المرحوم السيد محمد حسين فضل الله، يتميز عن باقي علماء الدين الاخرين انه كان يستطيع إيصال المعلومة الى الناس ...كل الناس، وكان يتميز بتقديم اسلام حركي ينطبق على الواقع الذي نعيشه، بعيدا عن الخيال والأوهام والامنيات، ونحن بطبيعة الحال بحاجة الى امثاله من "علماء الدين" او المتخصصين فيه، الذين يتكلمون عن الواقع الملموس، فهذا هو ما يهم "الناس" لتطوير أنفسهم ومجتمعهم ومؤسسات الدولة التي يعيشون فيها، لكي يكون الإسلام "كائن" يعيش بينهم في السياسة والاقتصاد والمجتمع والعلاقات الشخصية.
كان المرحوم فضل يتميز انه يمثل الإسلام الحركي وكان يربط الآيات القرأنية بالحاضر الحالي ,وكان يستطيع الوصول الى جميع طبقات المجتمع كذلك يستطيع الحوار مع الأشخاص المتخصصين و كذلك مع الناس البسطاء و هذه ميزة مفقودة عند الاخرين من العلماء او المتخصصين بالدين , الذين يعيشون في أبراج عاجية بعيدين عن الارتباط مع الناس و مشكلاتهم و حياتهم , و يقدمون خطاب طلاسمي لا يفهمه احد و لا يستوعبه كائن حتى "الجن" اذا صح التعبير , و هؤلاء يعتمدون الخطاب الغامض الغير مفهوم ويعتمدون على تقسيم المجتمع الى "خاصة" أي هؤلاء من يقدمون الخطاب الطلاسمي السحري الغير مفهوم , و "العامة" أي الناس العادية !؟ الذين يتم توصيفهم بالجهل وبالحاجة الى "التقليد" بعيدا عن التفكير!؟ وهذا لأعطاء انطباع بتميز مزيف يعيشه هؤلاء "المعممين الطلاسميون" وهم بذلك يعيشون نفس الدور للكهنوت المسيحي ك "طبقة لرجال الدين" وهي حالة غير إسلامية لمن يقرأ نصوص القران الكريم ويعيشها حركة في الواقع.
ذكري رحيل المرحوم السيد محمد حسين فضل الله ليست ذكرى اجتماعية ل "انسان" بل هي تذكرة ل "خط" يريد ان يعيش الإسلام في كل الواقع السياسي والاجتماعي والتربوي والاقتصادي من خلال ادوات الواقع نفسه ضمن الالتزام الديني بحركية القران الكريم التطبيقية في ذات الانسان وامتدادها في المجتمع ومؤسسات الدولة وكذلك لكي تكون "الحاكمية" للقران الكريم نفسه على كل الواقع لكي يتأسلم الواقع السياسي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي قرأنيا إذا صح التعبير في خط الصراط المستقيم.
الرجل قدم تجربة فكرية عميقة وتطبيقية لأقصى مدى وقدرة كان يمتلكها الى اخر لحظة من حياته وهنا كان تكليفه الشرعي ضمن واقعه ونحن هنا نعيش معه الخط الاسلامي الشرعي المرتبط بالقران الكريم كأساس للهداية والفلاح الانساني، وهذا هو ما كان يريد الرجل في حياته وما كان يسعى إليه.
ماذا حصل للحركة الإسلامية في مختلف انحاء العالم؟ وهو كان صاحب النظريات التغييرية القرأنية في كتبه التأسيسية إذا صح التعبير ك
كتاب خطوات على طريق الاسلام وكتاب الحوار في القران وكتاب الحركة الاسلامية هموم وقضايا وكتابه الموسوعي الفريد من نوعه "من وحي القران" وباقي كتبه الرائعة في المضمون والهدف والرسالة، والتي تصل الى أكثر من سبعين كتابا، ما عدا العشرات من المحاضرات والندوات والمقابلات والخطب.
هذه النظريات التغييرية اين هي في الواقع العراقي والسوري والخليجي والتونسي والجزائري والمغربي؟ اين امتداداتها في الواقع الغير "عربي"؟
هذه اسئلة كثيرة تحتاج الى نقاشات طويلة وصفحات كثيرة ولكن قد نستطيع الاضاءة على الواقع الحركي الاسلامي اللبناني إذا صح التعبير من باب النظرة السريعة التي نربطها مع ذكرى رحيل الانسان "المؤسس" لهذه الحركة الإسلامية على أرض لبنان العزيز.
