قال الباري جَلّ شأنه في كتابه المجيد"وَمَا كَانَ المُؤمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً, فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طَائِفَةٌ, لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَومَهُم إِذَا رَجَعُوا إِلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرُونَ" سورة التوبة آية 122
في رواية للإمام أبي جعفر الباقر، عليه الصلاة والسلام, أنّه قال لأبان بن تغلب: " أجلُس في المَسجد وافتِ الناسَ، فإنّي أُحِبُ أن يُرى في شيعتي مثلك" عن محمد بن مسعود العيّاشي/ عالم فقيه_ صاحب التفسير، المتوفّى سنة 320هـ.
تتعرض المرجعية العليا بين فترة وأخرى, لعملية هجوم ممنهجة من بعض المُتقولين, لزعزعة العلاقة بين المجتمع والعلماء, بشتى الوسائل الشيطانية, مستغلين ضعاف النفوس, تارة عن طريق مسائل عقائدية, وأخرى عن طريق إعلام مُضَلُّلٍ, ينتقد مقابلة العلماء, لبعض الشخصيات السياسية, ليس حِرصا على الدين، بل بقصد تشويه سيرة أولئك العلماء.
إنَّ معول التشكيك بالعقائد, من أخطر المعاول تهديما, لا سيما إن أتَت أو نُسبَت الشكوك , لأشخاص مقربين وأقرباء للعلماء, بالرغم من الكذب الواضح فيها عند العقلاء؛ ومن يمتلكون عقولاً صُقِلَت, على الثقة التامة بمراجع الإسلام, بالرغم من المواقف الجليلة, التي يشهد لها القاصي والداني, فتراهم يتصيدون بالماء العكر, مع أنهم يستنجدون بالمرجعية الدينية, عند حصول الأزمات والملمات!
مع أنَّ الأدلة من القرآن الكريم, التي تحث على التفقه في الدين, وسيرة الأئمة الأطهار عليهم الصلاة والسلام، التي تؤكد على اتباع رواة حديثهم، وهم العلماء الفقهاء المتبحرين في الدين, فلا يحكمون إلا بدليل, يُعتَمَدُ بصِحته على القرآن والسنة النبوية, وسيرة الأئمة المعصومين, تحت قاعدة" نحن أهل الدليل, أينما مال نميل" و لا يتم الحكم خلاف القرآن والسنة, فإن لم يتم الإستنباط المُقنع، يلجأ العلماء إلى سيرة آل النبي الأطهار.
مع كل ما تقدم فإنَّ استهداف المنافقين, لمراجع الشيعة مستمر, عبر القرون السالفة إلى يومنا هذا, فمنهم من يصفهم بعملاء المحتلين, ومنهم من يقول زورا وبهتانا أنهم, لا يشجعون على المعارضة الشعبية للحكام الظلمة؛ كالذي نقل كَذباً, على السيد الخوئي قدس سره, عند لقائه زوجة الشاهنشاه, محمد رضا بهلوي, بعد زيارتها للعراق, قبل سقوط الحكم الملكي هناك, ووقوف المرجع الأعلى, مع حكومة الشاه ضد الشعب الإيراني الثائر, بل زاد على ذلك, أنه أهداها خاتمين, وما إلى ذلك من أكاذيب, تم كشفها من قبل أحد أصدقاء, الإعلامي الكاذب.
لا يقل خطورة عن تلك الإشاعات, واستهداف المراجع, ما يجري في زمننا هذا, من تهجم على المرجع الأعلى, السيد علي السيستاني_ دام ظله الوارف, فمنهم من يقول بموته عندما أحجم, عن مقابلة الساسة الفاسدين والفاشلين, ومنهم من سار بنهج آخر, حيث دعوا المرجعية العليا, لتأييد الإحتجاجات الشعبية, وعندما تم ذلك أخذوا يملون على المرجعية؛ إملاءاتهم بكل ما يحملون, من جهل بعواقب الأمور وما ينتج عن الأفعال غير السلمية.
في رواية للإمام أبي جعفر الباقر، عليه الصلاة والسلام, أنّه قال لأبان بن تغلب: " أجلُس في المَسجد وافتِ الناسَ، فإنّي أُحِبُ أن يُرى في شيعتي مثلك" عن محمد بن مسعود العيّاشي/ عالم فقيه_ صاحب التفسير، المتوفّى سنة 320هـ, لقد كان ذلك بوجود الإمام المعصوم, وهي عملية تأهيل وإختبار وتحفيز.
فهل يعي الشعب العراقي على الأخص, خطورة ما يمر به البلد؟ وما هو السبب الذي يدعو للتجاوز, على المرجعية العليا؟ نعود للماضي القريب عام 1920, وقيام المرجعية العليا حينذاك, بالفتوى الجهادية وثورة العشرين الخالدة, ضد الإحتلال البريطاني, وما قامت به المرجعية العليا الحالية, فتوى الجهاد الكفائي ضد داعش, لإسقاط المخطط الأمريكي.
ليعلم كل من لا يعلم, ولم يقرأ تأريخ المرجعية العليا, أنها لا شرقية ولا غربية, وعملها هو الحفاظ على الشعب الإسلامي, من التيه والمحافظة على كرامة الشعب, ولا يمكن أن تصبح تابعة, للسياسة التي تحمي الظالمين والمغتصبين, ولا فرق بين المرجع الحالي والمراجع السابقين.