قراءة في رواية (القابضة على أشواك الورد) للكاتبة ولاء إبراهيم حمود  بقلم / مجاهد منعثر منشد 

السبت - 30/04/2022 - 22:15


إطلالة ثانية جميلة للروائية الأستاذة/ ولاء إبراهيم حمود من لبنان في روايتها (القابضة على أشواك الورد) وهي ضمن سلسلة المرأة المقاومة وهذه السلسلة تضيء على قصص مشرفة لنساء عشن تجارب حياتية فقدن خلالها فلذات أكبادهن , أو أزواجهن ,أو تعرضن للأسر وغير ذلك مما حفلت به الحقبة المعاصرة من ألم ومعاناة خلال 1982ـ 2000م , فهذه الرواية هي العدد السابع من الإصدارات .
وأحب أن أنوه لمسألة قبل الحديث عن هذه الرواية وبطلتها العظيمة الشهيدة نوال ومن خطت الحروف وطرحت الأفكار النيرة لهذه القصة الرائعة .
إن أفضل البشر هم من يمتلكون الإحساس العاطفي ويهبون لذويهم قلبا وإحساسا مرهفا وبنور صادق هم المقاومون والمقاومات, إننا نسمع عن قصص سلوة العشق والذوبان القلبي بين المعشوقين الذي يخلو من رجاحة العقل عند عامة الناس ويصل إلى حد تتغطى عيوب بعضهما بستار لا يرفع حتى يجتمعا ويرى بعضهم عيوب الآخر فيتلاشى العشق شيئا فشيئا, بينما عشق المقاومين مستنبط من العشق الإلهي بعقل وقلب, إذ يخرق نوره جدار الجسد لتتعانق الأرواح , فالشهيد حوريته زوجته ومن أحبها لله ,من تذكره بعشق الخالق وتربي أبناءه على الوصول لله , عشقهم ببصيرة قلب , يرى كل منهما شفافية روح الآخر ويعالج عيوبه بمحبة أهل البيت عليهم السلام .
إننا لو فهمنا ذلك لعلمنا كيف كان ولع بطلة الرواية الشهيدة نوال بأخيها الاستشهادي عامر , تلك الفتاة المؤمنة التي خرجت من رحم طاهر ينتج الشهداء والأبطال وقلب ينبض ولسان يلهج بذكر الله وعشق محمد وآل محمد , وتفتحت عيناها على النور الالهي لتعيش في مناخ نسيم رياحه العطرة من صبر عقيلة الهاشميين وأجواء جهادية أدت إلى انصهار روحها الطاهرة بالمبادئ الإسلامية القيمة لتضحي بما تملك وتجود بالنفس وتستشهد مسمومة من قبل الاحتلال الاسرائيلي وأذنابه من العملاء .
والشهيدة نوال رافقت أخاها عامر في مسيرته الجهادية, داعمة له وحافظة لأسراره، وقد تقاسمت مع أمها مرارة إخفاء خبر استشهاده عن الجميع حتى عن والده وإخوته.
إنّ الكاتبة جعلت من روايتها الرائعة هذه متممة لروايتها (القابضة على الجمر ) , لكنها أكثر تفاصيلا عن الهدف من كتابتها ( سلسلة المرأة المقاومة ) فأفردت للشهيدة البطلة رواية . وفي الروايتين وحسب رأي القاصر البطلة الحقيقية هي (أنصاف محمد عاشور) أم الشهيد عامر والشهيدة نوال والمعتقلين رياض وعادل , 
والأديبة الكبيرة رغم قوة جدارتها في الأسلوب , أبدعت كذلك في التعبير , إذ تقول في افتتاحية الرواية( مناجاة إلى ريحانة السر الإلهي بين علي وفاطمة عليهما السلام) : 
(إليك سيدتي أرفع سيرة زينبية ,قبضت على أشواك الورد , حتى روته من نجيع يديها, وهي ترنو صابرة , إلى بهاء وجهك القدسي , راجية , أن تتفتح براعم ورودها ,بين يديك الكريمتين ,بعد أن غرستها جهادا ومقاومة ..في زمن الاحتلال الصهيوني اللئيم وعهد الاحتلال الحاقد). 
فأبدت جهدا فنيا كبيرا , وتألقت في الوصف وما يختلج داخل النفس لشخوص الرواية بحقائق وبدون مبالغة .
وتنقلنا الحوارات وسرد القصة إلى سؤال بعيد عن العمل الفني وهو أن الشهيدة لم تتزوج ولم يظهر لها ارتباط مع شخص معين أنتهى أثرها لا ولد ولا بنت يحيي ذكرها في الدنيا كمن لم يذكرهم ذاكر !
والملاحظ بأن الكاتبة بينت فكرة مهمة جدا من خلال روايتها هذه بأن الشهيد الذي لم يقترن ببعله والشهيدة التي لم تقترن ببعل بسقوط أول قطرة من دمائهم الطاهرة يخلد ذكرهم في الدارين ولو طال الزمان ما طال لابد وأن تسطر أمجادهم بالحروف الصادقة لتبقى هي الأولاد والبنات .
رحم الله الشهيدة الصابرة نوال توفيق كلاكش ورزقنا المولى عزوجل شفاعتها .
ووهب أستاذتنا الفاضلة المديد من العمر وتمام الصحة والعافية وكساها بثوب الصبر على فقيدها الشهيد إنه سميع مجيب.