العبادة في شهر رمضان الكريم / 2 بقلم : عبود مزهر الكرخي

السبت - 30/04/2022 - 21:56

 

من المعروف أن الصوم هو عبادة روحية كما ذكرنا من قبل وهو عبادة فيها من التفكر الشيء الكثير ، وعبادة التفكر في خلق الله وأسراره هي من أخلص العبادات وأعظمها ولهذا في حديث الأمام علي(عليه السلام) يقول ( التفكر في آلاء الله نعم العبادة ) (1).
الصوم اخلص العبادات
ومن هنا فهي أخلص العبادات وأقربها إلى الله سبحانه وتعالى هي عبادة التفكر ، وهي عبادة المخلصين ، ولهذا جاء عنه (عليه السلام): ( التفكر في ملكوت السماوات والأرض عبادة المخلصين ) (2).
وعباد الله المخلصين أن الشيطان ليس عليهم سلطان وهذا ما أخبره الله جل وعلا الشيطان عندما أخرجه عندما لم يمتثل لأوامر الله تعالى فقال له { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ }(3).
ليأتي الشيطان ويصف هؤلاء العباد عندما أمهله رب السموات للشيطان إلى يوم القيامة بقوله { إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ }(4).
فكان عباد الله المخلصين هم الأعلى منزلة ومكانة عند سبحانه وتعالى.
لهذا كانت عبادة الصيام من العبادات الخالية من الكفر كم ذكرنا من قبل ومضاف اليها أمر مهم وهو خلو الشيطان من هذه العبادة وعدم الدخول إليها ، وهنا جاء الحديث الشريف الذي يقول : { إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أبْوَابُ السَّمَاءِ، وغُلِّقَتْ أبْوَابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ }(5).
وأن الصائم الصحيح والذي بشروطه وشرائطه لا يكون الشيطان عليه ولياً ولا يتقرب إليه ، ولكن أصحاب الصوم الناقص ، يكون بإتمام الأمر الإلهي هو بأن يتم سلسلت الشياطين.
ومن هنا كان لا بد اغتنام هذه الفرصة في حلول هذا الشهر الفضيل والعمل على العمل بأحكام وشرائط هذا الشهر الشريف لكي يتم بالتالي الخروج من ولاية الشيطان والدخول في الرحمة الإلهية وبالتالي هي المغفرة والعتق من النار اجارنا الله منها وإياكم.
المعرفة الكاملة بأحكام شهر رمضان
وهي من الأمور المهمة التي ينبغي للمؤمن العمل بها ن فشهر رمضان هو شهر طاعة وعبادة وهو شهر فيه شروط وشرائط وأحكام ينبغي على العبد المؤمن معرفتها وبصورة شبه كاملة ، وليس عندما يبدأ الشهر تكون هناك الأسئلة والاستفتاءات عن أمور الصيام والأحكام بل يجب هو أن يكون على مدار السنة مطلّع على الأحكام الخاصة بالصيام والمعرفة ،بها ، وهذه هي جزء من التهيؤ والاستعداد لهذا الشهر الكريم وتعبر بالتالي عن مدى اهتمام المؤمن بهذا الشهر العظيم والذي ينبغي الاستعداد له وعلى مدار السنة.
الإستعداد النفسي لشهر الخير والبركة
وهذه النقطة مرتبطة بالنقطة السابقة وهي جزء من هذا الاستعداد ، ولكن نحب أن ننوه إلى مسألة مهمة وهي أن العبادة والطاعة في فلسفة الإسلام ليس لهما مواسم ومناسبات تؤدى فيهما ثم تهملان بعد ذلك، فالمسلم في عبادة وطاعة لله في كل لحظة، لكن اختص الله بعض الأيام ليكون أجر العبادة والطاعة فيها مضاعفاً، ومن هذه الأيام شهر رمضان المبارك، الذي يجب الاحتفاء به، لأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، احتفى به، وخصّه ببعض العبادات مثل الاعتكاف والتراويح، وحث فيه على طاعات أخرى مثل قراءة القرآن ومدارسته، لأنه الشهر الذي كرمه الله بنزوله فيه.
رمضان أعظم فرصة لمراجعة النفس، وتهذيب السلوك، والتقرب إلى الله بكل صنوف الخير، ولا ينبغي أن يفوت المسلم على نفسه هذه الفرصة، وهنا لا يكفي الالتزام بفريضة الصوم ليؤدي الإنسان ما عليه في رمضان، كما يظن البعض؛ بل يجب أن تتكامل فريضة الصوم مع باقي العبادات طوال هذا الشهر الكريم.
ولذلك، فإن من يفوّت على نفسه فرصة العبادة والطاعة في رمضان فليس له من عطاء هذا الشهر نصيب. وأدعو كل مسلم أن يتأمل قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في استقبال رمضان: «قد جاءكم شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغلّ فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر».
وهذا هو بَيانُ عَظَمةِ لُطْفِ اللهِ سُبحانَه وتعالَى، وكَثرةِ كَرَمِه وإحسانِه على عِبادِه ، في أنه وهب هذا الشهر الفضيل لعباده المسلمين لكي فيه نشر المحبة والتسامح والخيرات والقرب إلى الله عن طريق المسير في السبيل الصراط النفسي المستقيم والذي لا عوج فيه ولا انحراف بل هو طريق الإسلام الصحيح الخالي من كل الشوائب والأدران.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ غرر الحكم: 1147، 1792، 4494. ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٣ - الصفحة ٢٤٦٤. منشورات المكتبة الشيعية.
2 ـ نفس المصدر.
3 ـ [الحجر : 42].
4 ـ [ص : 81 ـ 83].
5 ـ الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري. أخرجه البخاري (1899)، ومسلم (1079).