوم!ويثير ليبونوف سؤالا مهمّاً يجيب به على نفسه في المقطع الأوّل! (لماذا عالمنا قائم هكذا؟! وأكثر من هذا، يفترض بعض العلماء أنّ كلّ شيء قبل ولادة الكون ربّما كان مشوشاً، ومعقداً). وربّما لم يكن. ولكنّه ربّما كان يخضع إلى قوانين تجعله معقّداً أو بسيطاً! فهذا التشويش أو الإضطراب يخلق حالة مطلقة من الإنتظام أو الإتّساق؟ إن قلتَ نعم، فهذا محض الإضطراب! وإن قلت ربّما، فقد أدرتَ الدفّة إلى الجّهة الأخرى!
لا علاقة في التكوين ما بين العقل والكون بذاته. إلّا إذا إعتبرنا أنّ العقل جزء من هذا الكون أو الوجود عموماً،وهذا بحدّ ذاته غير الذي يقصده ليبونوف بسبب حديثه عن العقل الأسمى (للعلم هذا العقل الأسمى،يسمّيه معروف عبد الغنيّ الرّصافي بالحقيقة المطلقة اللانهائيّة في كتابه الشخصيّة المحمّديّة! وقد كان الرجل تائهاً بين حانة ومانة!) الذي يعتقد هو أنّ هذا الأسمى هو الذي أوجد الكون! وهو النّاظم وهو المنسّق والموجِد. فالحديث عن خَلْق العقل نعود به إلى السّؤال، من الذي أوجد هذا العقل، ربّما عقل أسمى منه أو عقل أعلى في التنظيم أو الإتّساق. والحديث في هذا الموضوع لا يوصِلنا إلى ما نسعى إليه من كشفٍ لوجود الزّمن لأنّه يدخل في حديث آخر تماماً.
إنّ التّطور الذي جرى على عقل الإنسان أو على الكائنات عموماً إنّما هو تطوّر يمكن قياسه أو إدراكه من خلال النتائج التي توضّحت لنا من هذا الوجود. فالتطوّر قد بدأ بالفعل من المسائل البسيطة إلى المسائل المعقّدة مروراً بطريق طويل من الإنتقال أو التّطور.
يقول ليبونوف:(وفعلا مرّ الإنسان بهذا الطريق، نظرية أرسطو كانت بسيطة متواضعة كان يعرف أنّ القوّة تتناسب طرديّاً مع السّرعة بعد هذا ظهر نيوتن وبرهن على أنّ أرسطو في نظريّته لم يأخذ بالإعتبار مقاومة الهواء ثم جاء أنشتاين وأثبت للجميع أنّ الزّمن في حقيقة الأمر يجري بأشكال مختلفة، وهكذا تمّ تراكم المعارف تدريجيّاً، لذلك في كلّ مرحلة من مراحل تطوّر حضارتنا كان للبشريّة ما يكفي من المعارف العلميّة لتحافظ على الإهتمام العلميّ وتطوّره وتطوّر العقل والدّماغ والحضارة عامّة). بلا تعليق!
من جديد مع الثّقب الأسود، والزّمن الجّميل!
من المواصفات التي تخدمنا هنا للثقب الأسود هي أنّه ضيّق إلى درجة كبيرة أكثر مما تتوقّع! وبأنواع مختلفة في الحجم والكتلة والنّشاط أو الفعّالية التي يتضمّنها أو يحتويها. ولغزه أو ألغازه أكبر من أن تعرف!
