لطالما كان اسم نبات الزيتون مقترن بالسلام ورمز للمحبة في كل العالم , رمز عميق وصدفة اعمق واكبر تلك التي رسمها شهداء ذي قار فكان جسر الزيتون كشجرة احتوت ارواحهم كاغصان نظره حتى اخذت تتساقط للشهادة والتضحية في خميس دامي يلحق بكل الايام الدامية التي تتوالى على بلدنا وعلى مدينتنا التي طالما كانت ولودة معطاء للابطال فلم تكن اي حادثة دامية او معركة مصيرية على مر التاريخ الا وكان لذي قار الحصة الاكبر حيث يتسابق ابنائها على بذل ارواحهم حتى نكاد نراهم يتزاحمون في طريق الموت .
الثورات ليست جديدة والموت ليس النهاية والشهادة ليست بالغريبة عن العراق لكن الصور في مدينتي اكبر فشبابنا قدموا صورة رائعة و جعلوا من ارواحهم واحلامهم ودمائهم رمز للسلام والحرية على (جسر الزيتون)
لم يكونوا كارهين للحياة، وليسوا عشاق موت، فلديهم ما لدى البشر من أسباب البقاء احلام وامال وطموح ، لكن الذي يقف كالسد بينهم وبين الحياة هو حاكم مستبد حول نفسه إلى مشروع موت، يطارد كل حي وميت منهم، إنما يقترح نفسه عدوا للحياة برمتها
لم تكن لتلك المظاهرات التي احتوتهم ضوابط عمرية ولا فئوية ولا حزبية بقدر ما كانت وطنية بحته حيث جمعت ذلك الكم الهائل والمتنوع من الشباب الثائر تحت مسمى (عراقي) فقط لتغيير المعادلة بعد أن يئس الجميع من الوعود، وقدموا من اجل تحقيق المطالب سائرين على طريق (هيهات منا الذلة ) لأن أسباب الثورة على الظلم قد بلغت الحد الذي استُرخصت فيه الارواح .
ان قدسية الثورة لديهم هي الدافع الحقيقي والأساسي لأن يقوم شباب في عمر الزهور بالتضحية بأرواحهم، إنهم امنوا ان كل قطرة دم تسيل على الأرض تأتي أُوكلها ولو بعد حين .
شباب جمعتهم المطالب المعيشية ووحدهم ضد حكومتهم التي استقدمت جزارا ليتعامل معهم وكأنهم اعداء حيث زلزل حبهم لبلدهم ومطالبهم المشروعة ورفضهم للظلم السلطة الحاكمة ، فتعاملوا معها بقسوة كبيرة جعلت آثارها تتجاوز حدود الرد السريع الى سرعة قتل لا مثيل لها تخطف شهيد ينقذ شهيد يدافع عن شهيد ويسعف شهيد , لم يستعملوا حتى السلاح الأبيض بل تسلحوا ببياض ارواحهم التي اعتبرت سلاحا قاتلا جوبه بمنتهى الوحشية
انظروا إلى الطريق الواسع الذي فتحوه نحو الحرية. لاحظوا كيف انهارت هيبة دولة باكملها وانظروا كيف حطّموا قواعد القمع فهم أيقونة وعنوان كل نصر أو معركة، يرحل بعضهم جسدًا ويبقى فكرًا فبدون دمائهم ستبقى الثورة ميتةً لا حراك ومن أجلها انتفضت وعاشت بين الأحياء نعم هذا الجيل وشهدائه مبعث فخر لجميع محبي الحرية وصورهم التي ترتفع في العيون والاذهان مرتبطة باسم جسر الزيتون تعطي بعدا عظيما للسلام الذي استشدوا من اجله فسلاما على اغصان جسر الزيتون .