النسب : صلة القرابات
تذكير القوم بما تتفاخر به العرب بالأحساب والأنساب , مرجعهم الوحيد أذا انقطعت الوسائل وتفككت الأسباب, كتماسكهم بالقومية العربية الرابطة التي تعتبر أقوى من كل الروابط , وأحكم من كل الوشائج ,هكذا في المحنة وساعة الضيق أختار الإمام عليه السلام في خطابه هذا الوتر الأكثر تحسسا عندهم بدون شدة وعنف وبالحكمة والموعظة الْحَسَنَةِ .
(أيها الناس: انسبوني من أنا، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، وانظروا هل يحل لكم قتلي، وانتهاك حرمتي، ألست ابن بنت نبيكم، وابن وصيه وابن عمّه، وأوّل المؤمنين بالله، والمصدّق لرسوله بما جاء من عند ربّه؟ أو ليس حمزة سيّد الشهداء عم أبي؟ أو ليس جعفر الطيار عمّي؟ أو لم يبلغكم قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) لي ولأخي: (هذان سيّدا شباب أهل الجنّة)؟
كلام تحاوري يحفز ذهن المستمع المتناسي المسائل المتفق عليها ولا يمكن أنكارها بالعودة لسؤال العقل عما تناساه .
ويعبر بالآدب عن هذا الخطاب بــ الإحالة , بمعنى غير منطوق الآن، ولكن ينبغي أن يكون مفهوما, فيقول لهم : أنا ابن رسول الله .
وهنا المقابل يستنتج بأن يزيد جاء من الفحشاء، يزيد أبوه معاوية , بمعنى أن قائدكم من حجر خبيث وبيت لا يعرف إلا القذارة , فالعهد قريب على الدعوة الإسلامية وجميعهم يعلم بتاريخ أبو سفيان وولعه بالزنا والخنا وشهرته بالفواحش عند العرب, فهو أول رجل قاوم الإسلام وأخر من أسلم .
وكانت مفاوضته عليه السلام م معهم مستمرة وقبل هذا الكلام خاطبهم : (أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول (ص)) !
المفروض مسلمون , أنتم الذين تقرون بالطاعة، وتؤمنون برسول الله، كيف تزحفوا لقتل ذريته وعترته؟
وبعد أن بين نفاق القوم مع أنفسهم , وتوصلت عقولهم لإجابة محدده وواضحة بأن لا دين لهم , عاد ليضرب على وتر الأحساب والقومية قائلا: عليه السلام : ويحكم، يا شيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحرارا في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون.
وكأن الإمام الحسين عليه السلام يسألهم في الساعة النكراء والموقف الحرج ,أين العصبية , أين الغيرة والحمية المشهورة عند العرب ؟
وبذلك سلام الله عليه كشف النقاب عن أنفسهم , فلا يستطيعون التمييز بين الحق والباطل , ولا دين لهم , ولا عربا , فأي نوع هؤلاء؟