منذ 100 سنة وهذه المعلومات غير جاهزة لنا حول هذا الثّقب الأسود. والذي يلعب الدّور الكبير في تفسير العديد من السلوكيّات الملاحَظة لهذا الثّقب وغير الملاحَظة، بل المستنتَجة إعتماداً على ميكانيك الكمّ والجاذبيّة. بلا شكّ، مازلنا نحتاج الكثير من المعلومات والعديد من العلوم للتفسيرات للكثير من سلوكيّات الثقوب السّود، وبالتّالي يكون من ضمن التفسيرات، ماهيّة الزّمن! نعم ليس سراً القول أنّ مشكلة الزّمن ستحلّ حينما نصل إلى نتائج أفضل في سلوك الثّقب الأسود. من ضمن هذه العلوم الديناميكا الحراريّة، الرياضيّات والبرمجيّات المتقدّمة، بل والكيمياء الحراريّة والطيفيّة والفيزياء ما فوق الحراريّة(!) وبلا شكّ البيانات التجريبيّة، لها وقعها على كلا الصنفين من الناس، من المؤمنين بخالق الكون أو غير المؤمنين كذلك! لا يعني ذلك أنّ ما نتطرّق إليه في تفسيرات منطقيّة أو فلسفيّة لا علاقة ولا واقع له في وضع نموذج فريد لفهم الثّقب الأسود والكثير من المكنونات، منها الزّمن واللازمن. السؤال الذي يعاني منه الباحث العلميّ (الباحث العلميّ لا ذلك الذي يجمع ويسرق من هنا وهناك وأبحاثه المضحكة التي يريد منها شراء درجة علميّة على أنّها تسلّق إلى مستوى أعلى، وهي في الحقيقة مستوى أدنى من الإنسانيّة العلميّة التي باتت المسيطرة على جامعاتنا العربيّة للأسف!) هي مشكلة ولكنّها ليست بالقليلة، وهي، كيف لهم أن يتّصلوا بالآخرين وإيصال المعلومة العلميّة التي تتعامل مع مسمّيات صعبة الإدراك كالسّفر بسرعة الضّوء وإيجاد الكتلة التي يتضمّنها ذلك الموجود الذي يحمل مثل هذه المعلومة؟! بل وكيف نتعامل مع فهم وإدراك المعنى الفيزيائيّ لذاتيّة الطّاقة وماهيّتها، وهكذا من المسمّيات صعبة الإدراك على غير المهتم أو المتخصّص. لذلك يحاول الباحثون إيصال هذه المعلومات إلى مستوى يسير، كي تكون العلوم للجميع قدر الإمكان.
من المهم الإستغراق بقضيّة السّفر بسرعة الضّوء وفق نسبيّة أنشتاين لكن كيف نتعامل مع موجود يتحرك بسرعة أكبر من سرعة الضّوء، ولو كانت إفتراضاً في المرحلة الأولى؟ يردّدون أنّ هذه السّرعة لا يمكن بلوغها في الفيزياء النسبيّة الكميّة. لكنّني أصرّ على إفتراضيّة السّرعة المذكورة!فهناك موجودات يفترض بها أن تسير بسرعة أكبر من سرعة الضّوء! من أين آتي بهذه السفسطائيّات؟! هل يرضى الفيزيائيّ النظريّ بهذه الطّروحات؟! أقول: يا سيدي الكريم، أحاول أن أنطلق من فلسفة لا يمكن أن أستغني عنها حتى في هذا العالم الدّقيق، عالم الجسيمات الدّقيقة حيث سنرى العجب! لا تستغرب من ذلك فإفاضات متعدّدة قد تصل إلينا من عالم علميّ لا أكثر(!) جعل العلماء يشكّكون ليس بالنسبيّة للمحترم أينشتاين وإنّما حتى في بعض القوانين التي باتت شبه ثابتة عندنا!
لنستطلع من جديد الثّقوب السّود: هذه الأجرام الغريبة في أطوارها وسلوكيّاتها، كبيرة وثقيلة إلى درجة كبيرة جداً (رغم ضيقها!). لكن تبقى المشكلة التي تحيّر الكثير من العلماء هي أن لا قدرة على تحليل هذه الثّقوب من خلال الإرساليّات إلى ذلك الثّقب، إلّا من ذلك الإشعاع الذي يظهر في التلسكوبات كطيف لغرض الدراسة وتطبيق الميكانيك الكمّي وغير ذلك من الرياضيّات المتقدّمة لغرض الحصول على ما يمكن أن يساعدنا في تحليل أو إجابة على أسئلة منها:لِمَ خُلِقَ الكون؟ كيف خُلِقَ الكون؟ هل بالإمكان أن يحدث الحدث في مكان آخر خارج نطاق كوننا الحاليّ؟ وهذه كلّها تخدمنا في معرفة الكيفيّة المناسبة لمعرفة الزّمن والتحكّم به في بعض السلوكيّات إن أمكن ذلك على الأقلّ في الناحية الرياضيّة التطبيقيّة، وكذلك في الإجابة المناسبة عن اللازمن!
مكان الثّقب الأسود (أي الحدث) يطلق إشعاعات عالية كقذائف هائلة القوّة. ولكنّ قسماً من هذه الأشعّة تعود إلى داخل الثّقب لشدّة جاذبيّته. بالإضافة إلى أنّ كلّ جسم يقترب منه يتباطأ حين الدّخول إلى داخله. وهنا يجب أن نلاحظ حالة التباطؤ التي تصل إلى أن يقترب الجّسم من اللاسرعة أو الإستقرار اللاثابت أي ذلك الذي يرتبط باللازمن النسبيّ!
