نهضة الامام الحسين(ع) وعلاقته بالأمام المهدي(عج) / 3 بقلم : عبود مزهر الكرخي

الخميس - 12/09/2019 - 13:21


لو تتبعنا النهضة الحسينية كانت على مسار التاريخ مرتكز تتجمع حولها جميع الحركات الإنسانية والتي تسمى بالثورات الإنسانية ولهذا كانت نهضة  تخاطب الوعي المجتمعي ولجميع الثوار والأحرار ولهذا أصبحت كربلاء قبلة الثوار وكعبة الأحرار وهذا يعني ان ملحمة الطف كانت تحمل دلالات وقيم سامية لتمثل بوصلة يستدل بها كل الثوار والاحرار والقادة العظماء في العالم. ومن هنا كان لا بد من دراسة النهضة العاشورائية على اساس انها لها تشريعات للواقع الاجتماعي والسياسي والاهداف والتي تمثل مرتكز مهم ومؤسس لنهضة الأمام المهدي (عج) في آخر الزمان ومما لا يخفى على كل من درس وتتبع النهضة المهدوية أن هناك ارتباط وثيق بين النهضة الحسينية وقيام قائم آل محمد فالرابط المشترك ان تلك النهضتين تكون بقيادة أمام معصوم وعلى خط الله سبحانه وتعالى والرسالة المحمدية وإقامة دولة الحق والعدل الآلهي والتي توضح أن نهضة المهدي(عج) هي امتدادٌ طبيعي في ظل مسارات ثورة الإمام الحسين (ع).
تطابق الاهداف
ما هي الخصائص التي ستحملها ثورة الإمام المهدي(ع) في تنفيذ مشروع الإمام الحسين(ع) الإصلاحي والذي تأجل منذ عاشوراء سنة الواحد والستين للهجرة إلى يومنا هذا؟
هل هناك آيات مباركة أو أحاديث نبوية تُشير إلى علاقة المشروع الحسيني بنهضة الإمام المهدي(ع)؟
" يُوضح السيد الياسري، أن مسألة وجه الربط هو أن النهضة السماوية التي انطلق منها الحسين (ع) هي ذاتها التي سينطلق منها المهدي (عج) فكلاهما وبحسب الروايات الواردة يحمّلن نفس الأهداف والمُرتكزات والغايات التي أرادها الإمام الحسين (ع) والتي لم تتحقق له في سنة الواحد والستين للهجرة، بالتالي وبحسب رواياتنا الواردة فإنها ستتحقق للإمام الحجة سلام الله تعالى عليه والمقدمات لنهضة الحسين كانت مقدمات لشخصيته، حيث أن القرآن الكريم أعطى أرضية وحصانة للإمام الحسين عليه السلام من خلال النصوص الواردة فيه.
وأضاف الدكتور العبودي، أن الحادثة التي أراد فيها الإمام الحسين(ع) أن يُحييّ فيها الإنسان بعد أن سعت الكتلة الأُموية ومدرستها إلى أن تميت قلوب الناس وترشدها الى طريق الانحراف والإمام الحسين(ع) أراد أن يرشدها إلى طريق الحق وهو حق رسول الله(ص) وحق الله سبحانه وتعالى وكان شعار الحسين(ع) أنه: { ...ألّا ترون إلى الحق لا يُعمل به وإلى الباطل لا يُتناهى عنه... }(1).
فمن خلال هذا الامتداد ومن خلال هذه الحركة التي هي امتداد نبويّاً رسالياً ممتدة من آدم إلى نهاية الإنسان من هذه الأرض لذلك إن الغرض من العمل الإصلاحي لكل مسيرة الأنبياء هو أنه يعبّدون الإنسان لله سبحانه وتعالى ليكون خليفته على هذه الأرض بكل مُستحقات هذه الخلافة وأن الإمام المهدي(ع) سيُكمل مسيرة الأنبياء والأئمة (ع) في صناعة هذا الإنسان المُرتجى ليكون خليفة الله على هذه الارض "(2).
