لا يمكن للفتنة صنع الإصلاح /سلام محمد العامري

الاثنين - 23/12/2019 - 14:45

واهِمٌ مَن يقول أنَّ ثورة هبت, دون تنسيقٍ وقيادة, سواءً كانت تلك الثورة سلبية أو إيجابية؛ إنما هي أسباب توافرت, فقام من يريد القيام, قام بثورته بعد جمع عدد يعتقد, أنه قادر على تحقيق ما يحلم به, 
روى الشيخ المفيد في الاختصاص, بالإسناد عن أمير المؤمنين, علي بن أبي طالب, عليه وآله الصلاة و السلام أنه قال "المتعبّد على غير فقه, كحمار الطاحونة يدور ولا يبرح، وركعتان من عالم, خيرٌ من سبعين ركعة من جاهل, لأن العالم تأتيه الفتنة فيخرج منها بعلمه؛ وتأتي الجاهل فتنسفه نسفاً" / راجع كتاب الاختصاص ألشيخ المفيد.
إنَّ ما يمر به العراق إحداث جسام, لها أسبابها التي تهيأت, وبالرغم من سبقها من أزمات, كان الاستنجاد بالمرجعية العليا, فكل الشعب مؤمن بأنها, المنقذ الذي لا مصلحة له, إلا حب الانسان والمحافظة على الوطن, لذا نرى بيانات المرجع الأعلى, تحث على الوحدة الوطنية, دون الركون لجهة دون أخرى, وعدم السماح للعدو, بالتغلغل إلى صفوف المؤمنين بوحدة الوطن, من أجل تحقيق مآربه الخبيثة.
ألمرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف, كانت ولا زالت ساخطة, على الساسة الفاسدين, الذين تسنموا الحكم بعد 2003, لما قاموا به من هدرٍ وسرقة, لثروات العراق ما أحدث, ظلماً للمواطن العراقي, الذي كان يتمنى الخلاص, من عهد الدكتاتورية البعثية, وحكم الجلاد صدام, الذي أدخل جعل من العراق, ساحةً للإضطهاد والظلم, فاستهدف العلم والعلماء, محاولاً إخفاء جرائمه, بطرق متعددة كالعمالة والخيانة, متناسياً أنَّ كل حُكام البلدان العربية, بما فيها العراق, ما هم إلأ عملاء معينون, من قبل الدول العظمى, ومن يعصي ولي أمر ولي أمره, يتم إقصاءه بترتيب أسباب, يقنعون بها جهلة الوطن.
عند دخول الجيش البريطاني, للعراق عام 1917, كانت بالشعار المعلن, تحرير العراق من العثمانيين, الذين أذاقوا أهل العراق الذل, بفرض الضرائب المجحفة, وتحالفاها مع ألمانيا النازية, لتظهر أنياب المحررين, متحولين للإحتلال فكانت المفاجأة للعراقيين, لينهضوا بثورة حزيران 1920, مدعومين بفتوى الجهاد الكفائي, الصادرة من المرجع الأعلى, ما جعل المحتلين بتأسيس الجيش العراقي, بعد عام من الجهاد الشعبي, الذي تكبد خسائر كبيرة, كان لعشائر الجنوب الثقل الأكبر, فجلبوا الملك فيصل الأول من ارض الحجاز, لولائه لحكومة بريطانيا العظمى.
ما جرى بتأريخنا الحالي, تصدت المرجعية العليا, لمخططات الإحتلال الأمريكي, فقامت باستفتاء شعبي, يطلب من الشعب الإدلاء برأيه, في نوع الحكم الذي يرغب به, ليختار الشعب النظام البرلماني, كي يكون اختيار الحكومة من قبل من يمثلهم برلمانياً, إلا أن بعض الساسة, التفوا على ذلك وكونوا حكومات, امتازت بالفساد والفشل, ما جعل المرجعية التوجه للشعب, كي ينتخب الأصلح والأكفأ, ولعد المتابعة لانشغال أغلب الشعب, بالحاجة للعيش والخدمات, فقد أخفقوا باختيار شياطين السياسة بأغلبية.
قامت آخر حكومة برئاسة عادل عبد المهدي؛ وحسب توجيهات المرجعية, بمحاولة محاربة الفاسدين والقصاص منهم, وتحسين الخدمات بخطوات سريعة, ما جعله يصطدم بالاستكبار العالمي, الذي ما أسقط صدام, إلا ليكون العراق, بقرة حلوب ترفد خزينته, فكانت الفرصة سانحة, وإيجاد الأسباب ليس صعباً, فحربها ضد جمهورية إيران الاسلامية, فتيلٌ يحتاج لشرارة لمساعدتها العراق, بالقضاء على داعش, وفتوى المرجعية بالجهاد الكفائي, وتأسيس الحشد الشعبي, كانت حاضرة في التحشيد للتظاهرات.
تحركت أذرعٌ مجهولة وقيادات شبحية, من خلال شبكات التواصل الإجتماعي, لتهب على غفلة من قبل الغافلين, وانشغال ساسة الفساد, بما يحصلون عليه من مناصب, تظاهرات عمت جميع تظاهرات الجنوب, مطلقة شرارتها الأولى من ساحة التحرير ببغداد, حاولت المرجعية العليا جاهدة, موصية الالتزام بالسلمية, من قبل الطرفين متظاهرين وقواتٍ امنية, إلا أن السيطرة باتت شبه مستحيلة, لحصل جرائم قتلٍ, وحرق دوائر ومكاتب سياسية.
جاء في الخطبة ليوم الجمعة 20/12/2019, بكربلاء المقدسة قراءة بيان المرجعية العليا, توصياتٌ تحتوي الحلول الناجعة ومنها" إقرار قانون الانتخابات الجديد, الملاحظ تعرقل اقرار قانون الانتخابات الى اليوم وتفاقم الخلاف بشأن بعض مواده الرئيسة، وهنا نؤكد مرة أخرى على ضرورة الاسراع في اقراره وأن يكون منسجماً مع تطلعات الناخبين" وهذه الوصية القيمة, للساسة في البرلمان الحالي.
هل سيعمل الساسة المعنيين, على السير بما اوصت به المرجعية العليا, متجنبين دخول العراق في النفق المظلم, وغلق الأبواب اما الفتنة, وعدم الانجرار للحرب الأهلية؟ أم انهم صُمٌ عمي لا يفقهون؟ وهل سيفلح الشعب, بفهم من يريد صالحه, فينتخب الأكفاء والصالحين, كي لا تضيع دماء الشهداء؟
" إنّ الفتن لتأتي فيضيع الناس في أمواجها؛ فإذا أدبرت وانتهت, عرف الناس حقيقتها ونهوا أمرها, وأنّها أفخاخ وضعت أمامهم" منسوب لأمير المؤمنين, علي بن أبي طالب, عليه وآله الصلاة والسلام.