نعم لقد تحدّثنا عن العديد من الصّفات المهمّة للثقب الأسود، لكن للأهميّة التي تتعلّق بالزّمن الذاتيّ واللازمن سأعرّج بين الحين والآخر إلى هذا المارد الّلغز! فمثلاً لو إستطلعنا العلاقة التي تميّز وجود الجّسيم أو أي مادّة في الثّقب الأسود فوجب أن نسلّط الضّوء على شيء مهم وهو أنّ حجوم الثقوب السّود متباينة وبالتّالي ستكون لها درجات حرارة مختلفة بين هذا الثّقب وذاك! ودرجة الحرارة هذه تلعب دوراً كبيراً جداً في فهم السّلوك الجسيميّ داخل الثّقب الأسود بالإضافة إلى الصّفات الأخرى التي ذكرناها. ومن ضمن المميّزات التي كانت معروفة، وقد ذكرنا بعضاً منها هو أنّ الجّسيم لا يمكن له أن يغادر الثّقب الأسود، لكن لوحظ أنّ الجّسيمات يمكن أن تتسرّب من ثقب أسود معيّن أو يمكن أن يكون أيّ ثقب أسود، والسّبب لو أخضعنا بعض الأمور المهمّة داخله لما يعرف بعلاقة عدم اليقين لهايزنبرغ، والتي تقول أنّه كلّما عرفت بدقّة موضع جسيم ما، كلّما كانت معرفة سرعة الجّسم أقلّ دقّة والعكس بالعكس. هذا يعني أنّه إذا كان الجّسيم في ثقب أسود صغير، فأنت تعرف موقفه بدقّة إلى حدٍّ ما. وبالتّالي فإن سرعته ستكون غير مؤكدة إلى حدٍّ ما ، ويمكن أن تكون أكثر من تعجيل الضّوء، ممّا يسمح للجّسيم بالهروب من الثّقب الأسود. وكلّما كان الثّقب الأسود أكبر، كان تحديد موضع جسيم فيه أقلّ دقّة، وبالتّالي كلّما تمّ تحديد السّرعة على نحو أدقّ، وكلّما قلّت فرصة وجودها، سيكون ذلك أكثر من سرعة الضّوء. فثقب أسود تبلغ كتلته بقدركتلة الشمس، من شأنه أن يسرّب الجّسيمات بمعدل بطيء، وبالتّالي سيكون من المستحيل إكتشافه. ومع ذلك، يمكن أن تكون هناك ثقوب سود صغيرة أصغر بكثير. وقد تكوّنت في وقت مبكر جدّاً من الكون، إذا كانت الحالة فوضويّة وغير منتظمة.
عجيب أمره!
لقد تحدّث يوما أرسطو عن الزّمن قبل 2500 سنة، فقال:هو أكثر شيء مجهول! وأنا أقول الشّيء المثير للإستغراب هو، البحث عن شيء وهو نفسه مقياس لنا في حياتنا اليوميّة! وقد تطوّر البحث فيه وعنه ليعود أدراجه! لكنّ الشيء الذي يثير الأمل ويؤجّجه هو هذا الثّقب الأسود الذي سنجد فيه ما نريد بإحتماليّة كبيرة! حيث يقول الباحثون على (الإمكانيّة على إنشاء ثقوب سود صغيرة في الأبعاد الإضافيّة للفضاء، وفقا لبعض النظريّات، فإنّ الكون الذي نختبره، هو مجرّد سطح رباعيّ الأبعاد، في فضاء ذي عشرة أو أحد عشر بعداً. لن نرى هذه الأبعاد الإضافيّة، لأنّ الضّوء لن ينتشر من خلالها، ولكن فقط من خلال الأبعاد الأربعة لكوننا. لكنّ الجّاذبيّة تؤثر على الأبعاد الإضافيّة، وستكون أقوى بكثير من كوننا. هذا من شأنه أن يجعل الأمر أسهل بكثير لتشكيل ثقب أسود صغير في الأبعاد الإضافيّة).