ومن أهم الأهداف التي تربط النهضتين هي عدة محاور وعناوين وأهم تلك العناوين هو المظلومية والمنصورية وقد ورد هذا الربط بين نهضة الحسين والحركة المهدوية في القرآن من خلال فهذه الآيات كانت تتحدث وأهم عنوان هو (المظلومية والمنصورية)أي ان هناك مظلوم وهناك ناصر ففي القرآن يصرح كتاب الله عز وجل قوله تعالى: { وَعَدَ الله الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا }(3). روى فرات الكوفي: عن السدي، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ...} إلى آخر الآية، قال: نزلت في آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم(4).
فمن هم الذين عملوا الصالحات.. هم الامام الحسين(ع) وأهل بيته وأصحابه المنتجبين في واقعة الطف والذين سيكون الخلف والآخذ بثأره هو الأمام المهدي(عج). ولهذا فأن قائم آل محمد سوف يكمل مسيرة الأمام الحسين(ع) وباقي الأئمة المعصومين ولهذا نقرأ في زيارة عاشوراء { ... فَأَسْأَلُ الله الَّذِي أَكْرَمَ مَقامَكَ وَأَكْرَمَنِي بك أَنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثارِكَ مَعَ إِمامٍ مَنْصُورٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ }وفي قول آخر { وَأَسْأَلُهُ أَنْ يُبَلِّغَنِي المَقامَ المَحْمُودَ لَكُمْ عِنْدَ الله وَأَنْ يَرْزُقَنِي طَلَبَ ثارِي مَعَ إِمامِ هُدىً ظاهِرٍ ناطِقٍ بِالحَقِّ مِنْكُمْ } لذا نحن في مُستحبات عاشوراء نقرأ:" واجعلنا من الطالبين بثأره مع امامٍ منصورٍ من آل محمد(ص) "وفي بعض الروايات ورد أن المظلوم هو الحسين(ع)، وإن المنصور الذي ينصره الله تعالى هو الإمام المهدي(ع) بالتالي يظهر لرفع كلّ الظلمات على مدى التاريخ، وإن أرفع مظلومية على مدى التاريخ هي مظلومية أبا عبد الله الحسين(ع).
وثأر الأمام المهدي(عج) يكون من خلال هذه الآية الكريمة {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}(5).
ومن هنا كان هناك ربط بين نهضة الحسين وحركة الامام المهدي(عج) وهي حركة منطقية فهناك تسلسل منطقي في حركة الأنبياء بدءً من آدم(ع) وصولاً الى النبي محمد(ص)لتصل الى قائم آل محمد(عج) والقرآن الكريم أورد هذا الربط بين الحركتين واهم شيء من هذا الربط هو التحدث عن المظلومية والمنصورية أي أنه هناك يوجد مظلوم وهناك منصور من آل محمد ينصر هذا المظلوم وهو مسدد من الله سبحانه وتعالى وبغض النظر عن الزمن والمدة وكل الروايات والاحاديث كلها تقول  ان الأمام الحسين(ع) هو المظلوم، وهو مصداق لقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }(6).
ولهذا وعد قاتلي الأمام من مجرمي يزيد بان وصفهم بأنهم كانوا يستهزئون بآيات الله حيث يقول { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ }(7).
ومن هنا كان حديث عن النبي الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم ) يقول : { افضل اعمال امتي ، انتظار الفرج من الله عز وجل }(8).
روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام: "انتظروا الفرجَ ولا تيأسوا من روح الله فإنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ انتظار الفرج"(9).
هذا الانتظار الذي يعتبر من أحبِّ الأعمال وأفضل العبادات كما عبَّرت بعض الروايات وهو انتظار قائم آل محمد عجل الله فرجه الشريف أرواحنا وأرواح العالمين لمقدمه الشريف الفداء...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.