مشروع الفكري للسيد محمد حسين فضل الله , اصبح معلقا في الهواء اذا صح التعبير , حيث لم يعمل احد على الاستمرار به , و نخص بالذكر "الإسلاميين" و الغير إسلاميين !؟ , وحاليا وصل لبنان "الدولة" الى مرحلة سقوط الهيكل على رؤوس الجميع , كما كان يحذر المرحوم فضل الله , من حيث الفساد و المحسوبيات و غياب "التدين الأخلاقي" و التدين الحركي التطبيقي , و انفجار العامل الطائفي , و انشغال الإسلامي مع الغير إسلامي في الاستفادة الشخصية من "الدولة" ومؤسساتها , التي انهارت من واقع الفساد الشامل الذي يعيش معه الإسلاميين في فراش واحد !؟ ضمن منظومة "حكم" يتجمع فيها شلة مجرمين وقتلة مليشيات الحرب الاهلية اللبنانية المنتخبين ديمقراطيا من اغلبية "الناس"!؟، هذه كلها عوامل واسباب ستؤدى الى انهدام كامل الهيكل للدولة اللبنانية والحركة الإسلامية على الجميع، وهو للأسف الشديد ما هو جاري حاليا مع المجاعة الحاصلة غذائيا وازمة الوقود وانهيار العملة الوطنية والاستيلاء على الودائع الشخصية للناس في سابقة "سرقة دولة لشعبها !؟" لم تحدث في أي دولة في على الكرة الارضية ما عدا لبنان!؟.
و رأينا كيف أصبحت الأحزاب "مافيات" و عصابات تجميع لأوباش البشر و حثالاته و مواقع للمزاوجة بين الامن و التجارة و هذه مأساة الأحزاب العربية بكل تفرعاتها و تنوعاتها فالأسلامي سقط كما سقط القومي و الماركسي اذا صح التعبير , و لعل ذلك منتوج ان الايمان الفكري "سطحي" بعيدا عن القاعدة الايمانية العميقة , او ان ذلك منتوج "طغيان" ثقافة المجتمع على الأفكار الدينية او القومية او الماركسية , فنجد على سبيل المثال عقلية البيك و العبيد في "جزء" من شعبنا العربي في القطر اللبناني و التي تحولت الى حالة أسوأ من عبادة الشخصية او تقديس القيادات الى مستويات مخزية من التضحية من "أجل سباط السيد!؟" أي من اجل حذاء "السيد" او "البيك". "
ان غياب التوجيه الفكري للحركة الإسلامية مع رحيل "المؤسس" السيد محمد حسين فضل الله , ادي الى سوء اداء وضياع نفس الحركة وسقوطها في السلبيات التي عاشها القوميون العرب او الانظمة الرسمية العربية و واضح ضرر غياب هذا التوجيه الفكري على مستوى سوء التعامل مع الناس و فشل الإدارة المؤسساتية ورداءة الخطاب السياسي الدعائي الفارغ الذي يتم تقديمه إعلاميا , وايضا "شبهات الفساد" الكبيرة التي تقال من هنا وهناك التي نتجت عن وجود الحركة الإسلامية في مفاصل الدولة اللبنانية والتي كان من المفروض ان يكون "ذلك الوجود للإسلاميين ، وجود "تغيير" و "تطوير" وكذلك "وجود" صناعة حركة في خط التطبيق لصناعة نماذج اسلامية اقتصادية تربوية اجتماعية تنظيمية مشرفة تشجع الغير اسلامي اذا صح التعبير بأن ينضم للحركة او ان يبدوا الاعجاب بها وبما تقوم به.
كان من المفروض ان يكون "تواجد" الحركة الإسلامية في داخل مواقع الدولة اللبنانية ليس "واقع" سيطرة وتحكم وانضمام لشبكات فساد من هنا وتثبيت ما هو سيء من هناك.
بل كان المفروض ان يكون واقع تغيير الى الأفضل، ولكن ما حدث هو انهم انضموا الى شلة مليشيات الحرب الاهلية اللبنانية ومجرميها الحاكمة، وأصبحت جزء من الشلة ومن المشاركين في "الحفلة" التي اسقطت الهيكل على الجميع.
تعود ذكري رحيل المرحوم السيد محمد حسين فضل الله والواقع العربي يصرخ من السقوط ويعيش فقدان لأي مشروع للتحرر وغياب الامل.
اين العرب؟ واين مشروعهم للتحرر؟ واين ستصل الحركة الإسلامية العالمية؟
ان النقاش مستمر وهذه اضاء لها وعنها في ذكرى رحيل الانسان المؤسس لهذه الحركة.
او أحد من ساهموا بقوة فيها.
رحم الله السيد محمد حسين فضل الله في ذكراه المتجددة، ونسأل الله العفو والعافية وحسن العاقبة ونحن نتحرك الى الموت لا محالة، وهذا قانون ألهى واقع على الجميع، ولن يبقى لنا الا العمل الصالح في خط التكليف الشرعي.