فقد بدأت العديد من التجارب بالفعل رغم القول بإستحالتها في المختبر البحثيّ! كما أثاره باحثو مصادم الهادرون الكبير
LHC
في سيرن (سويسرا) حيث تكون الفكرة بإجراء تجارب مصادمة لجسيمات متسارعة بإتّجاهين متعاكسين في نفق يبلغ طوله 27 كيلومتراً وتحصل عملية تصادم بين جسيمات الإتّجاهين فحينها ينشأ ثقب أسود أو ثقوب سود عن هذه العمليّة ستظهر كذلك أشعّة هائلة ناتجة عن هذه العمليّة وتدرس من خلالها مميّزات هذه الإشعاعات لمعرفة الكثيرعن تلك الموجودة أو التي تظهر بالفعل في ثقب أسود في الفضاء الكونيّ! هذا كلّه محل البحث حيث تشير النظريّات إلى تشكيل ثقب أسود صغير يمكن أن يحدث في أبحاثنا على الأرض! وإن كان مجهريّاً أو كموميّاً.
والحقيقة أجريت تجربة محاكاة لثقب أسود كميّ،حيث يستند هذا العمل على ظاهرة التّصادم التي تحدث بفعل قصف الأشعّة الكونيّة للغلاف الجويّ للأرض، ومن ثم تصطدم الجّسيمات مع بعضها البعض. فتجرى هذه العمليّة من التّصادم في سيرن كما ذكرنا. ومن الأشياء المهمّة والرّائعة أيضا من هذه التّجربة هو إحتمال وجود أبعاد إضافيّة لهذا الكون بالإضافة إلى الثّلاثة المعروفة (والرّابع العزيز الذي نعمل على تعريفه والبحث عنه!). وأنا أقول لو حدث هذا الفعل ستحلّ الكثير من الألغاز حول الزّمن. حيث المشكلة الكبيرة التي نعاني منها، هو الطّريق إلى الوصول إلى العزيز الغالي!فلو بلغنا الثّقب الأسود على الأرض سنستطيع دراسة السّرعة الجديدة التي تفوق ما أتى به العزيز أنشتاين! وسنعرف ما المعنى الذي يمكن أن نقنع به من يريد أن يتعرّف على صديق جديد له من المواصفات الكثير الجّديد والجّديد الكثير. وعندها سنضيف إلى معادلة أنشتاين الطّيب عاملاً جديداً سنخمّنه قريباً! وكذلك سيسافر من يريد في المكان والزّمان الذي يريد. أو سنسعى إلى الحصول على نوع واحد أو أنواع جديدة نظيفة من الطّاقة، لا فيها إنشطار نوويّ ولا تفاعل من النوع الملوّث! ولكنّنا لا نستطيع أن نخمّن ما إذا كان سيظهر لنا ترامب جديد يقفز على الآخرين للمطالبة بمليارات جديد بحجّة سلاح نوويّ أو غيره!
عالم النانو وما بعد النانو!
أنا أعتقد أن الأبحاث المستمرّة في عالم النانو ليس بعيداً عن الغرض منه أو أحد الأغراض من هذا العمل. فمن المعروف أنّ تقنيّة النانو وصلت إلى مراحل مهمّة بالقياسات التي تقترب من جزئيّات جزء الخليّة الحيّة. بل سنصل بها إلى أبعاد تفاصيل البكتريا التي تطرح الإنسان أرضاً إلى حيث تحت التّراب متحللاً منتهياً بعد موته لأيّ سبب من أسباب تفرضها مسبّبات البكتريا أو غيرها! ومن خلال تقنيّات النانو يمكن الوصول إلى تلك التّفاصيل المسؤولة عن حالات الهدم القسريّ للخلايا الحيّة. ويكون واحداً من هذا العمل، هو ما يتعلّق بتقنيّات الإلكترونات الباردة
Cooled Electrons
(لقد تطرّقت إلى هذه الإلكترونات في الحلقة 8 من هذه السّلسلة، وهناك الكثير مما يتعلّق بتبريد الزّمن أو طيّ الزّمن ودراسة سرعة توسّع الكون وسرعته التي تتجاوز أحيانا سرعة الضّوء!). والتي ستستخدم بنفس الأسلوب إلى الدّقائق الأصغر ثم الأصغر لنتعامل مع ظواهر من نوع ما بعد النانو وما بعد ما بعد النانو! من خلال إستخدام البرامج الخارقة في التعامل الكميّ المتقدّم والوصول إلى درجات أعمق من درجات إنصهار الدّقائق ما بعد النانويّة! فظهرت عندنا تلك الهندسة المعمّقة المتعلّقة بأنابيب النانو الكربونيّة والإستعداد إلى أنابيب ما بعد النانويّة.
