يذهب أغلب المراقبين والمختصين بالشأن المالي بأن يكون إقرار قانون الأمن الغذائي والتنمية بديلاً مقصوداً لمشروع الموازنة الاتحادية لعام 2022،الأمر الذي يقف حاجزاً ومعضلا أمام المصالح الاقتصادية والمالية للدولة والشعب،ويكون سببا مباشرا في تأخير عمليات الاستثمار و حركة البناء والأعمار وتنفيذ الخطة العمرانية الكبرى للبلاد، كما أن إمكانية التصويت على هذا القانون يعرقل فرص استغلال الفائض المالي المتوقع في إنشاء صندوق يكون متعدد الغايات والأهداف والتي فيها استثمار وإطفاء ديون بدلاً من ذلك يراد تبديد الفائض من زيادة أسعار النفط الخام وليست إيرادات النفط ،ضمن قنوات صرف جديدة خارج إطار الرقابة والتدقيق التي ينظمها قانون الموازنة وقانون الإدارة المالية رقم 6 لعام 2019 ما يزيد من مخاطر الهدر والفساد على المال العام خاصة في ظل اضطراب عمل مجلس النواب والحكومة، الأمر الذي يعني دخول البلاد في فراغ دستوري ومستقبل مجهول لا يمكن أصلاحه.
لا يوجد مسببات لمثل هذا القانون الذي يحمل بين طياته الكثير من الألغام،إضافة إلى عدم وجود أي موجبات لإقرار مثل هذا القانون لعدم وجود مخاطر تهدد الأمن الغذائي للبلاد وبشكل الذي يتم تصويره إضافة إلى أن إلى أن التخصصات المالية للغذاء سارية بصورة منتظمة وليس هناك أي مشاكل في هذا الجانب،ما يعني لا توجد مبررات لمثل هذا القانون بالإضافة إلى أنه مثل هكذا قوانين من السهل الطعن بها لعدم وجود جواز تشريعي لها من قبل حكومة "تصريف الأعمال" إلى حين انتخاب حكومة جديدة وبصلاحيات دستورية كاملة،إضافة إلى أن البرلمان لا يمتلك الصلاحيات في تقديم القوانين التي فيها جنبه مالية حسب قرار المحكمة الاتحادية .
المادة (2) من القانون والتي تنص على أنشئ حساب بمقدار 25تريليون دينار ومنح صلاحية الاقتراض الحكومي بمقدار 10 تريليون دينار في دعم الحساب وبذلك فإن إجمالي رصيد الحساب 35 تريليون دينار وفقا للمادة (3/ أولا) من قانون تخصص نسبة 35% من الحساب المزمع إنشاءه لتمويل البطاقة التموينية وشراء محصولي الحنطة والشلب من الفلاحين هي أكثر من 10 تريليون وهو ما يعادل خمسة أضعاف تخصيصات البطاقة التموينية و مستحقات الفلاحين في الموازنة السابقة .
هذا القانون الذي أعيد طرحه من ضمن جدول أعمال مجلس النواب العراقي مرة ثانية،ورفضته المحكمة الاتحادية رفضا قاطعا،وذلك لكونه أعطي صلاحيات الحكومة أكبر من صلاحيتها في تصريف الأعمال فقط كما أنه يمثل اكبر ملف فساد في البلاد، إذ أن حصة المواد التموينية فيه لا تتجاوز 35% والباقي يذهب إلى تعيينات وأموال طائلة تذهب بعنوان أعمار الأقاليم ،تحديدا ما يعني أن هناك إرادة سياسية لتمرير هذا القانون،والعمل على إقرار وفق هذه المحددات دون أن تكون هناك أي جداول أو آليات أو خطة عمل واضحة لصرف هذه الأموال .
لا يوجد هناك أي مبرر لتشريع قانون بديل في الموازنة الاتحادية نظرا لما تمر من تضمنته المادة 13 من قانون الإدارة المالية رقم 6 لعام 2019 من عمليات الصرف في حال تأخر إقرار الموازنة والتي تشير بصورة واضحة إلى الصرف بنسبة واحد إلى 12 فما دون من إجمالي المصروفات الفعلية للنفقات الجارية للسنة المالية السابقة،بعد استبعاد المصروفات غير المتكررة على أساس شهري ولحين المصادقة على الموازنة العامة،لذلك فإنه في حال عدم إقرار مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية لسنة مالية معينة تعد البيانات المالية منها السنة السابقة أساس البيانات المالية لهذه السنة وتقدم إلى مجلس النواب لغرض إقرارها،لذلك فأن إقرار مثل هذه القوانين لها أثر خطير في حال أقرت لان الأيادي المسؤولة ليست نظيفة بالشكل التي يمكن الاعتماد عليها في عمليات صرف مثل هذه الأموال الطائلة.