حالة التّماسك التي ترافق الليزر مهمّة للغاية إذا ما تحدّثنا عن الليزر الذريّ كما يقول ميشيل كاكو حيث وضع الصّيغ المتقدّمة للكومبيوتر الكموميّ والذي يعتمد على إهتزاز الذرّات في إنسجام وهو أكثر صعوبة من التّعامل معه في المختبر. حيث مكثّف بوز أنشتاين.
حيث إذا كنت بارداً فستهتزّ الذرّات أكثر في هذا الظّرف بإنسجام واحد. فيكون لديك وضع كبير ضمن هذا الظّرف. والحديث عن الإنسجام حديث شيّق وكبير وفق ظرف كموميّ وتقنيّ منسجم مع ظرف ما بعد النانو! وهنا يجب أن نعود لتذكير القارئ بحالة الصّفر المطلق وقانون الثرموديناميك الصفريّ. أي نقوم بإيصال المادّة إلى درجة بالقرب من الصّفر المطلق. حيث ينصّ القانون الثالث أن لا وصول إلى هذه الدّرجة في التّبريد! (الله يساعد جامعاتنا التي أجبرت على الإجازة والجّلوس في البيت بسبب عصابات الجّهل القسريّ الذي يسير بخطى لتعطيل الأمة! ولا نعرف هل وصل العلم عندنا إلى درجة قريبة من الصّفر المطلق أم لا؟!)
بلا شكّ وبلا تواضع فقد حوّلت النسبيّة الفيزياء المعاصرة من مرحلة إلى أخرى!لكنّها أدخلتها في دهاليز لم تستطع أن تخرج منها إلى الآن. وقد تطرّقنا إلى بعض هذه الدهاليز، وغيرها كثير! فواحدة من هذه المشكلات أو الدهاليز، هو أنّ المادّة بتعريفها الذي لم يصل إلى تمامه، الفلاسفة ولا حتى الفيزيائيين، قد عمّمتها النسبيّة على العالم البعيد بمقاييس هي نفسها التي تستخدم على البعد القريب أو على الأرض. وكذلك سحبت الكثير من السلوكيّات والتصوّرات على الثقوب السّود التي لم يصل إلى تفسير مقنع لها العديد من أصحابنا المحترمين من سادة الفيزياء ولا حتى من الأتباع أو المريدين! لذلك ما زلنا نحتاج الى طرق متقدّمة تجمع النسبيّة مع فيزياء الكمّ والجاذبيّة التي تؤثّر على ماذكرنا في حلقات سابقة. ففي كتابه (نهاية الزّمن) يتطرّق الفيزيائيّ جوليان بربور إلى أنّ الزّمن (غير موجود على الإطلاق)##. أي أنّه ينكر وجود شيء إسمه الزّمن! حيث كلّ الموجودات في هذا الكون موجودة بالفعل في زمن واحد. أي أنّ كلّ شيء يحدث في الآن بما يحتويه من محيط الحدث. فيطلق على الزّمن (أو ما لا يقتنع به! على أنّه زمن) الأنيّة (من كلمة الآن) أو الآنيّات جمع الآن بإعتبار أنّ لكلّ تكوين أنيّته أو لحظته!
دعني أوضّح ذلك:
الآن: يقصد به بلا فاصلة زمنيّة كي يفهم الزّمن! أي إبتداء وإنتهاء. فليس هناك ما قبل الإنفجار العظيم شيء إسمه زمن أو لحظة زمنيّة أو آنيّة. كما يقول صاحبنا الكريم جوليان! كيف يكون ذلك؟ يقول أنّ الحدث أو الأحداث تمرّ كسجل من الذكريات التي تراها وتعشقها وتسرح معها رغم حدوثها في فترات مختلفة، إنّما هي صور متنوّعة في أزمان مختلفة بينما أنت تراها آناً واحداً، أي لا زمن! يربط بينها. عجيب! أيعقل هذا الكلام؟! نعم هكذا هي المفاهيم! لا تستغرب! فتصوّر الزّمن كما قلت لك عندما حلمتَ حلماً جميلاً وعشتَ فيه ومعه ومع مَنْ ترغب من الأشياء (أو من غيرها!).
إلى لقاء في حلقة جديدة وكما يقول المذيع العربيّ: فاصل ونواصل!